من رأى المشهد الغريب الذي جسدته الطفلة أروى الجالسة إلى جوار عائلتها وهي تذرف الدموع بعد أن أدرك المنتخب التونسي التعادل مع منتخبها الوطني في الثواني الأخيرة من المباراة، من الصعب عليه أن يحبس عواطفه الجياشة، مشهد الطفلة الصغيرة وهي تضع في يدها اليمنى علم وطنها الغالي وتتوشح بآخر، حمل أجمل العبارات، حتى وجنتيها حولتهما إلى لون وطني أخضر، أروى كانت وعدت أهلها باحتفال مميز على طريقتها البريئة بعد أن يحقق المنتخب السعودي انتصاره الأول في كأس العالم، وعلى رغم النتيجة التي خيبت أحلامها الصغيرة إلا أنها صمدت بعلمها ووشاحها وهي تتمتم:"سينتصر منتخب بلدي في المواجهة المقبلة على أوكرانيا، وسأوقد شموعي وأعمل حفلتي الخضراء لعائلتي"، قبل أن تضيف"أنتم أفعلوها أيضاً"... عبارة بالغة التأثير قالتها الصغيرة تجاه فلاشات المصور، الذي اكتفى بابتسامة متواضعة مع هزة رأس بسيطة إلى الأمام. الشارع السعودي لم يصدق بدوره أن دفاع منتخبه سيحرمه من فرحة الفوز، بعدما حول تأخره بهدف في الشوط الأول إلى انتصار في الشوط الثاني، وقبل أن يتمكن اللاعب التونسي راضي الجعايدي من قتل فرحة السعوديين في الرمق الأخير من عمر المباراة، إدراك التعادل في الوقت القاتل كان أشبه بالقشة التي قصمت ظهر البعير، ففي الشارع خرج بعض المواطنين من الاستراحات إذ كانوا يتابعون المباراة للهروب من زحمة السيارات التي تلي انتهائها، لكنهم ما أن أغلقوا أبواب سياراتهم حتى جاءتهم الأخبار غير السارة عبر رسائل الجوال، وعلى رغم ذلك خرج الشبان إلى الشوارع مفضلين الفرح على الخيبة حتى ولو جاءت النتيجة بالتعادل. وشهد أحد المجمعات العائلية في جدة، والذي تابع المباراة في صالاته المتعددة، المشهد مؤثر، الأطفال برفقة أهليهم يحملون الأعلام والشعارات والشالات، ويضعون الصبغات على خدودهم وشعر رؤوسهم، احتفل الشبان بشكل كبير مع الهدفين الأول والثاني السعوديين، وما أن انتهت المباراة حتى صدحت القاعة بأهازيج المنتخب السعودي..."ياسلامي عليكم يالسعودية"،"الله معك يالأخضر"،"هذه بلادي". وأكد كثير من السعوديين أن المشكلة الكبرى في صفوف المنتخب كانت في خط الدفاع، الذي لم يكن في"الفورمة"وافتقد التجانس، لكنهم يأملون تدارك الوضع في المواجهات المقبلة، ولا بد من دعم المنتخب حتى آخر مواجهات هذا الدور. بطل الرالي السعودي السابق عبدالله باخشب بعد هدف الجعايدي تنهد وقال:"تابعت المباراة من خلال مركزنا الذي جهزناه بأحدث الوسائل التقنية، نظراً إلى كثافة إقبال الجماهير الرياضية عليه، وكذلك العائلات السعودية والعربية، إذ اكتظ بهم المكان، وسعدت كثيراً بمشاركتهم ومؤازرتهم"الصقور الخضر"بكل حماسة حتى اللحظة الحرجة التي جاءت في الوقت الحرج في نهاية المباراة، لكن الجميل أن الجماهير السعودية لا تزال تشعر بالأمل في تجاوز منافسهم في المباراة المقبلة، والتعادل الذي حدث لا يقلل من العزيمة السعودية، وقد شاهدنا شوطاً ثانياً سعودياً في معظم فترات المباراة، وإذا كانت هناك بعض الأخطاء إلا أنني واثق أن الجهازين الفني والإداري سيجدان الحل الشافي لها، وسنواصل الفرحة بالمنتخب السعودي حتى آخر مبارياته.