يتذمر علي سعد من برود زوجته، وعدم اهتمامها به، على رغم تأكيده قيامها بتدبير جميع شؤون المنزل والأطفال، إلا أنها لا تمنحه العاطفة والدفء اللذين يحتاجهما, ما أوصله إلى حال من الاكتئاب والانعزال عن المجتمع. يقول:"حاولت جذب انتباهها من طريق الخروج المتكرر من المنزل، ولكن من دون فائدة تذكر، وأفكر حالياً في الابتعاد عنها أو الطلاق". أما خالد محمد المتزوج منذ أكثر من 14 عاماً، فيقول:"زوجتي غير متفاعلة معي، ولم تسألني يوماً عن طبيعة عملي، ولا تشاركني في التفكير في وسائل التخلص من ديوني المتراكمة، مع أنها غير مسرفة، ولكنها لا تكترث لموازنة الأسرة". الصمت... والضحية عمر 35 عاماً يحاول فتح حوار مع زوجته، ويسترسل:"تبادلني بالصمت، أو الرد باقتضاب شديد، وأحياناً تزج بأطفالنا في حديث لا يعجبها، لتعلن أنها الضحية وأنني المجرم". أما رجل الأعمال محمد 41 عاماً فيشتكي من تدخل زوجته المستمر في عمله ويقول:"بعد تجربة زواج دامت 13 عاماً، وإنجاب خمسة أطفال، وصلت خلالها إلى وضع مادي ممتاز، وشعرت بأهمية إشراكها في كل تفصيل يختص بعملي بعد وقوفها بجانبي طوال تلك السنوات"، وأشار إلى أنها بدأت فجأة بعد اطلاعها على تفاصيل تجارته، تطالبه بمبالغ خيالية. ويضيف:"تحاسبني حتى على ما أعطيه لأهلي، وتلاحقني في العمل من خلال التحدث مع الموظفين والأصدقاء". والموظف أحمد 38 عاماً يقول:"عشت مع زوجتي 14 عاماً، وهي تقوم بكل واجباتها تجاهي، ولكنها كانت ترفض تحمل أي مسؤولية، إلا أن الظروف أجبرتها على ذلك لانشغالي وسفري الدائم"، موضحاً أنه منحها مصروف المنزل، فأهملته تماماً، وحين حاول مناقشتها في الأمر قابلته بنوبات البكاء. ويضيف:"حين نذهب للتسوق، ويختار أحد الأطفال رداءً معيناً لا يعجبها، تعترض تاركة المتجر بحجة أنني دائماً ما أخطئها أمام أبنائنا". ويوضح المهندس عبدالعزيز 34 عاماً أنه يهوى شراء السيارات الفاخرة، ولديه الإمكانات المادية لذلك، ويقول:"هوايتي لا تؤثر في التزاماتي العائلية"، مبيناً أنه ما إن يقتن سيارة جديدة ويذهب إلى زوجته، حتى تقابله بالامتعاض والاعتراض، ويصفها ب"النكدية". ذنب"التنشئة" يؤكد المتخصص في العنف الأسري الدكتور سعد الزهراني أن إيذاء المرأة الرجل، قد يوجد نظرياً، مشيراً إلى أن ثقافة المجتمع هي المحرك الرئيس لظاهرة العنف، وأن المجتمعات الإسلامية تعتمد على الثقافة الدينية، التي توصي المرأة بأن تكون مطيعة لزوجها، وتجعلها في وضع بعيد من الاصطدام مع زوجها. ويقول:"إن حدث مثل هذا فلن يتجاوز حد السباب، وهي حالات لا تدخل ضمن الإيذاء الجسدي، وأتوقع أن هذه الظاهرة تكاد تكون معدومة في المجتمع السعودي، وإن وجدت فقد تتسبب في الطلاق". وأرجع الزهراني أسباب تلك الحال إلى التنشئة الاجتماعية التي مرت بها المرأة، وأن الأسرة تكون غير مستقرة، إضافة إلى تعرض الزوجة لخبرات سيئة أثناء طفولتها، فيصبح الإيذاء النفسي إحدى وسائل الدفاع التي تستخدمها. السعوديات نكديات وتصنف الاستشارية النفسية في الإرشاد الزوجي نادية التميمي هذه الحالات، على أنها ناتجة من سوء المعاملة المندرجة تحت ثلاثة أنواع"الإيذاء اللفظي، الجسدي، النفسي"، والأخير يتضمن تهديدها المستمر بترك المنزل، لافتة إلى أن معظم الرجال يعانون من الإيذاء النفسي، ثم الإيذاء اللفظي، وأخيراً الجسدي. وتوضح أن معظم الرجال يشتكون من الإيذاء النفسي، والاستفزاز المستمر من زوجاتهم، ما يتسبب لهم بالقلق، والاكتئاب، والإحباط، والفوبيا، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الطلاق أو زواج الرجل من أخرى. وتؤكد أن بعض الرجال يعانون من سلبية زوجاتهم، وعدم تفاعلهن، وعدد الرجال الذين يشتكون من زوجاتهم مساوٍ للنساء المتضررات من أزواجهن. وأضافت الدكتورة التميمي أن المرأة قد تجد المبررات لأفعالها، إذ إنهن يقلن:"نقوم بحقوقنا كاملة، ولكن الأزواج لا يؤدونها كما يجب". وذلك بعد سماع الشكوى كاملة من الرجل، و ظهور الأعراض النفسية عليه، من قلق، وغضب، وسرعة انفعال. وعندما يقول الرجل:"أنا لست سعيداً، وغير مستقر، وغير راضٍ عن عدم مشاركة زوجتي لي"، نساعد الطرفين على اكتشاف الخلل في حياتهما الزوجية، فقد تكون مصادر الخلل لدى المرأة مختلفة تماماً عنها لدى الرجل. وتشخص جوهر المشكلة في مطالبة الرجل المرأة بالعيش ضمن أقنعة مختلفة معتبرة ذلك مجهداً للغاية، ما يستنزفها ويؤدي إلى تغير تعاملها مع الزوج كرد فعل ما ينتج منه هروب الرجل للزواج من أخرى. ونصحت النساء بالتحدث مع أزواجهن من دون خوف وانتهاج الصراحة، وأضافت:"الحياة الزوجية ليست لغرض الارتباط، أو الإنجاب فقط، ولكن يجب أن يكون الطرفان سعيدين".