"5 ضوابط" جديدة بمحمية "الإمام تركي"    نجاح تسويق الرؤية    379 مليار ريال القيمة السوقية للشركات المدرجة بقطاعي الاتصالات والتقنية    "جنّات" جازان تثمر 30 نوعاً من "الفواكه"    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    140 مقبرة جماعية في غزة    مساعد رئيس مجلس الشورى تلتقي بوفد من كبار مساعدي ومستشاري أعضاء الكونغرس الأمريكي    حزب الله يطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل ردّاً على مقتل مدنيين    الفيحاء يستقبل الطائي.. والأهلي يحل ضيفاً على الرياض.. والوحدة يلتقي الحزم    هلاليون هزموا الزعيم    حجار التعصب تفرح بسقوط الهلال    فرنانديز ينقذ يونايتد من السقوط أمام شيفيلد بدوري إنجلترا    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    لا تستعجلوا على الأول الابتدائي    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    أهلاً بالأربعين..    مكتبة الملك فهد تُطلق مبادرة "الوصول الحر" لإصداراتها    الصفراني يبرز جذور الحداثة الأدبية والنقدية السعودية    النفع الصوري    حياكة الذهب    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    الإسباني "خوسيلو" على رادار أندية الدوري السعودي    عيدية كرة القدم    جاسم أحمد الجاسم عضو اتحاد القدم السابق ل"البلاد": الهلال يغرد خارج السرب.. وحديث المجالس وضع" هجر" في مهب الريح    بتوجيه أمير عسير إنطلاق برنامج "حياة" للإسعافات الأولية في مدارس التعليم بالمنطقة    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أمير الشرقية: القيادة تولي العلم والتنمية البشرية رعاية خاصة    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    افتتاح ثلاث مدارس للطفولة المبكرة في اللِّيث    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    مسبح يبتلع عروساً ليلة زفافها    "إكس" تطلق تطبيقاً للتلفاز الذكي    اكتشاف بكتيريا قاتلة بمحطة الفضاء الدولية    زراعة 2130 شجرةً في طريق الملك فهد بالخبراء    دورة تأهيلية ل138 مستفيداً ومستفيدةً من برنامج الإعداد للابتعاث    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    961 مليونا ً لمستفيدي «سكني»    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    معرض عسير يستعرض فرص الاستثمار العقاري    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    الديوان الملكي: الملك سلمان غادر مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة بعد أن استكمل الفحوصات الروتينية    أمير حائل يرفع الشكر والامتنان للقيادة على منح متضرري «طابة» تعويضات السكن    أمير عسير يواسي أسرة آل جفشر    وزارة الخارجية: المملكة ترحب بنتائج تقرير اللجنة المستقلة بشأن أداء «الأونروا»    صندوق النقد يدشن مكتبه الإقليمي بالرياض    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    إشادة عالمية بإدارة الحشود ( 1 2 )    طريقة عمل ديناميت شرمب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استجلاب الحل من تورا بورا . حول استراتيجية "القاعدة" في سورية
نشر في الحياة يوم 23 - 08 - 2013

نتيجة للامركزية الثورة، وعدم قدرة أي طرف سياسي أو عسكري على قيادة المشهد واحتكار التأثير الفاعل في القطاعات الواسعة لمجتمع الثورة المتباين، لم تترتب بفعل اضطراري أو تُصاغ بفعل إرادوي أي استراتيجية واضحة وممنهجة، مدنية، سياسية، أم عسكرية لإسقاط النظام من جانب المعارضة السورية.
غياب الاستراتيجيات لدى النخب جعل حراك الشارع ومجرياته ومن ثم تداعياته على الأرض بمثابة القائد الفعلي للنخب السياسية والموجه الفعلي لسلوكها، وهذا بالمجمل ساهم بتشتيت الفاعلية الثورية المدنية والسياسية والعسكرية وانكفائها نحو ردود الفعل الأشبه ب"الطبيعية"تجاه الفعل المخطط والمنظم للنظام وحماته المحليين والإقليمين والدوليين.
الطرف الوحيد تقريباً الذي خرج من هذه الدائرة المغلقة وغير المنتجة أو القابلة للبناء هم السلفيون الجهاديون، مُمثلين ب"جبهة النصرة"بداية ثم دولة العراق الإسلامية ثانياً، بالإضافة لعدة ألوية وكتائب تميل نحو التوجه السلفي الجهادي دون انخراطها الواعي باستراتيجياتهم المدروسة والبعيدة المدى.
يلخِّص المحلل الاستراتيجي الإسلامي وهو من كبار كتاب السلفية الجهادية في العالم عبدالله بن محمد هذه الإستراتيجية في كتيِّبه المنشور على الانترنت"استراتيجية الحرب الإقليمية على أرض الشام". وهو يدعي في مقدمته أن نشر الكتيِّب جاء بعد أن افتضح أمره ووصول نسخته إلى المخابرات السورية، ونحن سنلقي الضوء هنا على أهم عناصر هذه الإستراتيجية ومدى خطورتها على الواقع السوري وتحولاته الثورية.
العنصر الموجه لهذه الإستراتيجية هو تحويل الجهاد الإسلامي من جانبه الفردي والنخبوي كما عبرت عنه الحركات الجهادية في أفغانستان واليمن والعراق وباكستان وغيرها، المدرجة تحت مسمى القاعدة، إلى جانبه الجماعي على مستوى الأمة، وهو ما يسميه"جهاد الأمة"، ويرى الكاتب أن الجهاد على أرض الشام هو الفرصة التاريخية والحد الفاصل الذي يفتح الطريق الواسع لعودة الأمة الإسلامية الصلبة والخروج الكامل من الهيمنة الغربية وصولاً لتحرير القدس.
بعد تحليل مهم وقيِّم لسير الثورات العربية من تونس إلى مصر فليبيا ثم سورية، وتفسير لكيفية التعاطي العربي والإقليمي والدولي معها، ينطلق الكاتب من أن طبيعة النظام السوري الشمولية وتاريخه القمعي وتركيبته الطائفية وتحالفاته الإقليمية والدولية، من جهة أولى، وجذرية الثورة وامتداداتها من جهة ثانية، لن تترك أي مجال للحل السياسي المزعوم، الأمر الذي لا بد من استثماره في توسيع القاعدة الشعبية للجهاد وخلق الأرضية المناسبة للعمل الجهادي على"المسرح الشامي".
تعتمد الإستراتيجية على ثلاثة مبادئ أو مرتكزات إرشادية هي:"المرونة"و?"الدور الوظيفي"و?"استمرارية الصراع"إضافة إلى جانب تنفيذي يسميه"خطة الباب". والمقصود بداية بالمرونة هو القدرة على التأقلم مع متغيرات الوضع السياسي والعسكري على الأرض والعمل ضمن استراتيجية تحرك مرنة في وضعية الحركة والثبات، ويضرب مثالاً للمرونة هو تجربة"حزب الله"في الحرب الأهلية اللبنانية وما بعدها، حيث دخل الحزب كطرف ضعيف بين أطراف متقاتلة عدة ولكل منها حماية دولية مختلفة ليخرج الطرف الأقوى بينها نتيجة اعتماد القيادة الإيرانية التي أنشأته على استراتيجية مرنة تمثلت في ثلاث نقاط هي الحاضنة والغطاء والموقع المساعد.
أما الدور الوظيفي الذي على المجاهدين أخذه في الاعتبار فهو ثنائية الحكم والإدارة، بحيث أن طبيعة الحرب المؤهلة للاستمرار على أرض الشام تقتضي عدم التفات المقاتلين الكلي لإدارة المناطق"المحررة"أو انشغالهم بتقاسم الغنائم، كما كان أمرهم في العراق مثلاً، ولكن لا بد في الوقت ذاته من تقديم الخدمات الاجتماعية وتسيير معاملات الناس الشرعية كي تبقى الحاضنة موجودة ومتماسكة.
ولكن العنصر الأهم في نجاح الاستراتيجية هو"استمرارية الصراع"فتوقف الصراع يعني الشعور بالأمان وعودة القوة المدنية وفاعليات المجتمع المدني للنشاط ما يشكل خرقاً للاستراتيجية وتعطيلاً لأهدافها. فعلى الصراع أن يستمر كي تبقى الحاضنة متماسكة وتتحول نحو جهاد الأمة كخيار وحيد أمام الإصطفافات الإجبارية التي ستفرضها طبيعة الحرب وتشابكاتها الطائفية والإقليمية والدولية.
هذا الترتيب يمنح صفة غير بريئة لتصريحات الظواهري أولاً ثم الجولاني وبعده البغدادي، وفي أوقات حرجة بالنسبة للثورة وصورتها في الداخل والخارج، وهذا ما دعا العديد من الناشطين إلى القول إن"النصرة"تابعة للنظام وتقوم بالتنسيق معه، مع أن الأمر لا يتعدى تلاقي السياقات والمصالح على رغم اختلاف العقيدة والأهداف البعيدة. وفي الواقع فإن معلومات متواترة وغير متزامنة من درعا أفادت أن"جبهة النصرة"منعت مقاتلي"الجيش الحر"عن اغتنام مستودع أسلحة بعد السيطرة على إحدى الكتائب وقامت بحرقه، وفي حادثة أخرى انسحبت من المعركة قبل النصر بقليل ما حولها إلى هزيمة، ويشاع في أوساط الناشطين بدرعا أن"جبهة النصرة"تسلك سلوكاً غريباً وغير مفهوم فهي لا تدخل معركة عندما يكون الانتصار سهلاً وأكيداً، ولكن هل يبقى استغراب عندما نعلم أن استمرار الصراع هو أعزُّ أهدافها؟
أما العنصر التنفيذي في الاستراتيجية والمسمى"خطة الباب"فهو يستجلب الحل من تورا بورا، كما يقول الكاتب متغنياً بذكاء الشيخ أسامة بن لادن، وبعد تأمل في الخريطة السورية يستنتج أن باب الدخول، أو تورا بورا سورية، هي جبال الساحل التي تعتبر أهم مكان استراتيجي للتوجه نحو الجنوب، حيث المعركة ابتداء من هناك ستربك النظام وتهدد حاضنته الاجتماعية وتهجِّرهم نحو الداخل، وتفسح المجال واسعاً للتزود بالمؤن والسلاح من إدلب أو من البحر على اليمين أو تركيا من الخلف كما أن طبيعة المنطقة الجبلية والغطاء الأخضر ستمنع النظام من استخدام دباباته ومدفعيته بشكل فاعل.
ليس علينا القول إن معركة الساحل اليوم هي ل"جبهة النصرة"و"دولة العراق الإسلامية"، إلا أن قوانين الحرب وموازين القوى المباشرة والخذلان الدولي قد تجعل من"الجيش الحر"خادماً غير مباشر لاستراتيجيات"القاعدة"في سورية، وليس سوى مكر التاريخ من يقلب الأدوار ويغير المعادلة.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.