نائب أمير القصيم يستقبل المدير التنفيذي للمجلس الدولي للتمور ويتسلم تقرير المكتبات الخاصة    البحرين تستضيف مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط للنفط والغاز والعلوم الجيولوجية (ميوس وجيو) في سبتمبر 2025    "Ulsan" بطلاً للمرة الثانية في لعبة "Tekken 8"بكأس العالم للرياضات الإلكترونية    أمير تبوك يطلع على تقرير بداية العام الدراسي الجديد بمدارس المنطقة    خمسة أطفال يستعيدون ابتسامتهم عبر "ابتسم"    ماكرون يتوجه غداً إلى واشنطن مع زيلينسكي    خادم الحرمين الشريفين يصدر 3 أوامر ملكية    معالي نائب وزير الرياضة يتوّج الأسترالي نيل روبرتسون بلقب بطولة الماسترز للسنوكر 2025    شاهد.. عودة المعلمين والمعلمات استعدادًا لانطلاق العام الدراسي الجديد 1447ه    إطلالة وادي خلب تحتضن مبادرة سقيا الماء الذي نفذته جمعية يُسر    مدير فرع هيئة الصحفيين السعوديين بجازان يزور مركز التراث الثقافي    نائب أمير جازان يزور بيت الحرفيين ومركز الزوار بفرع هيئة التراث بالمنطقة    نادي فنون جازان يطلق معرض "صيف السعودية 2025" الفني الرقمي    "ذهب أستراليا و11 ميدالية من كازاخستان.. تايكوندو السعودية تواصل حصد الإنجازات العالمية"    اطلاق أكبر رحلة استكشاف للنظم البيئية البرية بعد الانتهاء من رحلة العقد البحرية    "إثراء" يعلن المسرحيات الفائزة بمسابقة المسرحيات القصيرة بنسختها الخامسة    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع وزارة الصحة بمناسبة تعيينه    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق حملة "تعلّم بصحة" للعام الدراسي الجديد    العيسى يزور التحالف الإسلامي ويلقي محاضرة عن تحولات الفكر المتطرف    فرصة عقارية كبرى بمزاد جوزاء الرياض العلني الهجين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية إندونيسيا بذكرى استقلال بلاده    المياه الوطنية: 24 ساعة فقط على انتهاء المهلة التصحيحية لتسجيل التوصيلات غير النظامية    مستفيدين جمعية السرطان السعودية برفقة أسرهم في زيارة روحانية للمدينة المنورة    إصابة فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    الصين تطلق فئة جديدة من التأشيرات للشباب المتخصصين في العلوم والتكنولوجيا    6 اضطرابات نفسية تؤثر على الرياضيين النخبة    علماء كوريون يطورون علاجًا نانويًا مبتكرًا لسرطان الرئة يستهدف الخلايا السرطانية    العدل تطلق خدمات مركز الترجمة الموحد    طبيبة مزيفة تعالج 655 مريضاً    يونيسف تحذر: مئات الأطفال يواجهون سوء التغذية    2.1 % نسبة التضخم    49 % حداً أقصى لتملك الأجانب للأسهم    «ماما وبابا» في دور السينما 27 الجاري    فسح وتصنيف 90 محتوى سينمائياً خلال أسبوع    شراحيلي يكرم أهل الفن والثقافة    المشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون مكة متجهين إلى المدينة المنورة    تحذيرات من تهديد للأمن الإقليمي وتصفية القضية الفلسطينية.. رفض دولي قاطع لخطة إسرائيل الكبرى    مرضاح والجفري يحتفلون بزواج فهد    وزارتا الإعلام والتعليم تطلقان برنامج الابتعاث إلى 15 دولةً    ترقية آل هادي    دواء تجريبي مبتكر يعالج الصلع خلال شهرين    الاتفاق يتعادل إيجابياً مع الرفاع البحريني ودّياً    مشاهد إيمانية يعيشها المشاركون في رحاب المسجد الحرام    "الفتح"يتغلّب على أوردينو الأندوري برباعية ودية    الشؤون الدينية تنفذ خطتها التشغيلية لموسم العمرة    خطيب المسجد الحرام: شِدَّةَ الحَر آية يرسلها الله مَوعِظَةً وعِبْرَة    إمام المسجد النبوي: العِلْم أفضل الطاعات وأزكى القُربات    الفريق الفتحاوي يختتم معسكر إسبانيا بالفوز في مباراتين وديتين    بايرن ميونيخ يهزم شتوتجارت بثنائية ويتوج بكأس السوبر الألماني    الإنسانية في فلسفة الإنسانيين آل لوتاه أنموذجا    صندوق الاستثمارات العامة.. من إدارة الثروة إلى صناعة القوة الاقتصادية    الاستدامة تهدد وظائف الاستثمار الاجتماعي    "الشؤون الإسلامية" بجازان تنفذ أكثر من 460 جولة ميدانية لصيانة عدد من الجوامع والمساجد بالمنطقة    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    نائب أمير منطقة جازان يقدّم التعازي لأسرة معافا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انطلاقا من نقد الفيلسوف الألماني شوبنهاور . شكيب خوري يجابه كره النساء
نشر في الحياة يوم 16 - 06 - 2013

يردّ المسرحي اللبناني شكيب خوري، أخيراً، على مقالة كان كتبها الفيلسوف الألماني آرثور شوبنهاور 1788 - 1860، وقد كانت فحوى كتابه"في موضوع المرأة"، وانتقى فيها شوبنهاور الآراء اللاعلمية واللاعادلة، ليُركّز على"العيب في شخصية الأنثى". ويتجلّى كره شوبنهاور للأنثى في الكتاب، وانحيازه المزمن إلى فرضية تاريخية، تدّعي سذاجة المرأة ومحدودية طاقاتها.
في كتابه"عذراً سيدتي، تأخّر ردّي على شوبنهاور"، الصادر عن دار بيسان بيروت، يقع المؤلف خوري في إشكالية معاندته لرأي الفيلسوف، وصدمته بمقدار تغليب شوبنهاور مشاعره ونزواته الذكورية على إدراكه وبصيرته الفلسفية. فهو أطلق على المرأة كل النعوت الرديئة متعمداً تحقيرها، ومن هنا، يُقرّر خوري الردّ بلسان حاله على أوهام شوبنهاور الأنثربولوجية تجاه تركيبة المرأة إنسانياً. ويستشهد المسرحيّ اللبناني بالأعمال الدرامية والفنون والروايات والنقد، ويحشد طاقةً فكرية جمّة لتركيب توصيف أدبي فني، حول الشخصية الأنثوية في المطلق. وهو لا يفصل بين هذا الدفاع الشاعري، والرغبة في التحرر العام من مآسي الحروب التي صنعتها غريزة التسلّط، فيخلص في مقدمة الكتاب إلى قوام العدالة الذي لا يمكن تحقّقه، مع واقع للمرأة، يبدأ بالوأد، وينتهي بنقل المسرحيين ثوابت المجتمعات الذكورية إلى المسرح، بينما نشأت في المقابل، حركات مسرحية ناضلت، وما زالت تناضل، لمصلحة الفرد من دون تمييز جنسه، وتصرخ: أريد عدالتي لأكون، ولأشفى من العذاب والاضطراب النفسانيين.
انشدّ الكاتب المسرحي هنريك إبسن إلى القضايا النسوية المحظورة التي كانت تقلقه، كما يشير خوري، إذ ربط الأحداث التاريخية الداعية إلى تحرير المرأة حركة انطلقت في القرن التاسع عشر بدعوته إلى الحرية الشخصية، والصراع بين طموحات الفرد والمجتمع ومؤسساته. وأتى لاحقاً بشخصيات مدروسة نفسياً، كما في حبكه شخصيات مسرحية"الأشباح"من خلال شخصية أب منحط، منغمس في المتعة الجنسية، نقل إلى ابنه مرض السفلس، فتترك الأم"السيدة ألفينغ"زوجها، بينما يثير قرارها نقمة المتزمّتين. يرفق خوري سرده النظري حول الأمثلة بمقاطع من النصوص الأصلية، كما في إيراد مقاطع من الحوار المسرحي من مسرحية"الأشباح"، بين ربيكا وكرول، وتحليل الغرض من الجُمَل الحوارية لتوصيف طباع المرأة، وما يُجرِيه المجتمع من قمع لمشاعرها وصفاتها الشخصانية أو تحريرها.
يُقسم الكتاب إلى عشرة فصول، هي إشارة إلى عناوين الأعمال المتناولة كأمثلة: الخرافة، عدالة الشعراء، كره النساء، حركة الجندر، تمرّد الدمية، طباع الجنسين متطابقة، بستان الكرز، ريح الشرق وريح الغرب، موسم الرجال، الحب يبارك الحياة. وفي كل فصل من هذه الفصول عودة تحليلية مُفصّلة إلى الأدب والفن من خلال أمثلة دقيقة، كما في فصل"عدالة الشعراء"حين يذكر خوري علاقة الإغريق بآلهتهم، هذه العلاقة التي كانت مُتشنّجة باستمرار، بسبب إيمانهم بآلهة عدّة، بينما آلهتهم ميّالة إلى القتال والأذى. فعلى سبيل المثل، يصرخ الكورس في مسرحية"بروميثيوس مقيداً"لإيسخيلوس:"أتمنى ألّا تنظر إليّ/ عين الآلهة الجبّارة التي لا نجاة منها"، وتطرح الصرخة مسألة عدالة الفرد الإغريقي إزاء عدالة آلهته. وأشار خوري إلى هدف سوفوكليس من تناول خرافة أوديب، وهو إعطاء الملوك بعد أوديب، مثالاً وأيقونة، على ملك وقع في الآثام الطيبة، ثم في تطهيرها، والتبشير بكرامة الفرد وممارسة العدل.
يُركّز خوري على أعمال إبسن، ومنها إعلان شخصية نورا في القرن التاسع عشر، في نص"بيت الدمية"المسرحي، أنها في حاجة إلى فهم قيمتها الإنسانية، هل لها موقع في العائلة أو أنها مجرد دمية مدللة ورديئة المعشر، في وقت الشدة العائلية؟ تفاجئ نورا الجمهور، فبينما تظهر، في البداية، بصفات عادية، تتمرد مرةً واحدةً، أمام ملامح رجلها الكلاسيكية"الزوج تورفولد هلمر"، المحامي الحريص على سمعته وماله ومصروفه وسلطته الأبوية. يُفصّل الكاتب طباع هذه الشخصية كما أظهرها إبسن، متحدثاً عن الوهم الزائف في حرية تحققت بأساليب خارجية، وعن نمو الإنسان من الداخل إلى الخارج.
يتنقل خوري، ناقلاً صراعات مسرحية"بستان الكرز"لأنطوان تشيخوف، معتبراً إياها من اسمها عنواناً لأشجار ثمارها هشّة، كما نساؤها، متقلبة في نكهتها، مزاجها، لونها، ميزتها، كحال الثمار اللزجة - الماوية. وأراد تشيخوف في المسرحية أن يقارن بين هشاشة ليوبوف أندرييفنا رانيافسكايا وحبة الكرز، بينما الدار دلالة على شخصيات متنوعة الخصائص، تجمع بينها روابط العائلة الواحدة. ويرمز البستان، كما يقول خوري، إلى العالم بأسره، متحولاً إلى باطون وأسفلت.
كل ما أورده خوري في كتابه، ما هو إلا محاولة لتعرية الواقع المطلق للنسوة، حيث تبدو على أجسادهن آثار السياط، نتيجة قمع المجتمع لهن، واعتبارهن منذ ولادتهن شكلاً من أشكال الضعف، وهو يجعل من شوبنهاور، حجة للبدء، بفكرته عن العالم النسوي الذي شُخِّص بسلبياته وبإيجابياته في عالم المسرح، وفي الفن البصري العام، والأدبي، فكان واقع المرأة سبباً لإبداع أهم الأعمال الفنية. ففي الثلث الأول من القرن العشرين، عالج لوركا، على نحوٍ صارخ وعنيف تسلّط المجتمع الأبوي الغائر في الزمن، وابتكر شخصيات عبّرت بسلبية ضد منظومة المجتمع، كما في مسرحية"يرما"1934، عن فتاة معشوقة، تهزأ من توق البطلات إلى إنجاب الأطفال.
لا يمكن فعل الحب أن يكون نسوياً فقط، أو ذكورياً فقط، لهذا فإن الحركات التي تعزل المرأة عن مناخها الاجتماعي العادي هي حركات مخفقة. يعود خوري إلى هيغل، وقوله:"الحب يبارك الحياة"، وما نصح به أيضاً جان أرتور رامبو ابن جيله، قائلاً:"يجب أن تكون عصرياً على رغم كل شيء"، وأوصى خوري بأن تتحقق الوصيتان في عصر هَمَّش فيه الحاسوب العلاقات البشرية.
لا ينكر الكاتب أن ألكترا شنّت حربها الطاحنة ضد المرأة الأم، ليس بسبب الخيانة الزوجية، وليس لأنها قضت على والدها فقط، بل لتعيد إلى والدها صورته الحقيقية، التي لحق بها تشويه مُذِلّ من خلال القتل، فجُرّد من جلاله ووقاره، من دون الحفاظ على حقوقه المتوارثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.