أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    هيئة مدينة مكة تُطلق أعمال المسح الاجتماعي الاقتصادي    المملكة تدعم تعافي الاقتصاد السوري بمنتدى يستكشف الفرص الاستثمارية    الجبل الأسود بجازان.. معانقة السماء    "أدير إنترناشونال" تتحالف مع "باراجون" لإطلاق مشروع عمراني متكامل في "مستقبل سيتي" باستثمارات تتجاوز 70 مليار جنيه    لاعب التعاون "الجميعة" يجري عملية ناجحة في الفك ويغيب 6 أسابيع    أتلتيكو مدريد يعلن التعاقد مع هانكو رسمياً    القبض على إثيوبي في عسير لتهريبه (66) كجم "حشيش"    جمعية "واثق" بتبوك تحتفي بتخريج الدفعة العاشرة من برنامج "منزل منتصف الطريق"    53 مستفيدا من الأحوال المتنقلة بجمعية العوامية    مُحافظ الطائف يستقبل مدير عام السجون بالمملكة    420 موهوبًا وموهوبة يختتمون الرحلة الإثرائية بجازان    قصور طينية وهوية بيئية    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    طاقم تحكيم سعودي يشارك في إدارة مباريات كأس العالم تحت 20 عاماً في تشيلي 2025    مباحثات اقتصادية سعودية باكستانية    الثلاثي يلتحق بالنواخذة    وجاؤوا يركضون مهلا يا دعاة الضلالة    الرياض تستعرض جاهزيتها لاستضافة دورة ألعاب الفنون القتالية الآسيوية 2026    انخفاض مخزونات النفط الخام الأميركية    الخلود يقيل المدرب الروماني كوزمين    أمير جازان يتسلّم التقرير السنوي لفرع هيئة الهلال الأحمر    "بر الشرقية" تفتتح مكتبًا خدميًا جديدًا في بقيق لتعزيز الوصول المجتمعي ورفع كفاءة الخدمات    اللجنة التنفيذية للتعاون الإسلامي تؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة    الشؤون الإسلامية في جازان تنظم عدد من المناشط الدعوية في محافظات المنطقة    الطيران المدني تصدر تقرير التزام المطارات والناقلات الوطنية بأوقات الرحلات لشهر يونيو 2025م    الصين تعلن تقديم "احتجاجات رسمية" للاتحاد الأوروبي    مجسات ذكية لراحة مرضى السكري دون ألم    أسباب وعواقب إدمان الحلويات    لماذا غسل الدجاج غير مستحب    أكد وجود انتهاكات جسيمة.. لجنة تقصي الحقائق تسلم تقريرها للرئيس السوري    أكد دعم سوريا لضمان أمنها واستقرارها.. مجلس الوزراء: السعودية تدعو لاتخاذ قرارات عملية أمام التعنت الإسرائيلي    "البيئة": تمديد مهلة رخص مياه الآبار لمدة عام    رئيس الوزراء يدعو لتعزيز التواجد في عدن.. تحذير يمني من وجود المقرات الأممية بمناطق الحوثي    عزز صفوفه بالخيبري.. الأهلي يشارك في السوبر بديلاً للهلال    النصر يتراجع عن صفقة هانكو.. ويخسر الجابر    وزير الداخلية يلتقي منسوبي الوزارة المبتعثين في بريطانيا    اختتام تدريب الخطباء بتبوك    منسوبات واعي يطلعن على مركز التراث وبيت الحرفيين بجازان    منع الفنان راغب علامة من الغناء في مصر    تصاعد الضغوط لإنجاز اتفاق وقف النار بغزة    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    حكمي.. قصة تحدٍ ملهمة في عالم التوحد وحفظ القرآن    دينية الحرمين توقع اتفاقية تعاون لبرامج نوعية    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    ربط التعليم التقني باحتياجات السوق.. أمير المدينة: معامل ابتكارات الحرف نموذج للاستثمار في رأس المال البشري    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة عبدالرحمن بن فرحان    إطلاق كود"البنية التحتية" بمنطقة الرياض بعد 15 يوماً    ترحيب سعودي ببيان الشركاء الدوليين المطالب بإنهاء الحرب على غزة    "هلال مكة" يفعل مساراته الطبية الإسعافية القلبية والدماغية    نبض العُلا    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    تقنية تحسن عمى الألوان    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    أمير جازان يستقبل مدير فرع إدارة المجاهدين بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروع الإسلامي والدولة الوطنية
نشر في الحياة يوم 01 - 06 - 2013

أثار الصعود الإسلامي إلى سدة الحكم في كل من تونس ومصر حفيظة القوى السياسية المنافسة للإسلاميين، الأمر الذي ولد شعوراً لدى البعض بأن المشروع الإسلامي هو حجر عثرة أمام طموحات الربيع العربي الثائر على الاستبداد والساعي إلى الدولة الديموقراطية. فمن أين تولد هذا الشعور؟ وهل ذلك يعود إلى طبيعة المشروع ذاته ومكوناته الثقافية وتجلياته الإجتماعية والسياسية؟
بداية يمكن القول إن من تصدر للتعبير عن هذا المشروع يتحمل جزءاً من هذا الهاجس نتيجة لبعض الممارسات أو التصريحات أو طرح رؤية تتجاوز الواقع بالحديث عن يوتوبيا الدولة قبل الاستحقاق الثقافي والاجتماعي لهذا التصور.
فالصور الذهنية لهذا المشروع يتحمل رسمها من ينتمي إلى المشروع الإسلامي كمؤسسات وجماعات، فهي المسؤولة عن تفعيل هذا المشروع ثقافياً وسياسياً واجتماعياً في الحياة العامة. في حين يتحمل الطرف الآخر مسؤولية بناء تصورات وتبني قناعات وإصدار أحكام على المشروع الإسلامي من شذرات عابرة للبعض من دون بذل الجهد البحثي للكشف عن مضامين هذا المشروع وأهدافه. يرتكز المشروع الإسلامي علي مبادئ رئيسة منها تكريم الإنسان بأن سخر الله عز وجل الطبيعة من أجله وألهمه كيفية التعاطي معها إما من طريق الوحي أو هداية العقل.
ومن قيمة التكريم الإلهي للإنسان تولدت قيمة الحرية كدلالة لهذا التكريم وتقديراً لمكانته العقلية التي استودعها الله فيه"وحد الحرية بالعدل كشرط للعمران البشري، فالحرية والعدل من مرتكزات المشروع الإسلامي وقد دأب المجتهدون من العلماء على مدار التاريخ على صياغتها وتبليغها للعالميين في كل عصر من العصور، وفق ما يتسنى من وسائل تناسب ذلك العصر، وهو ما أنتج هذا الكم الهائل من الثراء والتنوع المعرفي في شتى المعارف. وهذه القيم هي محددات الحياة الطيبة كهدف رئيسي للمشروع الإسلامي وهي مجمل ما سعت إليه الثورات العربية وخرجت الجماهير لتحقيقه.
المشروع الإسلامي مشروع قيمي ثابت المقاصد متجدد الأحوال، فمن حيث هو ثابت المقاصد نظراً إلى طبيعته المعيارية للقيم الضرورية للحفاظ على الاجتماع البشري ومن حيث هو متجدد الأحوال، فإن برامجه تحدد بالجهد البشري لفهمه وإدراكه وواقعه وحيثياته. فالمشروع الإسلامي سياسياً لا يتقاطع مع مشروع الدولة الوطنية القائمة على القانون والحرية، بل هو تأسيس ثقافي وتبرير حضاري لها، وهو يتجسد في إنتاج أوعية للحوار تستند إلى نسبية الرؤية السياسية للمتحاورين، ما يتيح نفي ادعاء امتلاك الرؤية المقدسة والوصاية على الآخرين باسم الدين. والحرية تحقق بالعلم وبنماء القدرات العقلية وحفظ العقل من القابلية للاستهواء واتباع الظن، كما ترفض تقليد الآباء من دون وعي. وهذا يتحقق عبر برامج تعليمية تعمل على تنشيط ملكات العقل وتنمية قدراته الإبداعية، وهي عوامل تؤدي إلى تكوين الرأي الحر.
وفي السياسة الاقتصادية تتصدر قيم التنمية والرفاهية ومحاربة الفقر، قيم المشروع من منطلق أن الحياة الطيبة هي غاية الاجتماع البشري في الإسلام وهي سياسية تعتمد على استثمار العنصر البشري في عملية التنمية.
المشروع الإسلامي حضارياً هو المرجعية الحضارية لحضارة تؤمن بالأديان السماوية وترى في الآخر جزءاً من الذات، وفق تعبير الدكتور محمد عمارة، وترى في العلم عبادة وفي العمل جهاداً وفي الإصلاح رسالة.
بيد أن هذا المشروع يواجه على أرض الواقع تحديات عدة، من أبرزها تفعيل هذا المشروع حضارياً ومجتمعياً وأسلوب التعامل معه الذي كثيراً ما يواجه إشكالية تغليب الجزئيات على القضايا الكبرى الأصولية والأزمات والهموم والمشكلات الآنية على حساب الاستراتيجيات والتوجهات وهو يعود إلى عدم التمايز بين أصول المشروع ومقاصده وفروعه الجزئية.
فالصورة الذهنية التي تكونت في الفضاء الثقافي والاجتماعي في الوعي بطبيعة هذا المشروع على أنه مشروع فقهي فحسب لأن غالبية تجلياته في الحياة هي في هذا العنصر، أما العناصر الاجتماعية والثقافية فلا تزال تحتاج إلى جهد على مستوى الأفراد المؤسسات.
هذا بجانب منطق تعامل بعض الفصائل الإسلامية المتشددة مع الدولة والتي اتخذت منحى عنيفاً وارتبط بتنظيمات دولية كتنظيم"القاعدة"، مثل جماعة"أنصار الشريعة"في تونس. هذا التعاطي ينعكس بالسلب على المشروع الإسلامي، الأمر الذي يجعله يبدو كأنه زائد على مشروع دولة الحريات والقانون، على حين أنه يؤسس لها ويدعم مقوماتها الرئيسة. ولعل هذا يعود إلى تمركز صورة للدولة معينة عبر تاريخ الحضارة الإسلامية، على حين أن تلك الصورة لم تكن سوى تعبير عن المضامين في سياق واقع معين، ما يجعلها تكسب صفة التجدد إذا تغير الواقع.
ويعتبر الوعي بالتحول الاستراتيجي أحد تحديات المشروع الإسلامي، فالانتقال من سياسية الدفاع والتأصيل النظري إلى سياسية الانجاز والتفعيل العملي عبر مؤسسات تساهم في تنمية المجتمع، يحتاج إلى جهد لاستكمال معالمه. فالإستراتيجية الحالية هي إستراتجية الدولة والمجتمع أكثر من كونها دفاعية. فاستراتيجيات حقبة سقوط الخلافة والدولة القومية ما بعد الاستعمار، كانت دفاعية نظراً إلى محاولة التشكيك في فاعلية المشروع الحضارية ومحاولة تفريغه من أبعاده الاجتماعية والثقافية، باعتباره رسالة روحية فقط لا تتجاوز حيز الوجدان والشعور، بل واستبداله بمشاريع أخرى لا لمجرد التعايش معها، الأمر الذي جعل الجهود منصبة على الدفاع عنه وتأصيل أفكاره.
لذلك يمكن القول إن المشروع الإسلامي وعلاقته بالدولة ليس مشكلة معرفية تتعلق ببنائه الفكري، وإنما هي مشكلة إجرائية تتعلق ببناء استراتيجيات عملية تعزز بناء الدولة.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.