اسمه محمد المجذوب، خريج برنامج"أكس فاكتور"على شاشة"روتانا"، سوري الجنسية، لم يتجاوز العشرين من العمر، وسيم. هذه المواصفات الأولى، الشكلية، ضرورية كي يتم الانتقال إلى صوت المجذوب وحضوره وأسلوبه الأدائي، والأغاني والكليبات التي قدّمها منذ قدّمه"أكس فاكتور"قبل عامين. باختصار، ليس أجمل من صوت المجذوب بين أبناء جيله، ليس أوسم من وسامته وليس أصغر من سنّه. وفي المقابل، ليست هذه الأغاني التي يقدّمها، أو التي يختارها، أو التي تُعرض عليه، أو التي تُفرض عليه، أو التي نسمعها منه، هي الأغاني المطلوبة القادرة على كشف إمكاناته، أو المؤهّلة لإعطائه المساحة الطبيعية لانتشاره، أو التي يستطيع أن ينافس فيها زملاء له سبقوه في الغناء أو جايلوه. أغنية أو اثنتان أو ثلاث أغان قدم المجذوب صوته عبرها الى جمهور تابعه قبل ذلك في أجمل الأغاني العربية الخالدة. مثله مثل هواة كثر ظهروا في برامج تلفزيونية مماثلة، وحصدوا نتائج متقدّمة، ولم يُحسنوا الخطوَ الصحيح في حقل الألغام الغنائية، بل لم يحسنوا إقامة توازن جدّي بين الوان غنائية اختاروها للتعبير عمّا في حناجرهم من الجماليات الأدائية في التلفزيون، وألوان غنائية"خاصة"اختاروها عندما نزلوا إلى"الساحة"الفنية في الواقع. وإذا كان من غير المفيد تحميل هؤلاء"النجوم"الشباب المسؤولية الكاملة لكنهم بلا خبرة عن إنتاجهم الخاص، لجهة المستوى أو القيمة أو البعد التسويقي، فإنهم مسؤولون، والمجذوب في طليعتهم، عن ضياع الوقت من أيديهم، وضياع الفرصة الجماهيرية من أمامهم، وبالتالي ضياع أصواتهم شيئاً فشيئاً في أداء أغانٍ قد تجد انتشاراً ملحوظاً، أو قد تصل إلى الجمهور بنسبة مرتفعة أحياناً. إلاّ أنها لا تشكل لهم، ولمحمد المجذوب تحديداً، قاعدة صلبة أو منصّة انطلاق متينة، أو مداميك يصلح البناء عليها في"عمارة"فنية متكاملة ينتظر أن تكون هماً مقيماً في عقل المجذوب يسعى إلى بلورة الظروف المناسبة ورسم الوقائع الحقيقية لتحقيقها. "الله شو بحبك"هي إحدى الأغاني التي قدمها المجذوب. كليبها الذي أخرجته ميرنا خياط أبو الياس كان جيداً أيضاً. ولكن هل هذه الأغنية هي ما يسمّونه"الأغنية الضاربة"بحسب لغة الفنانين اليوم، أي هل هي الأغنية التي يرددها الجمهور ويحفظها ويطلبها، ويمكن أن تحول صاحبها إلى شخصية غنائية معروفة تماماً لدى السواد الأعظم من جمهور التلفزيون في العالم العربي؟ الجواب بوضوح: كلا... يعرف نجوم الأغنية العربية، خصوصاً أبناء الجيل الغنائي الجديد، أهمية"الأغنية الضاربة"في حياتهم، أو بتعبير أدق"الأغنية النجمة"، وهي الأغنية التي تحل ضيفاً رقيقاً وطيباً على الذاكرة. لا تعني الأغنية النجمة بالضرورة تصعيباً في الكلمات أو تعقيداً في اللحن أو فذلكة في الأداء. لا تعني ذلك مطلقاً، إنها الأغنية التي قد تقوم على فكرة عاطفية جديدة، وجملة لحنية سلسة، وطريقة أداء محبّبة وعميقة في آن. وأهم من ذلك انها الأغنية التي تناسب عمر صاحبها وتحاكي عقله وقلبه معاً. وليس اكتشافاً القول إن معظم نجوم الأغنية العربية اليوم، وحتى في الماضي كانوا أكثر قدرة على الانسجام والتناغم مع أبناء جيلهم، ثم عملوا على اجتذاب الأجيال الأخرى. هذا ما لم يصل إليه المجذوب بعد، فلم تأته الأغنية التي تعبر عن عمره من حيث فكرتها، ثم من حيث صوغ الفكرة بكلمات رقراقة، ثم من حيث تركيبة اللحن المنساب في الذائقة، والذي"يفرض"نفسه على"الحافظة"في وجدان المستمع. ولذلك فإنه لا يزال في خانة الصوت الجميل الذي عجز هو أو عجز من حوله عن تمكينه من ترجمة ذلك الجمال في الصوت في أغنية... شعبية. الأغنية الشعبية ليست عنواناً ضبابياً أو شعاراً نظرياً. إنها واقع أخطر من أن يحدث... باستمرار، ومحمد المجذوب يستحقّه. نشر في العدد: 16949 ت.م: 30-08-2009 ص: 35 ط: الرياض عنوان: محمد المجذوب يفتقد الأغنية الشبابية