طغى الإجماع العربي على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة على أعمال مجلس وزراء الداخلية العرب في دورته السادسة والعشرين التي افتتحت امس في بيروت وتستمر حتى مساء اليوم. وتميزت المداخلات التي قدمت في أجواء مريحة بتأكيد مواصلة الجهود من اجل تنقية الأجواء العربية وتحقيق المصالحة التي من شأنها ان تسهم في تعزيز التضامن العربي لمواجهة التحديات والتطورات الراهنة المحيطة بالدول العربية، وهذا ما عكسه الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز في كلمته في افتتاح المؤتمر منوهاً ب"المبادرة الشجاعة والمخلصة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الكويت انطلاقاً من سعيه الدؤوب وحرص ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز على جمع شمل العرب وإرساء أسس التضامن العربي". راجع ص 6 و7 وكانت الدورة افتُتحت امس برئاسة وزير الداخلية والبلديات اللبناني زياد بارود وفي حضور وزراء داخلية 18 دولة عربية، وغاب عنها وزراء داخلية ليبيا وجيبوتي وجزر القمر والصومال. وتختتم الدورة مساء اليوم بإعلان توصيات وزراء الداخلية الذين يستقبلهم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي رعى احتفال الافتتاح ممثلاً بالوزير بارود. وشدد الأمير نايف في كلمته على تعزيز أسس التضامن بين الدول العربية"لمواجهة التحديات الراهنة المحيطة بنا وهي تحديات ستؤثر سلباً في أمن دولنا وشعوبنا إذا لم تواجه بتوحد عربي يحول دون خطرها ومخاطرها على الإنسان والأرض ويصان به الأمن والاستقرار وتتخطى به الأمة العربية مزالق التفكك والضعف". وقال:"يجب ان ندرك جميعاً ان عالمنا العربي يواجه، بكل أسف، تحديات امنية مختلفة في دلالاتها ومتعددة في مصادرها، وفي مثل هذا المناخ يأتي اجتماعنا هذا لمواجهة التحديات ومواكبة التطورات. وكل ذلك سيتحقق حين نعمل معاً في جهد امني مشترك يقوم على كفاية الردع وفاعلية الارتداع". ولفت الأمير نايف الى ان"مجلس وزراء الداخلية العرب عمل عبر مسيرته الطويلة في اتجاه تعزيز التعاون الأمني بين دولنا في مواجهة ما يهدد امنها ومصالحها وسلامة مجتمعاتها". وقال ان المجلس تبنى في سبيل تحقيق ذلك الكثير من الاتفاقات والاستراتيجيات الأمنية المشتركة التي يمكن ان تسهم في التصدي للأخطار المحيطة بالأمن الاجتماعي العربي"انطلاقاً من مبادئنا الدينية والأخلاقية والإنسانية السامية التي تحارب الجريمة وتحافظ على حياة الإنسان وكرامته وحقوقه". أما الرئيس سليمان فركّز من خلال الكلمة التي ألقاها باسمه الوزير بارود على ان البعض يميل الى الاعتقاد بأن وزارة الداخلية عموماً هي وزارة أمنية فقط، وقال:"نعم هي أمنية بامتياز، وهكذا يجب ان تكون، لكنها ايضاً وزارة التنمية المحلية، ووزارة التواصل الدائم مع الناس من اجل خدمتهم على نحو أفضل". ورأى سليمان ان"استتباب الأمن يرتبط بالدرجة الأولى بعناصر ثلاثة على الأقل: هيبة الدولة العادلة والحازمة أينما لزم الأمر وثقة الناس بمؤسساتهم الحامية وتعاونهم معها وقدرة الأجهزة الأمنية على مواجهة الجريمة". ونوه بالخطوة التي خطتها الدول العربية بإقرارها الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب ووضعها توصيفاً موحداً له في نيسان ابريل 1998. وشدد على أهمية التطبيق العملي لهذه الاتفاقية التي تحمي الجميع من دون استثناء لأن الإرهاب بات يهدد الجميع ويضرب بعد المدنيين القوى المسلحة. ودعا بارود الى إنشاء مكتب عربي مختص بمكافحة الجريمة. وقال ان لبنان على استعداد لاستضافة هذا المكتب فور استحداثه ووضع أسسه وهيكليته. الى ذلك، لم تحجب استضافة لبنان مؤتمر وزراء الداخلية العرب الأنظار عن مواكبة الجهود للوصول الى تسوية في شأن الموازنة المخصصة لمجلس الجنوب. وعلمت"الحياة"من مصادر وزارية وأخرى نيابية أن الجهود التي قام بها الرئيس سليمان من خلال تواصله مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة أثمرت تفاهماً في شأن هذه الموازنة يُفترض ان يرى النور في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، إلا اذا تقرر تقديم موعدها بسبب عقد المجلس النيابي جلسة تشريعية في اليوم نفسه. وأكدت المصادر نفسها ان جلسة مجلس الوزراء ستقود حتماً الى"الإفراج"عن مشروع قانون الموازنة للعام الحالي بعدما تأخر إقراره بسبب الخلاف على موازنة مجلس الجنوب، وبالتالي إحالته الى رئاسة المجلس لتحيله بدورها الى لجنة المال والموازنة النيابية لمناقشته والتصديق عليه. وبالنسبة الى مذكرة التفاهم بين الحكومة اللبنانية ومكتب النائب العام للمحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في بيروت، قالت المصادر نفسها ان المشاورات التي أُجريت بين أركان اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الملاحظات التي أوردها"حزب الله"على المذكرة أدت الى تبديد ما لدى الأخير من هواجس وأن الإمكان قائم بين الوزراء ابراهيم نجار، محمد فنيش وخالد قباني، للتفاهم على مضمونها بما يسمح بتقديم المذكرة بصيغة جديدة الى مجلس الوزراء لإقرارها، إلا إذا كان هناك شيء أبعد من هذه المذكرة. نشر في العدد: 16789 ت.م: 23-03-2009 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: بيروت : وزراء الداخلية العرب يشددون على جهود المصالحة . الأمير نايف : "بث الشكوك" و"الفكر الضال" من أشد المخاطر التي تواجه الأمن العربي