غابت المطربة اللبنانية وداد أول من أمس، بعد صراع مع المرض لأكثر من عامين، عن عمر ناهز 78 سنة. ولدت وداد، واسمها الحقيقي بهية عام 1931، وكانت تسمى تودداً"بيبي". والدها هو الموسيقي الحلبي فرج عواد وأمها المغنية الاسكندرانية صالحة المصرية. لكن العائلة لم تستقر في بلد بل تنقلت بين حلب وبغداد والقاهرة ومراكش وباريس لتقطن بيروت. تزوجت وداد أكثر من مرة لكنها استقرت أخيراً في لبنان وأصبحت مواطنة لبنانية بعد زواجها الأخير من الموسيقي الراحل توفيق الباشا الذي أنجبت منه ابنها الموسيقي العالمي عبدالرحمن الباشا. كان والدها عازفاً على العود في فرقة منيرة المهدية المطربة المصرية الشهيرة، وكانت والدتها مغنية اختارت الفن الاوروبي منذ البداية. أما خالتها بهية ومنها أخذت اسمها فكانت تغني أيضاً. بدأت وداد حياتها الفنية في الاذاعة الوطنية في بيروت وهي لم تبلغ آنذاك التاسعة من عمرها، وكانت تقف على الكرسي لتتمكن من مواجهة الميكروفون. تميز صوتها بالهدوء وصفاء التعبير، وكانت ميالة الى الأصوات المحفوفة بالوداعة والإحساس على حساب الرخامة والقوة، ومن هنا ميلها الى أصوات رياض السنباطي وليلى مراد وفائزة أحمد وعبدالحليم حافظ... قامت وداد بجولات فنية في لبنان وسورية، وهي في الخامسة عشرة. وحين سافرت برفقة والديها إلى القاهرة، تلقّت عرضاً لتصوير 9 أفلام كان يُفترض أن تجمعها بفريد الأطرش ومحمد فوزي وأنور وجدي مروراً بفاتن حمامة. منعها والداها من توقيع العقد، ففرّت مع محمد عبده صالح، عازف القانون في فرقة أم كلثوم الذي وعدها بأن يجعل منها نجمةً. لكنّ غيرته ما لبثت أن ظهرت بعد الزواج، وتوصّل والداها إلى استرجاعها منه بمساعدة أم كلثوم. أما اسمها الحالي"وداد"، فحصلت عليه عندما غنت في إذاعة الشرق الأدنى حين طرح توفيق الباشا وعاصي ومنصور الرحباني مجموعة أسماء أمامها وكان على فيروز أن تختار أحدها بالقرعة، فكان اسم وداد. ومع اسمها الجديد انفصلت عن زوجها الثاني الشاعر عبدالجليل وهبي، وتزوجت من المؤلف الموسيقي توفيق الباشا. لم تندم وداد على عملها في الفن، ولو اعتزلت بعد أعوام لتختار حياة الأسرة والأمومة. وفي مسيرتها ثلاث مراحل أليمة هي: عدم تمكنها من العمل في السينما خصوصاً أن ام كلثوم نصحتها بالسفر الى مصر بعد ان سمعتها تغني مع وديع الصافي أغنية"طل القمر ورفيقتي طلت معو"، ودعاها المخرج نيازي مصطفى للاشتراك في تسعة أفلام الا ان والديها لم يوافقا خصوصاً بعد ان شاهدا إطلالاتها في بعض المشاهد التمثيلية الحميمة. المرحلة الثانية هي عنادها في طلب الطلاق في احد زواجاتها، والثالثة هي عدم موافقتها على تسجيل أغنيات عبدالوهاب القديمة. ومن ابرز الملحنين اللبنانيين الذين قدموا ألحاناً لوداد: حسن غندور لولا الكلام، فيلمون وهبي نجمات الليل جبتلو، زكي ناصيف في وردة بين الوردات، محمود الرشيدي يا ليالي الهنا تعالي، توفيق الباشا لفتة نظر وسامي الصيداوي بتندم. وكان الصيداوي بالنسبة الى وداد الانجح في ربط الكلمة بالواقع، وقد قطف لحنه"بتندم"من كلمة عتاب قالتها لزوجها داعية إياه للعودة الى المنزل وإلغاء زيارة كان ينوي القيام بها مع أصحابه. بعد حياة فنية صاخبة وهادئة وبعد أغنيات قليلة لاقت رواجاً في حينها، أمضت وداد أعوامها الأخيرة في عزلة بعيداً من الأضواء، الى أن فارقت الحياة على سرير المرض.