السبانخ كانت ولا تزال محط أنظار العلماء نظراً للخصائص الغذائية والشفائية التي تتمتع بها. والسبانخ كلمة مشتقة من اللغة الفارسية، وفي العربية الفصحى تسمى"رحى"، وهناك نوعان من السبانخ: البري والبستاني. ومنشأ السبانخ بلاد فارس، وجلبها العرب الى تركستان والى بلاد الأندلس وأوروبا في القرون الوسطى، وهم الذين اكتشفوا مزاياها العلاجية. وتطهو بلدان السبانخ في أعيادها، ففي عيد النيروز في كابول بأفغانستان يتناول السكان الرز مع السبانخ تيمناً بأن العام الجديد سيكون خصباً. وفي النمسا هناك عيد سنوي للسبانخ. وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة، فإن الهاربين من جحيم دارفور لا يجدون ما يسدّ رمقهم سوى السبانخ التي تنمو برياً. ويقول العلّامة ابن سينا عن السبانخ:"انها تنفع لأمراض الصدر والرئة، وتزيل العطش، ويمكن أكلها نيئة أو مطبوخة، وعصيرها المحلّى بالسكر ينفع في اليرقان والحصى البولية وعسرة البول. وتعتبر غذاء جيداً للمحمومين والناقهين، وهي تفيد أيضاً في أوجاع الحلق والظهر والنزلات الدائمة. وإذا طبخت أوراقها مع الباقلاء كانت فائدتها الغذائية أكبر". تنتمي السبانخ الى فصيلة الخضروات الورقية الخضراء المشهورة بمنافعها للجسم، وتعتبر السبانخ الأشهر بينها كونها تحتوي على عناصر ومركبات تحمل معها فوائد تنعكس إيجاباً على صحة مختلف الأعضاء. وفي السطور الآتية سنتعرف إلى خصائص السبانخ: - ان السبانخ فقيرة جداً بالسعرات الحرارية، فمئة غرام تعطي 17 سعرة حرارية، وهذا ما يجعلها من الخضروات الأقل غنى بالطاقة. ولا غرابة في هذا، فهي تحتوي على كميات شحيحة من السكريات والبروتينات والمواد الدسمة، لذا تتصدر قائمة الأغذية التي يسمح بها للراغبين في تخسيس أوزانهم. - ان السبانخ مقوية لعضلة القلب، وتفسير ذلك يعود الى وجود عناصر نافعة لها كلمتها على هذا الصعيد، فهناك حامض الفوليك، والفيتامين ب6، والفيتامين ب12، إضافة الى المعادن الثلاثة الصديقة جداً للقلب، وهي: البوتاسيوم والكالسيوم والمغنيزيوم، وهذه الأخيرة تلعب دوراً لا يستهان به في منع مؤثرات الضغط الشرياني من الارتفاع فوق الحد الطبيعي، والتي تشكّل عبئاً مستمراً على القلب، ما قد يسبب"تلفه"إذا لم يتم تدبير الوضع في أوانه. - ان السبانخ غنية بالكاروتينيدات، بل تعتبر الأغنى بها من بين الخضروات الطازجة، وهذه المركبات تُعدّ من بين أهم مضادات الأكسدة التي لها سمعة طيبة على صعيد تحصين الجسم ضد العوامل المسرطنة، وهي في هذا المجال تعمل بالتعاضد مع الفيتامين"ث"والفيتامين"ي"في مواجهة الجذور الكيماوية الحرة، التي لا همّ لها سوى زرع بذور الشر هنا وهناك في أنحاء الجسم. - ان السبانخ غنية بالألياف الغذائية المهمة على صعيد مكافحة داء العصر: الإمساك، كما تفيد هذه الألياف في خفض كوليسترول الدم وفي الوقاية من الأورام الهضمية الخبيثة، وفي علاج أمراض معوية. وفي أوروبا يطلقون على السبانخ لقب مكنسة المعدة، وفسر العالمون ببواطن الأمور هذا اللقب بغنى السبانخ بالألياف التي تسهّل عملية الهضم. بقي علينا التنويه بملاحظات تتعلق بالسبانخ: أولاً: ليست السبانخ الأغنى بالحديد كما يشاع عنها، اذا ان مستوى هذا المعدن متواضع فيها ولا يتعدى 3 غرامات في كل 100 غرام سبانخ، وأن نسبة ضئيلة جداً منه تتجاوز 5 في المئة يتم امتصاصها فقط، نظراً الى ارتباط الحديد بمواد أخرى تعرقل عبوره من الأمعاء الى مجرى الدم. ان الفيتامين"ث"يعزز من امتصاص الحديد. - ان السبانخ تحتوي على كمية عالية من حامض اوكزاليك، ما يجعلها غير مناسبة للمصابين بالنقرس والحصيات الكلوية. - ان السبانخ الخضراء الداكنة المقطوفة تواً هي الأفضل، وتؤكل نيئة ومطبوخة ولكن يفضل التهامها نيئة لأنها الأنفع. - لا يجوز خزن السبانخ طويلاً لأن بعض عناصرها الحيوية يذهب الى غير رجعة. نشر في العدد: 16750 ت.م: 12-02-2009 ص: 29 ط: الرياض