يُعقد في "بيت الاقتصاد الألماني" في برلين بين 52 و72 من الشهر الجاري، "الملتقى الاقتصادي العربي الألماني الحادي عشر"، بمشاركة نحو 009 من رجال الأعمال والشخصيات السياسية وممثلي وزارات الاقتصاد واتحادات غرف التجارة والصناعة في الدول العربية وألمانيا. وسيكون الحشد الأكبر في الملتقيات الاقتصادية، التي تدعو إليها سنوياً، غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية الغرفة مع مؤسسات رسمية واقتصادية ألمانية منذ أكثر من عقد. وستحل سلطنة عُمان هذه السنة شريكاً رئيساً في الملتقى وتشارك فيه بوفد اقتصادي وسياسي رفيع، بهدف تقديم صورة وافية إلى المستثمرين الألمان والعرب، عن مجالات العمل والسوق والتجارة وأفضليات الاستثمار في السلطنة، التي تقدّمت خطوات كبيرة في العقود الثلاثة الماضية. وكان ملتقى برلين استضاف في السنوات الماضية السعودية، والأردن، والإمارات، ومصر، والكويت، والجزائر شريكاً رئيساً له. وللمرة الثانية على التوالي تشارك"نساء أعمال"عربيات في الملتقى ويعقدن جلسة خاصة مع مجموعة من ربات العمل الألمانيات، ويبحثن مستقبل العمل النسائي ومجالات الاستثمار والتعاون. وخلال السنوات الأخيرة تطورت العلاقات الاقتصادية بين ألمانيا والدول العربية بوتيرة متسارعة بحيث وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى نحو 43 بليون يورو 35 بليون دولار تقريباً العام الماضي، علماً أن الصادرات الألمانية تشكل الثلثين منه، فيما لا تزال الصادرات العربية إلى ألمانيا أقل من المطلوب وتستند في الدرجة الأولى إلى النفط. وسيتناول الملتقى الاقتصادي الحادي عشر جوانب هامة في العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية وسبل تطويرها، في مجالات البنية التحتية والطاقة والتدريب والتأهيل ونقل التكنولوجيا والخدمات المالية، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، بخاصة أن الاستثمارات الألمانية لا تزال في الإجمال ضعيفة جداً على عكس الاستثمارات العربية في ألمانيا. ما يستوجب البحث عن قطاعات جاذبة في محيط آمن سياسياً واقتصادياً في منطقة الشرق الأوسط، التي لا تخلو للأسف من توترات وأزمات مزمنة لا تشجع المستثمرين الأجانب. ومع ذلك فإن الفرص كثيرة وسانحة جداً، خصوصاً في منطقة الخليج العربي التي تشهد طفرة نفطية لا مثيل لها منذ سبعينات القرن الماضي نتيجة الارتفاع المستمر في أسعار النفط والغاز، ما يدر دخلاً خيالياً يمكَّن حكوماتها من التخطيط لمشاريع استثمار وإنماء داخلي ببلايين الدولارات. من هنا تتجلّى الحاجة المتعاظمة لهذه البلدان إلى التكنولوجيا الغربية عموماً، والألمانية خصوصاً نظراً إلى سمعتها الجيدة وجودتها وتوفر ثقة عالية في الشريك الألماني. ويأمل العمانيون، في هذا الإطار بتقديم بلدهم في الملتقى بصورة تجذب المستثمرين الألمان، ليس بتنفيذ المشاريع فقط أو ببيع مكوّناتها، بل بالاستثمار المباشر في مشاريع مختلفة، ولغاية اليوم لا تزال الاستثمارات الألمانية في السلطنة متواضعة، كما أن الاستثمارات المباشرة لا تتجاوز عشرة ملايين يورو على حد ما ذكره الخبير في الشؤون الاقتصادية العربية الدكتور برند يكل في بحث ستنشره مجلة"سوق"الصادرة عن الغرفة. وحققت عُمان على مستوى جذب الاستثمارات الأجنبية تقدماً مرموقاً، إذ ارتفع حجم الاستثمارات فيها من 221 مليون دولار عام 2002 إلى أكثر من بليون عام 6002، وبلغ حجم الاستثمارات المباشرة 3،4 بليون دولار، بزيادة 51 في المئة عن العام السابق. ورأى يكل أن زيارة المستشارة أنغيلا مركل إلى السلطنة مطلع السنة الماضية، على رأس وفد اقتصادي كبير، والزيارة اللاحقة لوزير الاقتصاد ميشائيل غلوز مع وفد اقتصادي أيضاً، ساهمتا في تعريف رجال الأعمال الألمان على مجالات الاستثمار في البلد وعلى قانون حماية الاستثمار الموقع بين البلدين عام 6891 والذي سيعدّل هذا العام بما يُعزز ضمانات حماية المستثمرين الأجانب. وتتاح أمام الاقتصاديين الألمان، فرص كثيرة للتعاون في مشاريع التحديث والبناء في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات، وكذلك في قطاعات الكهرباء ومياه الشرب وتحلية مياه البحر، وفي مجالات المواصلات والصحة والسياحة، إضافة إلى إعادة تحديث البنية التحتية وتوسيعها، وتشمل طرقات وجسوراً وسكة حديد ومطارات، خصوصاً أن المسؤولين يزمعون على بناء ستة مطارات جديدة في البلاد وتوسيع المطارين الحاليين في مسقط وصلالة وتحديثهما. ويعمل حاليا على إنشاء مدينة للصحة بكلفة بليون دولار يمكن أن يكون للقطاع الطبي والصحي الألماني مساهمة قيّمة فيها. وفي 6002 اشترت عُمان تجهيزات كاملة لمصنع"الميثانول"في صحر بپ221 مليون يورو، وتسعى إلى إقامة مصانع أخرى في السلطنة. وأسست الدولة الألمانية من خلال"مؤسسة التعاون التقني"GTZ و"مؤسسة التبادل الأكاديمي مع الخارج"DAAD ومعهد تقني في مدينة آخن بالمشاركة مع مستثمر عماني،"الجامعة الألمانية للتكنولوجيا"لتخريج مؤهلين في مختلف المجالات التقنية، ما يجعل ألمانيا تلعب دوراً مهماً ومميزاً على مستوى تدريب اليد العاملة والخريجين وتأهيلهم.