يتفق مسؤولون وخبراء اقتصاديون عرب وألمان، التقوا في الندوة الاقتصادية التي عُقدت أخيراً ضمن"أيام دول مجلس التعاون الاقتصادي الخليجي"في برلين، على أن العرب والألمان مسؤولون عن تقاعس الاقتصاد الألماني عن الاستثمار المباشر بصورة أكبر في الدول العربية عموماً، والخليجية خصوصاً، على رغم تطور التبادل التجاري بصورة قياسية خلال السنوات الأخيرة. 1 في المئة الاستثمارات الالمانية في الدول العربية فقد بلغت الاستثمارات الألمانية في الدول العربية نسبة واحد في المئة فقط من الاستثمارات الألمانية في العالم، على رغم وجود استثمارات ألمانية في عدد من الدول العربية. وقد اعلن، خلال الندوة، أن دول مجلس التعاون الخليجي خصصت نحو 700 بليون دولار لمشاريع اقتصادية جديدة حتى العام 2010، ما يتيح للرأسمال الألماني الاستثمار المباشر فيها. وتعود أسباب التقاعس الألماني عن الاستثمار في الدول العربية، كما يحددها عرب وألمان، إلى حذر الشركات الألمانية من تداعيات الأزمات والنزاعات الداخلية والإقليمية في المنطقة العربية والشرق أوسطية، واستمرار وجود عراقيل قانونية وإدارية غير مشجعة للمستثمر، والنقص في المعلومات والبيانات الدورية الموثوقة عن أوضاع الاقتصاد وتطوره في الدول العربية والمشاريع المختلفة التي تقام فيها. ويعزو وكيل وزارة الاقتصاد في الإمارات العربية المتحدة عبدالله أحمد آل صالح، جزءاً من المشكلة إلى"البيئة القانونية المتاحة والمتواجدة في دول الخليج في ما يخص الشركات الأجنبية والرأسمال الأجنبي"، مضيفاً في حديثه الى"الحياة"أن دولاً خليجية عدة"تعمل على تغيير قوانينها لفتح الباب أمام الملكية الأجنبية، خصوصاً أننا على مشارف توقيع اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي الذي سيتيح الفرصة للدخول إلى الأسواق الخليجية من دون عوائق إزاء الرأسمال الأجنبي، وأن تحصل الشركات الأجنبية على ميزة التعامل معها كما مع الشركات الوطنية". ويرى آل صالح أن"الباب مفتوح أمام الاستثمار في عدد كبير من القطاعات الاقتصادية مثل الصناعات التحويلية، والسياحة، والبناء والبنى التحتية، والتكنولوجيا والخدمات المهنية، إضافة إلى مجالات الصحة والبيئة والتعليم، معتبراً"أنها قطاعات واعدة جداً". ويعتقد الأمين العام لغرفة التجارة والصناعة العربية عبدالعزيز المخلافي أن السبب في عدم ازدياد الاستثمار الألماني"يتمثل في النقص الموجود في المعلومات وفي التواصل بين الجانبين العربي والألماني". وصرّح لپ"الحياة"على هامش الندوة، أن"الاستثمارات المباشرة من جانب الشركات الألمانية في عدد من دول مجلس التعاون بدأت منذ بضع سنوات، وأن ثمة تواجداً لأكثر من 004 شركة ألمانية كبيرة ومتوسطة في الإمارات، استثمارات مباشرة في سلطنة عمان وشراكة بين شركات سعودية وشركات ألمانية عدة في السعودية". وأشار المخلافي إلى أن الغرفة تعمل على سد هذه الفجوة من خلال القيام بدور الوسيط بين الشركات الألمانية والدول العربية والتعريف بها، ملاحظاً أنها"تحظى بدعم ومساندة قوية من الجانبين العربي والألماني بعد ازدياد نشاطها بشكل ملحوظ في ألمانيا، وعقدها ملتقيات اقتصادية وسياحية دورية عدة بين ممثلي الجانبين، وتنظيمها رحلات عمل لمسؤولي شركات ألمانية عدة إلى الدول العربية. ولفت إلى أن الصادرات الألمانية إلى المنطقة العربية في عام 5002، بلغت 01،8 بليون يورو متجاوزة قيمة صادراتها إلى كل من الهند والصين أو إلى مجمل دول أميركا اللاتينية. وفي موضوع الاستثمار العربي في ألمانيا، يرى المخلافي أنه"موجود إلى حد ما"، ويعتقد بأنه"يجب الاستثمار مباشرة في الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل أساس التكنولوجيا الألمانية بدل الاكتفاء بشراء الأسهم". الهاجس الأمني ويلحظ الخبير الاقتصادي يورغن هولتس مدير شركة استشارات مالية واقتصادية ألمانية تنشط في الخليج، في حديث الى"الحياة"، أن عدم الاستقرار في المنطقة يشكل واحداً من الأسباب الرادعة للاستثمارات الألمانية، ذلك أن"الاقتصاد الألماني لا يزال ينظر إلى الدول الخليجية كسوق استهلاكية، ويخشى تفجر أزمات سياسية في المنطقة، كما يخشى تأثير إيران في الخليج، ولا يفكر في الاستثمار المباشر فيها من طريق إنشاء شركات مشتركة جوينت اندفينشر ويحذو في ذلك حذو الشركات الأميركية والبريطانية" ويشرح هولتس لپ"الحياة"، أن"الألمان تاريخياً حذرون وخائفون من وقوع أزمات في الدول التي يستثمرون فيها"، لذا"تشجع الحكومة الألمانية الشركات على الاستثمار وتقدم لها"ضمانات هرمس المالية"التي هي بمثابة تغطية مالية للخسائر التي يمكن أن تقع لأسباب مختلفة، إضافة إلى تسهيلات أخرى". وبالتالي فإن تقاعس الألمان عن مزيد من الاستثمار المباشر"ليس سببه العراقيل القانونية والإدارية في دول الخليج التي أزيلت غالبيتها"، على حد تعبيره. السعودية وعن الاستثمارات الألمانية في السعودية، أشار هولتس إلى أنها تطورت في السنوات الأخيرة"لتبلغ حالياً ثلاثة بلايين يورو، بعدما ارتفع عدد الشركات الألمانية العاملة فيها خلال هذه الفترة من 09 إلى 021 شركة ألمانية أسست شركات"جوينت اندفينشر"مشتركة. ورأى هولتس أن ظروف ألمانيا الاقتصادية واشتداد المنافسة الدولية"سيجعلان الشركات الألمانية تغيّر موقفها المتردد والحذر حتى الآن"من الاستثمارات في الدول العربية.