سجلت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين ألمانيا والدول العربية العام الماضي، وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي تطوراً قياسياً، على مستوى الصادرات و الواردات. ووصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين عام 5002، إلى 92 بليون يورو، حيث بلغت الصادرات الألمانية إلى الدول العربية 18.6 بليوناً، والصادرات العربية إلى ألمانيا 10.3 بليون يورو. وفي النصف الأول من هذا العام، سجلت التجارة الألمانية - العربية زيادة بلغت 22.2 في المئة، وهو رقم قياسي جديد. وشهد"الملتقى الاقتصادي الألماني - العربي التاسع"الذي عقد في برلين الأسبوع الماضي مشاركة عربية وألمانية مميزة. وشارك في الملتقى السنوي، الذي تنظمه غرفة التجارة والصناعة الألمانية - العربية في برلين، أكثر من 007 رجل أعمال واقتصاد، وعدد من رؤساء غرف التجارة والصناعة العربية وسياسيون ودبلوماسيون، وفي مقدم المشاركين رئيس حكومة الكويت الشيخ ناصر الصباح، ووزير الاقتصاد الألماني ميشائيل غلوز. وعُقد الملتقى في المقر المركزي لاتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية. وشدد المشاركون على ضرورة توسيع العلاقات المشتركة، ليس في مجال التجارة فحسب، بل وأيضاً في مجالات الاستثمار المتبادل، وتنفيذ مشاريع التنمية في الدول العربية، خصوصاً النفطية منها، التي تسعى إلى تنويع مصادر دخلها. وبفضل الدخل المقدر بمئات بلايين الدولارات الذي يؤمنه النفط والغاز العربيين، ينتظر الاقتصاديون الألمان أن يصل حجم الاستثمارات التي ستستثمرها الدول العربية، والنفطية منها خصوصاً، إلى 006 بليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة. علاقات متطورة مع الكويت وإلى جانب الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، يُظهر العرب ثقة أكبر فأكبر بالتكنولوجيا والمعارف الألمانية، ويقبلون أكثر فأكثر على شراء الآلات والمعدات، التي تحمل ختم"صنع في ألمانيا". وبعد السعودية والإمارات، كانت الكويت هذا العام"الشريك الرئيس"للملتقى التاسع في برلين، ما دفع برئيس حكومتها الشيخ الصباح لترؤس وفد بلده، تأكيداً على الأهمية التي يعطيها للتعاون المستقبلي مع ألمانيا في مختلف المجالات، خصوصاً وأن الكويت تتحضر لتنفيذ مشاريع تنموية وبنيوية ضخمة، خصصت لها 05 بليون دولار، ستصرف على مدى السنوات العشر القادمة. وقال الصباح إن الشراكة العربية - الألمانية هامة، خاصة في مجالات التعليم والتدريب المهني الذي يشكل أساس التنمية الشاملة، مؤكداً أن حكومته"تسعى لجعل الكويت مركزاً مالياً عالمياً، ولدينا خططاً لاطلاق عدد من المشاريع الضخمة، التي توفر فرصاً استثمارية كبيرة في مجالات البنى التحتية، وخطوط النقل الاستراتيجي إلى جانب الاستثمار في مجالي النفط والطاقة". ولفت إلى أن الكويت"تمتاز بمركز استراتيجي، كمدخل إلى البلدان المجاورة، يمكن أن يستفيد منها الجانبان العربي والألماني"، مشيراً إلى أن ألمانيا كانت البلد الأول الذي استثمر في الكويت. وبعد أن شدد على أن بلده يريد تنويع مصادر الدخل للابتعاد عن أحادية النفط، رأى"أن الاستقرار السياسي في المنطقة هو أساس التنمية". وأكد رئيس غرفة التجارة والصناعة الكويتية علي محمد الغانم، على أن القطاع الخاص سيغطي القسم الأكبر من الاستثمارات الضخمة، التي سيشهدها بلده وتبلغ 05 بليون دولار، مشيراً إلى أن الناتج القومي السنوي للكويت يبلغ 08 بليون دولار، ودخل الفرد 82 ألف دولار. وأوضح أن الكويت"تسعى لتحديث وتوسيع البنى التحتية، والمرافق الصحية، والإسكان والطاقة والصناعة البتروكيماوية والتعليم"، معتبراً أن ألمانيا"من أقدر الدول على المساهمة والمشاركة في تنفيذ هذه المشاريع". ودعا الغانم"إلى رفع العلاقة مع ألمانيا من التبادل الاقتصادي إلى مستوى الشراكة التنموية". وأشار وزير الاقتصاد الألماني إلى أن الواردات الألمانية من الدول العربية ارتفعت بنسبة 82 في المئة عام 5002، مقارنة مع عام 4002، والصادرات الألمانية بنسبة 51 في المئة، ما"يجعل من ألمانيا شريكاً هاماً للدول العربية"، لافتاً إلى أن حجم الصادرات البالغ 18.6 بليون دولار،"تجاوز ما صدرته ألمانيا إلى كافة دول أميركا اللاتينية العام الماضي". وبعد أن تحدث غلوز على"وجود حركة واسعة في الدول العربية لتحديث اقتصادياتها في قطاعات النفط والغاز والتعدين والألمنيوم"، شجع المستثمرين العرب على الاستثمار أيضاً في ألمانيا. الاستثمارات في المانيا وواقع الأمر أن العرب والألمان يشكون من تدني حجم الاستثمارات المباشرة في كلا الجانبين. والمستثمر العربي الأكبر في ألمانيا حتى الآن، هو الكويت، التي تملك حصصاً كبيرة من الأسهم في عدد غير قليل من الشركات الألمانية الضخمة والعملاقة، مثل شركة"ديملر - كرايزلر"وشركة"جي أي اي"لبناء الآلات والمعدات، وشركة بناء السفن"تايسون كروب". ولاحظت الوكالة الاتحادية للتجارة الخارجية، أن المستثمرين العرب المحليين"يكتشفون أكثر فأكثر فرص الاستثمار في بلدانهم"، مع بدء العمل في تنفيذ خطط المشاريع التنموية الضخمة. ورأى الخبير في الوكالة كريستيان غلوزاور في دراسة له، أن الأرباح العالية التي تتحقق في البورصات المالية المحلية، وفي أسواق العقارات العربية، تشجع المستثمرين على وقف اعتماد الدول الغربية كمراكز إيداع لأموالهم. وينطبق هذا الأمر بالدرجة الأولى، على دول مجلس التعاون الخليجي.