تتهيأ الشركات الألمانية لتحقيق قفزة كبيرة على صعيد تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع ليبيا وتنفيذ مشاريع عمرانية ضخمة فيها، بهدف تحديث بنيتها التحتية على مختلف المستويات. وتعاني البنية التحتية الليبية تقادماً شديداً بسبب الحصار والمقاطعة الدولية لليبيا على مدى عقدين من الزمن. وأدى التعاون الليبي مع المجتمع الدولي في السنوات الأخيرة إلى رفع الجزء الأكبر من هذه المقاطعة وفتح الباب أمامها لتحديث البلاد من جديد. وليبيا هي البلد العربي الوحيد الذي يسجل ميزانه التجاري السنوي مع ألمانيا فائضاً واضحاً، يبلغ 4.4 بليون يورو، والسبب في ذلك يعود إلى أن ألمانيا تستورد منذ زمن طويل كمية كبيرة من النفط الذي تحتاج إليه سنوياً من ليبيا، التي يتميّز نفطها بنوعيته الممتازة. ودفعت الحكومة الألمانية خمسة بلايين يورو لليبيا ثمن النفط المستورد في عام 6002، في الوقت الذي لم تتجاوز قيمة الصادرات الألمانية إليها 295 مليون يورو بحسب"الوكالة الاتحادية للتجارة الخارجية"في ألمانيا. وتصدرت الآلات الصناعية ثُمْنَ قيمة هذه الصادرات، تلتها السيارات وقطع غيارها، ثم المواد الغذائية والأجهزة الإلكترونية وأجهزة القياس التقنية، في حين شكّل النفط 99.2 في المئة من الصادرات الليبية إلى ألمانيا. وأكد رئيس"الملتقى الاقتصادي الألماني - الليبي"، تيس تيسن، أن ليبيا هي أكبر بلد مصدر للنفط إلى ألمانيا من خارج أوروبا والعضو الأهم لها داخل منظمة"أوبك". وذكرت المسؤولة عن رابطة أفريقيا في وزارة الاقتصاد الألمانية، كاترين لاسكوفسكي، أن الحكومة الليبية تخطط لتنفيذ مشاريع كبيرة في البلاد، خصوصاً على صعيد تحديث سكك الحديد والطرقات العامة وأنظمة التوجيه التي أصبحت في حالة متردّية جداً. وأضافت أن الشركات الألمانية بدأت العمل بنشاط في عدد غير قليل من المشاريع الكبرى التي تهدف إلى نقل البلد نقلة نوعية إلى الأمام، مشيرة إلى أن إحدى شركات الهندسة المعمارية الألمانية تعمل حالياً على وضع تصاميم جديدة للحي الحكومي في العاصمة طرابلس. وتشارك 58 شركة ألمانية حالياً في مد وتطوير خط من الأنابيب لنقل مياه الشرب التي تستخرج من أعماق الصحراء الليبية إلى الساحل. وتعمل شركة"سيمنز"الألمانية على مشروع لتجديد الشبكة الكهربائية في البلاد وتصمم"شركة سكك الحديد الألمانية"خططاً لشبكة خطوط للقطارات في ليبيا بطول إجمالي يصل إلى 0071 كيلومتر. ويعتقد المسؤولون الاقتصاديون الألمان بأن تحديث البنى التحتية في ليبيا يطاول أيضاً قطاع النفط المتقادم الذي سيتطلب استثمارات ضخمة تصل إلى بلايين من اليورو في السنوات المقبلة. ويرى هؤلاء أن شركة"فينترشال"، التابعة لشركة"بي إي إس إف"الألمانية الضخمة، تتمتع بموقع مميز في ليبيا بسبب تواجدها هناك منذ عشرات السنين، استثمرت خلالها 1.3 بليون دولار، ما يؤهلها للحصول على عروض عمل مغرية.