غداة الأزمة التي انفجرت بين كولومبيا والأكوادور وفينزويلا في آذار مارس، بذلت البرازيل وسعها في سبيل إنشاء مجلس دفاع جنوب أميركي. وتولى ماركو أوريليو غارثيا، مستشار الرئيس البرازيلي لويس انياثيو لولا داسيلفا للشؤون الديبلوماسية، شرح الرأي بباريس. فقال إن الخطة لا تقضي بإنشاء حلف أطلسي في الجنوب الأميركي، وإنما الغاية هي توكيل هيئة مشتركة ب?"الوقاية من المنازعات"على مثال مجلس أمن الأممالمتحدة وصورته. وتريد برازيليا تنسيق السياسات الدفاعية، من جهة، وبلورة تكامل بين صناعات السلاح، من جهة أخرى. وجاءت أصداء المبادرة متفاوتة. فنائب وزير الدفاع التشيلي السابق، غبرييل غاسبار تابيا مدح الفكرة وأطراها. وذهب أحد كبار ضباط الجيش بالأورغواي الى أن الوقت حان أخيراً للتنسيق العسكري والدفاعي بين دول أميركا اللاتينية. ولكن مستشارة سابقة في وزارة الدفاع الأرجنتينية، روت ديامينت، أعربت عن تحفظها، وعللته بخواء أعمال التنسيق المقرة قبل 6 سنوات بين الأرجنتينوالبرازيل وشللها طوال الوقت هذا. وتريد أوروبا، من ناحيتها، عقد شراكة"استراتيجية"مع البرازيل في سبيل جبه تحديات الإرهاب وتجارة البشر وتهريب المخدرات، على قول نيكولاس باسكاويل دولابويرتا، أحد مساعدي خافيير سولانا، الممثل الأعلى الأوروبي. وترى روت ديامينت أن الخطة الأوروبية تقضي، على هذا، بإيلاء برازيليا دور"الجنرال والشرطي"معاً. ولكن الأميركيين اللاتينيين يجمعون على إلحاح المسألة وتعليق حلها. فمعاهدة التعاضد المتبادل بين الدول الأميركية، ولفيف الدفاع الأميركي المشترك وهذا مقره بواشنطن، غير فاعلين، على ما يلاحظ ألفريدو رانجيل، مدير مؤسسة الأمن والديموقراطية الكولومبي. ولا تؤاتي الخلافات اللاتينية ? الأميركية اتفاقاً على المسألة الدقيقة هذه. فكيف التنسيق بين مناهضة الرئيس الفينزويلي هوغو تشافيز الأمبريالية وبين تعاون المكسيكوكولومبيا الوثيق مع الولاياتالمتحدة، وبين الزعامة البرازيلية والتحفظ الأرجنيتي عنها؟ على ما يسأل ألفريدو فالادار، مدير كرسي ميركوسور في معهد العلوم السياسية. وإلى هذا ينكر المكسيكيون فصل أميركا الوسطى من أميركا الجنوبية، على ما تفعل الديبلوماسية البرازيلية. فلا تتردد فرانسين ياكوم، مديرة معهد العلوم الاجتماعية والسياسية، في الكلام على"تصدع إقليمي". والحق أن مناقشة المسألة قرينة على تنبه أميركا اللاتينية من غفلة طويلة. ففي أيام الديكتاتورية العسكرية، كان أعداء البرازيل ثلاثة: الشيوعية والأرجنتين والعدو الداخلي، على قول ماركو أوريليو غارثيا. وأما اليوم فالشيوعية من الماضي، والأرجنتينيون هم أقرب حلفائنا، واليسار يتولى الحكم بالبرازيل وفي معظم بلدان أميركا الجنوبية. عن باولو بارانغو،"لوموند"الفرنسية، 26/4/2008