سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكد أن بلاده لا تسعى إلى عزل سورية وانتقد تهجمات أطراف في لبنان على الجامعة مؤكداً أولوية الحل العربي . سعود الفيصل : المبادرة العربية متوازنة واستمرار رفضها يحيرنا
أعرب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن أسفه لسعي بعض الأوساط السورية الإساءة إلى المملكة ودول عربية أخرى خفضت تمثيلها في القمة العربية الحالية التي تشهدها دمشق، وقال في مؤتمر صحافي عقده أمس في الرياض:"هذه دول مستقلة ولا أعتقد أنها تنتهج سياسة تتبع لأي دولة أخرى، وأعتقد أن هذا الاتهام مسيء ومذل، ونحن لا نرضى ولا نقبل إهانات على هذا النحو لأي دولة عربية". وسعت أوساط سورية أخيراً إلى تصوير خفض دول مثل مصر والأردن واليمن تمثيلها في القمة بأنه نتج من ضغوط سعودية واميركية، وهو ما دفع المسؤول السعودي للتعبير عن أسفه واستيائه. وأكد الفيصل حرص بلاده على نجاح القمة للخروج بقرارات تدعم العمل العربي المشترك، وقال:"أتمنى صادقاً أن تنجح القمة"، مضيفا:"لا توجد رغبة لدى أي طرف عربي لعزل سورية بل العكس، سورية من الدول المهمة في المنطقة ومهم لكل الدول أن تعمل سورية في إطار العمل العربي المشترك". وزاد:"المشكلة هي أن ما تم إقراره بالإجماع في الجامعة العربية ويشمل سورية لم ينفذ على الواقع في الإجراءات التي اتخذت بعد ذلك". مشدداً على أنه"لم نر محاولة من أي طرف بعزل سورية، فلا يمكن عزلها، ولا نتطلع له أبداً، لأنها بلد عربي وفي قلب الأمة العربية وكل ما نأمل منها أن تسهم وتكوّن الأساس في حل المشكلة اللبنانية". وأعرب الفيصل عن أسف بلاده لمحاولات إضعاف جامعة الدول العربية. وقال:"هذه جامعتنا، كيف نسعى بأيدينا إلى إضعافها، وان تكون الأداة التي تسعى إلى ذلك يداً عربية". وقال:"لا يمكن القبول بذلك". وأكد المسؤول السعودي عدم جدوى تدويل الأزمة اللبنانية. وقال:"في الإمكان حل المشكلة داخل إطار عربي، وإذا كانت القضية الفلسطينية تعقدت إلى درجة تدخل جهات دولية، فالمشكلة اللبنانية يمكن حلها في الإطار العربي بل يجب حلها ولا يحتاج إلى تدخل أجنبي". وتابع:"هناك مبادرة عربية قبلت بالإجماع وهي تستجيب إلى كل المتطلبات، فنحن في حيرة، هذه المبادرة متوازنة وتلبي طلبات جميع الأطراف، لكن أطرافاً تحتج بأن الغالبية تطغى على كل شي باتخاذ القرارات بحسب إرادتها. ان رفض المبادرة امر غير مفهوم". وأكد أنه لا يمكن الإبقاء على الوضع اللبناني الحالي من دون حل. وقال:"إذا انتهت القمة من دون حل لمشكلة لبنان فلن يترك لتفاقم الأزمة أو أن يتعرض للتقسيم أو تصاب بكارثة جديدة، فهذه لا تقبلها أي جهة عربية". وذكر أن"هناك اقتراحين سمعناهما من رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، أحدهما طلب اجتماعاً للمجلس العام على مستوى وزاري والآخر طلب قمة عربية استثنائية للنظر في مشكلة لبنان". واضاف:"لا أدري أي الحلول ستجد طريقها ولكن لا يمكن أن تستمر المشكلة من دون حل". وحول الخلافات العربية - العربية وتشكيل لجنة لحلها، قال الأمير سعود الفيصل إن المشكلة ليست في إيجاد الوسائل أو المعادلات لحلها، بل هي أن تكون هناك إرادة لدى الدول التي بينها مشكلات لتجاوزها وقبول الوساطات في هذا الإطار". وقال:"المشكلة من زاويتين وضع الأطر لحلها من جانب جامعة الدول العربية لتشكيل لجنة، وهذا سهل الوصول إليه، لكن القناعات والإرادة السياسيتين من أطراف النزاع هي ما يجب النظر فيه". بيان صحافي وكان الأمير سعود استهل ايجازه الصحافي الدوري في مقر وزارة الخارجية ببيان صحافي في ما يأتي نصه: "أكد مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير بكل وضوح على سياسة المملكة العربية السعودية القائمة على مبادئ الصدق والشفافية في تناول القضايا العربية والإسلامية والالتزام بالمواثيق والعهود وتغليب المصلحة الوطنية العربية على التحالفات الخارجية واستثمار العلاقات الدولية في خدمة القضايا العربية المصيرية، وتنطلق هذه السياسة من حرص المملكة على تكريس التضامن العربي المستند على وثيقة العهد والتضامن التي أقرها القادة العرب في قمة تونس. وفي هذا الإطار تمحورت جهود المملكة السياسية الأخيرة في إطار الجامعة العربية وعلى الساحتين العربية والدولية، وكانت المملكة تتطلع إلى ان تكون قمة دمشق العربية محققة لهذه الأهداف، غير أن ما لاحظناه للأسف الشديد حتى الآن من خلال الظروف المصاحبة لعقد القمة أنها لا تبشر بهذه النتيجة أو ما نأمله ونتطلع إليه منها. إن القضية الفلسطينية تظل قضية العرب المصيرية التي تحظى بجل اهتمام حكومة المملكة العربية السعودية وجهودها الحثيثة في سبيل إعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على أسس الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرة السلام العربية، وإذا كانت هذه القضية تعاني من تعقيدات وأبعاد دولية ناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي الأجنبي للأراضي العربية وتستلزم جهوداً مضاعفة على الساحات الدولية فإن مشكلة لبنان كان يمكن أن تمثل نموذجاً لحل أزمة عربية في إطار البيت العربي، خصوصاً في ظل توصل الجامعة العربية لخطة متكاملة ومتوازنة لحل الأزمة تستجيب لمطالب جميع الأطراف اللبنانية وتحقق التوازن في ما بينها بعيداً عن السيطرة على اتخاذ القرار أو تعطيله بين الأكثرية والأقلية النيابية. وحظيت المبادرة بإجماع عربي كامل من دون استثناء بما في ذلك سورية، كما أنها حظيت بتأييد دولي واسع في إطار الجهود الحثيثة للمملكة وأشقائها العرب على الساحة الدولية التي كان أحد أهدافها النأي بلبنان عن أي تدخلات خارجية من شأنها تعقيد الوضع. إلا انه في المقابل - وللأسف الشديد - كانت هنالك محاولات لتعطيل الحل العربي في لبنان بل وترسيخ التدخل الخارجي على الساحة اللبنانية وهذه المحاولات بدأت منذ اغتيال المرحوم الرئيس رفيق الحريري والاغتيالات التي أعقبته للتيار نفسه ثم استقالة الوزراء في الحكومة اللبنانية في محاولة لتجريدها من شرعيتها والعمل على التحريض والمساعدة باتجاه تجميد مؤسسات لبنان الدستورية بما فيها البرلمان من دون أي مسوغ دستوري أو قانوني. وحاولت المملكة بدأب منذ بداية الأزمة الوصول إلى حل توافقي يحفظ مصالح الجميع واستثمرت في ذلك تأثيرها على الساحة اللبنانية الناجم عن عضويتها في اللجنة الثلاثية المشكلة من القمة العربية لوقف الحرب الأهلية اللبنانية ورعاية المملكة لاتفاق الطائف ودعمها الاقتصادي المستمر للبنان وإعادة إعماره وأيضاً انطلاقاً من واجبنا القومي تجاه دولة عربية شقيقة من دون ان يكون هنالك للمملكة أي أهداف أو أطماع أو مخططات غير معلنة سوى تجاوز لبنان لمحنته وتحقيق أمنه واستقراره وازدهاره وذلك ما يدركه كل اللبنانيين. وحرصت المملكة في تحركها منذ البداية على المحافظة على مسافة واحدة من الأطراف اللبنانية كافة وحثها على انتهاج أسلوب الحوار والتوافق وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية الضيقة بل وحرصت أيضاً على بذل الجهود لإقناع فريق الموالاة بالاستجابة مرة تلو الأخرى لأي اقتراحات إيجابية للمعارضة كانت تطرح من نبيه بري باعتباره ممثلاً للمعارضة حينئذ غير انه في كل مرة يتم فيها قبول حل يواجه برفض آخر يعيد الأمور إلى نقطة البداية. وللأسف الشديد استمر النهج نفسه في التعامل مع المبادرة العربية، سواء في تعطيل ما يتم التوافق عليه أم تكريس النفوذ الخارجي على الساحة اللبنانية على حساب مصلحة لبنان العليا التي تحظى بدعم عربي كامل مع عدم وجود أي مبررات منطقية أو مفهومة لأسباب تعطيل المبادرة المستوفية لطلبات الأطراف المعنية كافة بانتخاب فوري لرئيس الجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية والعمل على إيجاد صيغة قانون جديد للانتخابات وإجراء انتخابات نيابية في الموعد المتفق عليه. ومن المثير للأسف ان الأمر لم يقتصر على تعطيل المبادرة التي أقرت بإجماع عربي كامل بل تجاوزه إلى حد هجوم بعض الأطراف اللبنانية السافر على الجامعة العربية التي تعتبر أهم المؤسسات الدستورية العربية في محاولة للتقليل من احترامها وشأنها، وهو ما من شأنه أيضاً التقليل من احترام بقية المؤسسات الدستورية العربية وإضعاف دورها الهادف إلى تعزيز وتطوير العمل العربي المشترك. ان هذا الهجوم يتطلب وقفة حازمة لإعادة الاحترام لمؤسساتنا الدستورية العربية والحفاظ على صدقيتها وعلى رأس هذه المؤسسات الجامعة العربية التي تشكل حلفاً فريداً بين أعضائها ورمزاً لا يجوز التعدي عليه ما يتطلب منا انتهاج السياسات الحازمة نفسها للمؤسسات السياسية الدولية الأخرى المماثلة التي تفرض عقوبات رادعة في حال تعطيل او عدم تنفيذ اي قرار يصدر عنها بالإجماع، الأمر الذي سيمكننا من إعادة الاحترام لمؤسساتنا العربية وطمأنة دولها وشعوبها بوقوفها إلى جانب قضاياهم المشروعة. وغني عن القول ان محاولات تعطيل الحلول في لبنان وضرب قرارات الجامعة العربية بعرض الحائط هي المحاولات ذاتها التي تسعى وبشكل واضح وملموس الى تعميق الشرخ الفلسطيني وتعطيل الحلول السياسية في العراق والعبث في القضايا العربية عموماً. وعلى رغم ذلك، فقد حرصت المملكة على المشاركة في قمة دمشق ولو بالحد الأدنى حرصاً منها على التضامن العربي، خصوصاً ان المملكة لم يسبق لها ان قاطعت قمة عربية من قبل، ويعود مستوى تمثيل المملكة في القمة إلى الظروف والملابسات المؤسفة التي أشرت إليها وإلى قناعة المملكة بأن الأسلوب الذي انتهج في التعامل مع القضايا العربية التي سيبحثها المؤتمر لن يكون مؤدياً إلى لم الشمل العربي وجمع كلمته وتحقيق التضامن، خصوصاً في هذا المنعطف الخطر والحرج، الذي تمر به امتنا العربية والتحديات الكبيرة التي تواجهها. ومع ذلك فإننا نأمل - كما يقال - بأننا قد أخطأنا حيث أصبنا، وأن تخرج القمة بحل للأزمة اللبنانية وفق مبادرة الجامعة العربية، والتي بذل أمينها العام جهداً كبيراً لتنفيذها مع الأطراف اللبنانية خصوصاً ان القمة تعقد في دمشق التي ما زلنا ننتظر منها تحركاً ايجابياً على الساحة اللبنانية لتنفيذ المبادرة استكمالاً للجهود الحثيثة للمملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية، كما نأمل بأن تنجح القمة في رأب الصدع العربي ولم الشمل وتغليب المصلحة القومية العربية على المصالح الخارجية".