بدأ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني امس، زيارة دولة لبريطانيا تستغرق يومين. ورافق الرئيس وزوجته وزير الخارجية برنار كوشنير ووزيرة العدل رشيدة داتي وسكرتيرة الدولة لحقوق الانسان راما ياد. وكان الأمير تشارلز وزوجته كاميلا في استقبال الرئيس الفرنسي وزوجته في المطار. وتوجه الجميع الى قصر وندسور غرب العاصمة البريطانية حيث حظي الرئيس الفرنسي باستقبال ملكي أعدته الملكة اليزابيث الثانية وزوجها دوق ادمبره الأمير فيليب. وخلال الزيارة التي تستمر 36 ساعة، سيلقي ساركوزي بعد ظهر اليوم خطاباً امام مجلسي العموم واللوردات المجتمعين في مقر البرلمان في ويستمنستر. وسيلتقي رئيس الوزراء غوردن براون في اول اجتماع قمة ثنائي. في حديث الى هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، تعهد الرئيس الفرنسي بأن يأخذ في الاعتبار، الانتقادات الموجهة الى أدائه والتي تسببت في تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي. وقال ساركوزي في المقابلة التي سجلت في باريس عشية مغادرته الى بريطانيا وبثت قبل ساعات من وصوله الى بريطانيا:"لست من النوع الذي يستمع الى الاطراءات ويتجاهل الانتقادات. انا آخذ بالاعتبار الأمرين معاً". وتساءل"انما بصراحة اذا كان المأخذ الوحيد عليّ هو الأسلوب، فهذا يعني اذاً ان لا مآخذ عليّ في ما يتعلق بالجوهر". وأضاف:"انا رئيس للجمهورية منذ عشرة اشهر واقول شيئاً واحداً لبريطانيا: لم اسحب اياً من مشاريعي الاصلاحية ولم اتراجع في اي موضوع. قمت بكل الاصلاحات التي وعدت بها". وتابع"اذا كانت المشكلة تكمن فقط في الاسلوب، فآمل بأن تعجبكم البزة الرسمية التي اوصيت عليها من اجل السهرة الملكية". وأثار طلاق ساركوزي من زوجته السابقة سيسيليا والعطلة التي امضاها مع العارضة والمغنية الإيطالية كارلا بروني في مصر قبل زواجه منها، الانتقادات لأسلوب حياته، ما تسبب في تراجع شعبيته بشكل كبير. صفقة طائرات على صعيد آخر، قالت مصادر في لندن: إن بريطانيا ستعلن قريبا عن صفقة لشراء طائرات صهريج من طراز"ايرباص أي 330"بعدما أنقذ قرض مصرفي هذه الصفقة الأكبر في العالم بين القطاعين العام والخاص وتبلغ قيمتها 26 بليون دولار. يتوقع ان تعلن الصفقة اليوم، خلال زيارة ساركوزي على رغم انها ليست رسمياً جزءاً من برنامجه. وتأتي الصفقة بعد أسابيع من إبرام صفقة لتوريد طائرات مماثلة من الولاياتالمتحدة. ساركوزي"الانغلوساكسوني" وخلافاً لجاك شيراك الذي لم يكن يتمتع بشعبية في بريطانيا، يحظى ساركوزي بسمعة طيبة بصفته"مؤيداً للانغلوساكسونية"ولو بدأت الصحافة البريطانية تسأم من اسلوبه الذي اثار اعجابها في مرحلة اولى. وكتبت صحيفة"ذي تايمز"في مقال حمل عنواناً بالفرنسية:"انه صديق جيد"وعكس بذلك رأي قسم كبير من الصحف البريطانية. وكانت بريطانيا رحبت بانتخاب ساركوزي ووصفت ذلك بأنه بداية عهد واعد لعلاقات جديدة بين لندنوباريس بعد التوتر الذي ساد العلاقات بين رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وشيراك. وقال جون ليشفيلد مراسل صحيفة"ذي اندبندنت"يسار وسط في باريس:"يشعر البريطانيون والصحافة البريطانية برغبة تلقائية في تأييد"ساركوزي. وهذا الموقف يأتي خصوصاً ان ساركوزي خلف شيراك الذي لم يكن يلقى شعبية لدى البريطانيين ولم يكونوا يستسيغون ما اعتبروه وقاحة من جانبه ولا موقفه المعارض للحرب على العراق او حتى دعاباته حول المطبخ البريطاني. وكان شيراك قال مازحاً:"لا يمكننا ان نثق بأناس لديهم مطبخ سيئ الى هذه الدرجة". ومنذ انتخابه، اتخذ ساركوزي موقفاً مغايراً تماماً عن سلفه، وقدم بريطانيا على انها نموذج لليبرالية ودعا الى تقارب مع الولاياتالمتحدة ووعد بإصلاح نظام سياسي غالباً ما وصف في بريطانيا بأنه فاسد وقديم. وقال ليشفيلد:"كنا نعتبر انه سيكون رئيساً يتماشى اكثر مع الانغلوساكسونية وتكون نظرته للاقتصاد ليبرالية اكثر ويكون اقل تمسكاً بالأفكار الأوروبية التي كان يدعمها اسلافه". من جهته قال روجر دوكلو وليامز الاختصاصي في العلاقات الفرنسية - البريطانية في جامعة"وورويك"، ان تأكيد ساركوزي رغبته في تعزيز الوجود العسكري الفرنسي في افغانستان ودوره في حلف شمال الاطلسي، سمحا له ايضاً بتسجيل نقاط لدى الرأي العام البريطاني. وقال وليامز ان"شخصية ساركوزي محببة اكثر لدى البريطانيين لمواقفه في مجال السياسة الخارجية او لأنه يعتمد في السياسة الداخلية الفرنسية موقفاً يتماشى في شكل افضل مع نهج حكومة"غوردن براون. الا ان حياة ساركوزي الخاصة واسلوبه جعلا منه"نجماً"في وسائل الاعلام البريطانية. حتى ان اكثر الصحف جدية افردت صفحات عن طلاقه من سيسيليا وزواجه من عارضة الأزياء السابقة. وعلى مرور الأشهر، تراجعت الصورة التي كونتها الصحف البريطانية عن ساركوزي واخذت تعلق على تراجع شعبيته في صفوف الرأي العام الفرنسي وتنتقد استعراضه لحياته الخاصة. وفي كانون الثاني يناير الماضي، كتبت صحيفة"ذي اوبزرفر"انه"في السابق كانت الرصانة سيدة الموقف في الاليزيه اما اليوم فإنها مهزلة". ويؤكد وليامز ان"قلة الرصانة"التي باتت تتميز بها الرئاسة الفرنسية وتثير اهتمام الصحافة الشعبية،"لا اثر لها على الصعيد السياسي"في بريطانيا.