انطلاق الدورة 56 للجنة العربية لحقوق الإنسان بالقاهرة    الدكتور الربيعة: استقرار حالة التوأم الملتصق السعودي (يارا ولارا) بعد 4 أيام من إجراء عملية فصلهما الناجحة    دول الخليج تدعو لتحرك دولي عاجل لفك الحصار عن غزة    مقتل 27 فلسطينيا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على غزة    القبض على (12) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (216) كيلوجرامًا من "القات"    بارتفاع طفيف.. قطاع البنوك يدعم تعاملات سوق الأسهم السعودية    انوفست العقارية تحصل على تصنيف ائتماني بدرجة (BBB-) من وكالة "تصنيف" مع نظرة مستقبلية مستقرة    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    نائب أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لفرع صندوق التنمية الزراعية بالمنطقة    أمير جازان يستقبل مدير فرع إدارة المجاهدين بالمنطقة    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيد مناشطه الدعوية ضمن برنامج الأمن الفكري في المملكة العربية السعودية    مفردات من قلب الجنوب 5    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير دولة الإمارات لدى المملكة    دمج 267 منصة حكومية ضمن "الحكومة الشاملة" لتحسين الخدمات الرقمية    السفارة السعودية في الفلبين تحث المواطنين على البقاء في مساكنهم خلال فترة هطول الأمطار    القيادة تهنئ ملك بلجيكا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    مركز التنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "تعرف علينا"        جمعية نجوم السياحة وفريق "صواب التطوعي" يوقعان اتفاقية تعاون    جمعية عين لطب العيون تطلق مشروع "اعتلال الشبكية    فريق EVOS Divine الإندونيسي يفوز بلقب بطولة Free Fire    توزيع أكثر من 1.3 مليون وجبة إفطار صائم في المسجد النبوي    تراجع صادرات كوريا الجنوبية    ارتفاع أسعار النفط    طريقتان سريعتان لتخفيف التوتر    الثقافة العلاجية: بين التمكين والمبالغة    تأثير القهوة على نشاط الدماغ    قائد يصنع المستقبل    فرنسا: الإفراج عن اللبناني جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن    "اتحاد القدم" يتلقى اعتذاراً رسمياً من الهلال عن المشاركة في كأس السوبر السعودي 2025    الردّف.. عبق التاريخ وجمال التطور    خادم الحرمين يتلقى رسالة من ملك إسواتيني    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الوليد بن خالد    فهد بن سلطان يشيد بأعمال "الأمر بالمعروف"    الأمن الداخلي ينتشر والمساعدات تتدفق.. عودة تدريجية للاستقرار في السويداء    دراسة: الهواتف الذكية تساعد في الكشف عن الزلازل    مكافحة التعصب الرياضي    محمد بن عبدالعزيز يتسلم تقرير التعليم    المرور: 300 ريال غرامة قيادة الدراجة الآلية بدون رخصة    "قبول" تكشف مزايا الفرص الإضافية ل"تسكين الطلاب"    إدانة نائبة أمريكية في قضية سرقة قطة    الإكوادور تسلّم الولايات المتحدة زعيم أخطر عصابة لتهريب المخدرات    رصد 18 مكتب استقدام مخالفاً في الربع الثاني    تفقد مشروع صفوى- رأس تنورة.. وزير النقل يقف على مستوى تقدم المشاريع بالشرقية    «قصبة المضمار»    نجوم الغناء العربي يشاركون في موسم جدة    أرملة محمد رحيم تتهم عمرو دياب بسرقة لحن    " الثقافة" تطلق منحة الأبحاث المرتبطة بالحرف اليدوية    تقرير "911" على طاولة نائب أمير الرياض    جمعية "واعي جازان " ومركز مسارات يسلطان الضوء على ظاهرة الطلاق العاطفي    بعد غيبوبة طويلة مؤثرة في المشاعر.. الأمير الوليد بن خالد بن طلال إلى رحمة الله    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    الكابتن عمر الثاقب ل«الرياض» بعد فوزه بالذهبية: تنظيم بطولات البادل بالمملكة يرفع مستوى الوعي بها ويشجع على ممارستها    ريال مدريد لا يمانع رحيل روديغر للدوري السعودي    صفقتان فرنسيتان تعززان دفاع نيوم    أمير تبوك يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    61 ألف مستفيد من الإرشاد بالمسجد النبوي    مطلقات مكة يتصدرن طلبات النفقة المستقبلية باستقطاع شهري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"صحوة" أولمرت المتأخرة وسبات المفاوضات مع الفلسطينيين
نشر في الحياة يوم 13 - 11 - 2008

قبل أن يوشك ايهود أولمرت على الانسحاب من المشهد السياسي، أسعفته الظروف التي عرقلت تأليف تسيبي ليفني وزارة جديدة في أن يستمر في منصبه حتى الانتخابات النيابية المبكرة في إسرائيل، وربما يرتكب خلال هذه الفترة حروباً محدودة ضد أهالي غزة تضيف صفحات سوداء جديدة الى سجله وتزيد من تعقيد الوضع في المنطقة.
لكن أولمرت حضر في ما يشبه صحوته المتأخّرة... وبعد فوات الأوان، تلك التي تتجلّى في ما يمكن تسميته"وصيّته السّياسيّة"، لن تقدّم أو تؤخّر لا بالنّسبة إليه ولا بالنّسبة للعمليّة التفاوضيّة"إلاّ إذا جاء من يبني عليها، أو إذا ما أرادت الحكومة المقبلة"أن تباشر حراكاً تفاوضيّاً وصولاً إلى صيغة ما من صيغ التّسوية التي تتّفق وشروط التنازلات الممكنة، كما حددّها أولمرت.
وإذا كانت قناعة الرّئيس الفلسطيني محمود عباس بأنّ فرص إتّفاق تفاوضي حتّى نهاية العام الحالي تقترب من الصّفر، فإنّ تصريحات أولمرت وعروضه"السّخيّة"ليست أكثر من حبر على ورق. فلم يقدّم الإسرائيليّون على اختلاف طواقم مفاوضاتهم"ما يساعد ادّعاءاتهم على أنّهم حريصون على التّوصّل إلى"حلّ الدّولتين"، لأنّ البديل سيكون"الدّولة الواحدة ثنائيّة القوميّة"وهذا ما لا يرغب به أحد في إسرائيل بحسب الرّسميين الإسرائيليين.
ومنذ بدء المفاوضات الفعليّة المترافقة بمساومات لا معقولة، وجد المفاوض الفلسطيني نفسه أمام دولة مقترحة لا تتجاوز مساحتها الفعليّة أكثر من 50 في المئة من مساحة الضّفة الغربيّة، إذ سبق لأولمرت أن عرض على الرّئيس عبّاس دولة على 93 في المئة من مساحة الضّفّة، على أن تتم مبادلة ال7 في المئة المتبقّية بأرض في الخليل وفي جنوب فلسطين قرب غزّة. في الوقت الّذي أسقط هذا العرض كلاً من مدينة القدس وقضيّة اللاجئين. إذ طالب أولمرت يومها بتأجيل البحث فيهما إلى فترة زمنيّة لاحقة، بسبب قوّة المعارضة الدّاخليّة"الإسرائيليّة"لأيّ حلول وسط في شأنهما، كما طالب بإبقاء السّيطرة الأمنيّة الإسرائيليّة على غور الأردن.
ولدى النّظر في الخرائط يتبيّن أنّ ال93 في المئة ستكون من الضّفة من دون القدس، التي تصل مساحتها اليوم إلى عشرة في المئة من مساحة الضّفّة، وبإسقاط غور الأردن الّذي يشكّل 22 في المئة من مساحة الضّفّة. كذلك فإنّه وحسب دراسات حديثة أعدّها معهد البحوث التّطبيقيّة أريج، فإنّ جدار الفصل العنصري يصادر 13 في المئة من أراضي الضّفّة"وليس كما تعلن المصادر الإسرائيليّة بين 6 و 9 في المئة من الضّفّة.
لهذا... وبهدف التّأثير على مفاوضات الوضع النّهائي، تلجأ الحكومات الإسرائيليّة لمواصلة تلاعبها في الديموغرافيا والجغرافيا الفلسطينيّة لأهداف عنصريّة، وذلك عبر مصادرة الأراضي وعزل التّجمعات السّكّانيّة وتغيير معدّلات السّكان خصوصاً في القدس الشّرقيّة. وحسب دراسة معهد أريج فإنّ الجدار يضمّ 107 مستوطنات يقطنها نحو مئة ألف مستوطن، أي 80 في المئة من المجموع الكلّي للمستوطنين في الضّفّة.
ومن المؤشّرات السّيئة في نظر الفلسطينيين، أنّ سلطات الاحتلال لم تنفّذ قرارات لتعديل مسار الجدار، كانت محكمة العدل العليا الإسرائيليّة قد أصدرتها"مستجيبة في ذلك لاعتراضات أصحاب الأراضي، بعدم وجود أيّ مبرّرات أمنيّة لضمّ أراضيهم. إضافة إلى ذلك فإنّ فترة حكم أولمرت التّي امتدت طوال 30 شهراً كانت شهدت أكبر حملة استيطان، ليس فقط في الكتل الاستيطانية الكبرى، إنّما أيضاً في المستوطنات التي بقيت شرق الجدار، وكلّ ذلك بمشاركة وتواطؤ حزب العمل الشّريك الأبرز في الائتلاف الحكومي. واستناداً إلى تقارير"حركة السّلام الآن"، فإنّه وخلال حكم أولمرت"تمّ بناء ما لا يقل عن 4 آلاف شقّة سكنيّة جديدة في أنحاء الضّفّة الغربيّة، إضافة إلى نشر عطاءات لبناء 1433 وحدة أخرى، وأنّ ثلث الشّقق الجديدة بني في مستوطنات تقع شرق الجدار، هذا فيما شهدت القدس خلال الفترة ذاتها نشر عطاءات لبناء 2500 وحدة جديدة.
على أيّ حال... يبدو أنّ سلوك الحكومات الإسرائيليّة إزاء الاستيطان لا يختلف، رغم تباين منطلقات أطرافها الأيديولوجيّة، ما يفضح عدم جدّيّة أحاديث أقطابها عن التّنازلات المؤلمة كثمن لپ"السّلام". وما يجري على الأرض"يناقض تناقضاً تامّاً كلّ أحاديث"السّلام"وبالوناته المرتفعة اليوم في سماء المفاوضات المتقطّعة، وربما المتبدّلة غداً أطرافها، لا سيّما في الجانب الإسرائيلي في ضوء تشكيل الحكومة الجديدة"ائتلافيّة كانت أم ناتجة من انتخابات عامة مبكرة.
هكذا... أغرقت الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة المفاوضات في المسار الفلسطيني"بأوهام سلام زائف وبأرقام مضلّلة، ما فتئ المفاوض الإسرائيلي يواصل محاولاته فرض مساوماته واقتطاعاته من أرض ليست له أصلاً, بهدف فرض تسوية قاصرة عن بلوغ أيّ هدف من أهداف المفاوضات السّت. وها هو أولمرت وهو خارج موقعه الرّسمي"يحاول أن يقول أو يعترف بجزء من الحقيقة التي لم يكن ليعترف بها وهو يفاوض، أو يشرف على المفاوضات.
لهذا... فلا"صحوة"أولمرت المتأخّرة ولا غيبوبة شارون قبلها، سوف تتيح إيقاظ المفاوضات من سبات غيبوبتها التي أراد الإسرائيليّون من البداية إغراقها فيها، في ظلّ إجماعهم التّام على عدم منح الفلسطينيين دولة، أو دولتهم المنشودة: النّقيض المطلق لدولة إسرائيل كدولة يهوديّة، مهما اجتهدوا في اختيار تسمية لها، فهي في كلّ الأحوال إنّما كان الهدف من إقامتها"تغييب حق الدّولة الفلسطينيّة في الوجود، ومنعها من حيازة حقّ الحياة مجدّداً... أي على النّقيض من وجودها سابقاً تحت الحكم العثماني أو تحت الانتداب البريطاني، كما وعلى النّقيض من وجودها تحت الحكم الإسرائيلي، أو استعادة حكمها وظيفيّاً من جانب الحكم المصري في قطاع غزّة، أو من جانب الحكم الأردني في الضّفّة الغربيّة بما فيها القدس.
من هنا أهمّيّة الكفاح الوطني التّحرّري للشعب الفلسطيني، لإنجاز مرحلة تقوم فيها دولة فلسطينيّة مستقلّة أوّلاً، ضمن تحوّلات استراتيجيّة في أعقابها ربّما كان ممكناً قيام دولة ديموقراطيّة واحدة، في نطاق أرض فلسطين التّاريخيّة، وهذا هدف استراتيجي يمكن إنجازه تراكميّاً على صعيد تاريخي، إن لم يكتمل الآن في الحاضر غير المنظور، ففي مستقبل مهما بدا بعيداً فهو آتٍ لا ريب.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.