يواصل سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان عبدالعزيز خوجة تحركه في اتجاه قادة الموالاة والمعارضة في محاولة جادة، لبلورة اتفاق سياسي ينهي الأزمة الراهنة ويعيد الاستقرار الى البلد من خلال التفاهم على توسيع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وتحويلها الى حكومة وحدة وطنية. ويأتي تواصل خوجة مع سائر الأطراف في إطار حثهم على التوصل الى اتفاق على ورقة تفاهم، خصوصاً ان السعودية تبقى الدولة الأقدر على الانفتاح على الجميع، مدعوماً هذه المرة من السفيرين الفرنسي برنار ايمييه والايراني محمد رضا شيباني اضافة الى السفير الاميركي جيفري فيلتمان الذي لم ينقطع عن الاتصال برموز المعارضة وعلى رأسهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري وزعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون. لكن خوجة يحرص، كما ينقل عنه الزوار، على تأكيد انه لا يحمل مبادرة سياسية باسم بلده، وان كل ما يهمه ان يتوصل الأطراف الى اتفاق يسرع في انتاج حكومة وحدة وطنية من رحم الحكومة الحالية. كما انه لا يدخل في سجال مع هذا الطرف او ذاك بمقدار ما انه يتوجه الى الجميع بخطاب واحد يدعوهم فيه الى مؤازرة الجهود العربية والدولية الداعمة للتوافق اللبناني ? اللبناني، اضافة الى تأكيده انه لا ينوب عنهم في العودة الى الحوار ولن يتوانى عن تقديم كل دعم من اجل تقريب وجهات النظر الذين يتوجب عليهم تأمين الاجواء المناسبة لتفعيل الجهود لإنهاء الازمة. وفيما يتواصل خوجة مع السنيورة وقادة 14 آذار، فإنه في المقابل على تواصل شبه يومي مع النائب في حركة"أمل"علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام ل"حزب الله"حسين خليل اللذين يسألان باستمرار عن مدى جدية الأكثرية في الوصول الى تسوية وعن مصير القرارات التي اتخذتها الحكومة في غياب الوزراء الشيعة والموقف من تصعيد قائد"القوات اللبنانية"سمير جعجع في خطابه السياسي، على الأقل، من وجهة نظر"أمل"و"حزب الله". لكن المواقف الأخيرة لجعجع لا تشكل اعتراضاً، لا على تحرك خوجة، ولا ضد التفاهم على تسوية كما يقول قيادي في 14 آذار ل"الحياة"خلافاً لما ذهب اليه بعض المعارضة الذي يحاول ان يحمل جعجع مسؤولية الالتفاف على حل لم يولد بعد وما زالت عناوينه الرئيسة مدار تداول بين الأكثرية والمعارضة بالواسطة من خلال خوجة. وأكد القيادي ان من الخطأ التعامل مع جعجع وكأنه أقفل الباب في وجه التسوية لمجرد تشديده على أهمية الاتفاق السياسي وعلى تحسين شروطه في التسوية المنشودة. وحمّل القيادي أطرافاً معارضة مسؤولية عبر محاولته حرق المراحل وتسليط الأضواء على مهمة خوجة بعد ساعات على تحركه التوفيقي الذي ما زال في طور التأسيس للدور الذي باشره في اتجاه السنيورة ورئيس تيار"المستقبل"سعد الحريري ورئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط وقيادتي"أمل"و"حزب الله"استعداداً للمضي في اتصالاته. ونفى القيادي وجود مشكلة داخل قوى 14 آذار، وقال ان المشاورات في ما بين قادتها مستمرة وان التحضيرات جارية لعقد لقاء لقادة الأكثرية يفترض ان ينتهي الى اعداد ورقة سياسية تحمل وجهة نظرهم من تشكيل حكومة وحدة وطنية. وسأل القياديً:"كيف يسمح بعض المعارضة لنفسه بالقول ان جعجع تجاوز حلفاءه وانه لا يريد حلاً، من دون ان يحدثنا عن الموقف السوري وما اذا كانت دمشق مستعدة لتغيير سلوكها في لبنان وتوفير الدعم لتشكيل الحكومة العتيدة؟". كما سأل المعارضة ما اذا كانت تضمن موقف رئيس الجمهورية اميل لحود ولا تسمح له بأن يعوق الجهود السعودية وغيرها للمساعدة على التغلب على المشكلات وإيجاد الحلول للنقاط الخلافية. ام انه سيحتفظ بمجال للمناورة مستفيداً من الوقت لتشكيل حكومة ثانية عندما يرى ان الظروف سانحة له؟ وأكد القيادي ان الأكثرية على استعداد لتسهيل مهمة السفير السعودي ومن يعاونه من سفراء عرب وأجانب وانها ماضية في توفير الدعم له لضمان عدم اطاحتها كما حصل في الماضي عندما اصطدمت مهمته بحقل من الألغام السياسية وحاولت المعارضة في حينها ان ترمي المسؤولية على قوى 14 آذار. واعتبر القيادي ان البعض في المعارضة يريد ان يصدر احكاماً بالنيات على جعجع من دون ان يلتفت الى المواقف التي صدرت عن السنيورة والحريري وجنبلاط. على رغم انه يدرك ان أي اتفاق سياسي لن يولد بالواسطة ويحتاج الى حوار مباشر مع تقدير الجهد الذي يبذله خوجة. وتساءل عن توفيق المعارضة بين رغبتها في تشكيل حكومة وحدة وطنية وامتناعها في الوقت نفسه عن الدخول في حوار مباشر مع الأكثرية للاتفاق على كل التفاصيل التي يتولى رعاية الحوار في شأنها السفير خوجة ومن خلاله... في ظل تعذر اعادة الاعتبار للحوار اللبناني ? اللبناني. وفي المقابل تؤكد مصادر بارزة في المعارضة ان الوقت لم يحن لعودة الحوار بين السيد نصر الله والحريري وكأنها ترهن استئنافه بالاتفاق اولاً على تركيبة حكومة الوحدة الوطنية بحجة ان القاعدة الشعبية ل"حزب الله"، ونظراً الى التجارب، لا تتقبل إحياء الحوار دون ان يتقدمه اتفاق مسبق على الحل. لكن هذه المصادر لا تجد ما تقوله إزاء السؤال عن جدوى رفض الحوار، على الأقل في المدى المنظور، خصوصاً ان الطرف الاساسي فيه، أي النائب الحريري هو زعيم الطائفة السنّية في لبنان وكان أبدى استعداده للحوار من دون شروط، وعلى ورقة بيضاء يتعاونان معاً على ملء الفراغ فيها بتفاهم يكون لمصلحة الجميع. كما ان مصادر في الأكثرية تسأل عن الفائدة من الحوار بعد تشكيل الحكومة، خصوصاً انها تقطع الطريق على محاولة تصوير الحوار كمحاولة لانتاج صفقة ثنائية على حساب المعارضة والأكثرية؟ وتضيف مصادر الأكثرية:"لو افترضنا ان المعارضة تتصرف وكأن جعجع يريد ان يعوق الوصول الى تسوية، او انه يخالف حلفاءه في الرأي، فهل ان كل قوى المعارضة هي الآن في مكان واحد أم ان من بينها من يتحضر لاغتيال هذه اللحظة السياسية التي قد تكون مؤاتية أمام اللبنانيين للتفاهم؟". ولفتت المصادر الى ان الأكثرية لا تتوخى من حوار الحريري مع بري ونصر الله شطب قوى أساسية في المعارضة بمقدار ما انها ترى ان هناك حاجة لتنفيس أجواء الاحتقان لتوفير الحماية للمساعي السعودية ? الايرانية الضاغطة لمنع إحداث فتنة مذهبية في لبنان.