عقدت، أخيراً، ثاني قمة اقتصادية - استراتيجية بين بكينوواشنطن في العاصمة الأميركية، بعد ستة أشهر على انعقاد أول اجتماع قمة بين الصينوالولاياتالمتحدة في بكين. وعلى رغم استمرار الحوار، نزولاً على رغبة الرئيسين جورج بوش وهو جينتاو، انقضى زمن المجاملات بين البلدين. ولا ريب في ان استعراض الابتسامات اللبقة يُخفي وراءه مناقشات ساخنة بين البعثة الصينية الى واشنطن، والاميركيين. وعلى رغم مساعي أمين سر الخزانة الأميركية، هنري باولسون، الحثيثة لتقويض مناوئة جزء من الاميركيين بكين، لم تُطمئن سياسات الولاياتالمتحدة هذه الاخيرة. والى يومنا هذا، لم ينفّذ الكونغرس الأميركي تهديداته بزيادة الضرائب على البضائع المستوردة من الصين. ولكن هذا المجلس، ويسيطر عليه الحزب الديموقراطي منذ كانون الثاني يناير، يفرض قيوداً محكمة على استيراد البضائع من امبراطورية الوسط، ويتشدد في حماية المنتجات الاميركية. ولا ينفك النواب الاميركيون يذكّرون بكين بأولوية إعادة تسعير اليوان الصيني. ووجه الشيوخ رسالة الى نائبة رئيس مجلس الدولة الصينية، وو يي، تنبه بكين الى أن"الإحجام عن المبادرة الى حلّ المشكلات على المدى القصير، يؤثر في العلاقات الاميركية - الصينية على المدى البعيد". وحذر النواب البيت الأبيض، وابلغوا الادارة الاميركية ان الكونغرس مستعدّ لاتخاذ القرارات المناسبة في حال لم تبادر الى الحؤول دون تفاقم العجز التجاري الثنائي مع الصين، البالغ نحو 200 بليون دولار، في 2006. وفي مواجهة هذه الضغوط الداخلية، تبدّلت لهجة إدارة بوش، وهي لم تتوانَ في السابق عن استخدام النقض في منع الكونغرس من اتخاذ إجراء متطرف. ومنذ بداية العام الجاري، قدّمت واشنطن شكويين ضدّ الصين لدى منظمة التجارة العالمية، وقررت فرض ضرائب إضافية على بعض المنتجات الصينية المستوردة مثل الورق. والأسبوع المنصرم، أعطى السفير ألان هولمر، المسؤول عن الحوار الاقتصادي - الإستراتيجي ضمانات إضافية الى الكونغرس. ولفته إلى نضال الإدارة الأميركية في سبيل التوصل الى يوان أكثر مرونة على المدى القصير تُحدد حركة السوق قيمته على المدى المتوسط". والحق ان نائبة رئيس مجلس الدولة الصيني، وو يي، هي على يقين من ان بلادها لم توفر جهداً لتخفيف غضب واشنطن. فبكين ضاعفت طلبات الشراء من الصناعيين الأميركيين، وتعهدت العمل على موازنة المبادلات التجارية ومحاربة التزوير. وهي خففت، قبل أيام، القيود على سيولة العملة الصينية. وهذه لم تربح سوى 5.8 في المئة منذ إعادة تقويمها في تموز يوليو 2005. وهذه التعديلات تؤهل العملة الصينية نظرياً لتسجيل زيادة قدرها 0.5 في المئة من قيمتها، نظير 0.3 في المئة سابقاً. ولكن بكين لا تنوي زيادة قيمة عملتها زيادة نوعية. فسياستها المالية ترتبط باعتبارات داخلية. وبحسب بيانات المصرف المركزي الصيني، من شأن زيادة قيمة اليوان بنسبة 10في المئة أن تقضي على 5.5 مليون وظيفة، وأن تُلحق خسارة كبيرة بأرباح شركات المنسوجات والمفروشات والأحذية والألعاب. ولا يمكن أن تسمح بكين بحصول مثل هذه الأزمة الاقتصادية قبل أشهر قليلة من انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الكبير. عن دافيد بارو ويان روسو ، "ليزيكو" الفرنسية، 22/5/2007