يكاد "الجنس اللطيف" أن يكون منقرضاً من شاشة السينما الاميركية، على رغم أن عدد النساء في الولاياتالمتحدة يفوق نصف عدد السكان. فيكفي أن يلقي المرء نظرة على الأفلام الهوليودية الجديدة ليلاحظ تدني عدد النساء، وتراجع دورهن"أنداداً"دراميين للرجل. ففي فيلم "300" التاريخي، من إسبارطة، اقتصر الحضور النسائي البطولي على زوجة الملك ليونيداس، وعهِّد دور هذه الشخصية إلى الممثلة لينا هادي. وفي"شوتر"مسدس، يحظى البطل الفار بمساعدة وجيزة من أرملة شابة كايت مارا قبل أن ينصرف إلى القضاء على مليون شرير. ووحدهم من شارفوا، اليوم، على التقاعد أو تقاعدوا قد يتذكّرون أن نساء السينما كنّ على قدم المساواة مع الرجال. فالأدوار النسائية كانت محورية في الأفلام الضخمة، مثل"ذهب مع الريح"و"لحن الموسيقى". وأما اليوم، فتؤدي النساء أدواراً هامشية و"تزيينية"في الأعمال المصوّرة. وأحد أسباب اختفاء النساء، وتقهقر أدوارهن، في السينما الأميركية هو انكماش حصة أفلام الميلودراما الرومنسية والكوميديا من صناعة الأفلام الهوليوودية. وغالباً ما كانت النساء"أنداد"الرجال في هذين النوعين من الأفلام. وصاحب أفول عهد أفلام الميلودراما الرومنسية والكوميديا، والعائلات هي جمهورها الأول، مع تغير نواة بنية المشاهدين والجماهير، وغلبة الفتيان والمراهقين عليها. ويفضل الشباب الفتيان أو الذكور استعراضات القوة في أفلام"الأكشن"، وفيها يواجه رجل بمفرده النظام السياسي او جماعة نافذة. وأفلام الخيال العلمي، على غرار تلك التي ينقذ فيها خبراء في التكنولوجيا النظام الشمسي، وأفلام الرعب، تظهر النساء فيها ضحايا عاريات. والحق أن نظرة هوليوود إلى الإناث والذكور لم تتغير. فالإنجازات والمآثر تنسب الى الرجال، وترفع علماً على هويتهم، في حين تختص النساء بإظهار المشاعر والعواطف. وفي هذه الحقبة السينمائية، يعتبر معظم جمهور المشاهدين ان العواطف والمشاعر أمور ثانوية وسخيفة تبعث على السخرية والتحامل. ومع تراجع مكانة المشاعر من اهتمامات المشاهدين، عزف المنتجون عن تمويل أفلام لا تراكم أرباحاً عالية، وأقصوا، تالياً، السيدات عن الأدوار الرئيسة. ولا ريب في ان هوليوود القديمة خصت الرجال بنوع سينمائي هو أفلام"الوسترن"رعاة البقر. وفي افلام"الوسترن"كانت الأنثى"مناسبة"إذكاء الصراع بين ذكرين. ولم تشترك النسوة في هذه الأفلام في القتال والنزال، وكن يقفن مرتعدات، يشلّهن الخوف في أثناء المواجهة الأخيرة. وفي ستينات القرن المنصرم وسبعيناته، نالت النساء ادواراً متصدرة، وبات في وسعهن بسط نفوذهن والقتل، وسحب المسدّس مثل جون واين. ولكن هذه الأعمال السينمائية لم تكن نسوية، بل ذكورية. وجب يومها على النساء إبراز عضلاتهن. ويرى مخرجو أفلام العنف الحديثة أن إبراز دور النساء يقتضي حملهن السلاح. ويزعمون تحرير نساء السينما بتحويلهن الى رجال. وفي هذه الأفلام قد تقبّل البطلة الشرير، ولكنها لا تنسج علاقة حميمة. وعندما يبدأ مشهد بين البطل والبطلة، تنتقل الكاميرا إلى أمر آخر، ويتفادى المخرج، تالياً، أن يتلهى الشبان - المشاهدون بطبيعة المرأة المعقدة والغامضة عن متابعة الكلام الخشن ومشاهد تدمير الأشياء وتفجيرها. عن ريتشارد كورليس ، "تايم" الأميركية ، 23 /4/ 2007