"أن تقدم فنًا مسرحياً جيداً محترماً في مثل هذا العصر الذي سيطر عليه الفن الهابط والخلاعة والإسفاف في كل شيء، فهو الانتحار بعينه"!! هذا ما فاجأنا به المخرج المسرحي المصري سمير العصفوري عند توجهنا إليه بالسؤال حول الأسباب التي دفعته لاتخاذ قرار إطلاق اسم"فرقة الفنانين المنتحرين"كعنوان للفرقة الجديدة التي شرع في تأسيسها هذه الايام. ويشرح أنه اختار هذا العنوان الفكاهي والمثير ليستعيد من خلاله ذكرى أعظم فرقة مصرية معاصرة وهي"فرقة الفنانين المتّحدين". أسّس هذه الفرقة الرائد المسرحي سمير خفاجي في مطلع الستينات من القرن الماضي، وانضم إليها مجموعة كبيرة من كبار نجوم الكوميديا ابتداء من فؤاد المهندس وشويكار وعبد المنعم مدبولي وحسن مصطفى وغيرهم، وتخرّج منها اجيال من الفنانين الكبار مثل عادل امام وسهير البابلي وسعيد صالح ويونس شلبي والراحل احمد زكي وآخرين غيرهم."حجم الفرقة كان كبيراً للغاية واستوعبت سائر فناني مصر، ولكن للاسف الشديد لم يعد باقياً منها سوى عادل امام الذي يعمل حتى اليوم تحت لوائها اضافة الى سعيد صالح الذي اتجه للعمل تحت لواءات اخرى في السنوات الماضية"، يقول العصفوري. ويوضح أن الهدف من إنشاء فرقته المسرحية، انقاذ المسرح المصري مما يعانيه من تدهور وانهيار وتوقف مستمر،"لدرجة اننا لم نعد نشاهد في الموسم المسرحي من العروض الجديدة الجيّدة سوى القليل جداً بعد ان كان الموسم الواحد يشهد منافسة شرسة بين 20 و30 عرضًا في آن واحد". ما يعني برأي العصفوري، ان"المسرح المحترم الهادف انتحر على يد الادعياء والدخلاء". لذا قرّر إنشاء هذه الفرقة لينضم إليها كل الفنانين الذين لديهم الرغبة في إعادة إحياء المسرح مرة أخرى، شرط ان"يكونوا على استعداد كامل للانتحار من أجله!". وعن سبب انفصاله الشخصي عن"فرقة الفنانين المتحدين"في منتصف السبعينات على رغم النجاح الكبير الذي حقّقه معها بعد إخراجه"مدرسة المشاغبين"، قال إنه قرر عدم اكمال المشروع بعد انفصال الراحل فؤاد المهندس عنها وقيامه بتكوين فرقته الخاصة"الكوميديا المصرية". بقي ان نقول ان فكرة"الفنانين المنتحرين"لاقت قبول واستحسان عدد كبير من الفنانين الشباب مثل محمد هنيدي وأحمد السقا وأحمد حلمي وهاني رمزي وشريف منير وأحمد رزق وأحمد عيد ومنى زكي ومي عز الدين، اذ قرروا جميعاً الانضمام اليها رافعين كما يقولون راية"الانتحار من أجل إنقاذ المسرح المصري من كبوته الكبيرة".