قطع الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد زيارة رسمية الى العاصمة الأرمينية يريفان، قبل الموعد المقرر بساعات عائداً الى طهران، لأسباب قيل انها تتعلق بتطورات داخلية على صلة بالمفاوضات النووية واللقاء الذي جمع اميني المجلس الاعلى للامن القومي الايراني السابق علي لاريجاني وخلفه سعيد جليلي مساء أمس، مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في العاصمة الايطالية روما. وفي وقت أعلنت الرئاسة الإيرانية على لسان كبير مستشاري الرئيس مجتبى هاشمي ثمره، أن الزيارة سارت بحسب الجدول المقرر لها ولم يطرأ عليها اي تغيير، أفادت مصادر في طهران"الحياة"أن أحمدي نجاد تلقى"تمنيات"قبل سفره بإلغاء النصب التذكاري لضحايا الارمن عن جدول الزيارة. ولفتت إلى أن زيارة النصب لو حصلت، كادت تزيد العلاقات بين طهران وأنقرة تأزماً في هذه المرحلة الحرجة، ولا سيما في ظل ما يشهده شمال العراق من تصعيد عسكري بين الجيش التركي والمتمردين الأكراد، في حين تقف إيران في الوسط بين الطرفين. وأضافت المصادر ذاتها أن الجهات التي تمنت على احمدي نجاد اسقاط هذا البند عن جدول زيارته، رأت ان حدوثها سيأتي منسجماً مع القرار الاخير الذي اصدره الكونغرس الأميركي الذي اعتبر قتل الأرمن في عهد العثمانيين"إبادة"، وهو قرار ترى المصادر الإيرانية ذاتها أن هدف واشنطن منه إحراج القيادة السياسية في تركيا، ودفع العسكر لاستعادة دوره في الحياة السياسية التركية، من خلال الضغط على رئيس الوزراء الاسلامي رجب طيب أردوغان. وفي محاولة لقطع الطريق على اي تكهنات، أكد أحمدي نجاد لدى عودته إلى طهران، أن زيارته أرمينيا كان من المقرر ان تستغرق 22 ساعة، لكن اللقاء الذي عقد مع الجالية الايرانية في يريفان"فرض علينا تمديدها"نحو ساعتين. وأشار الى ان العلاقة بين ايرانوأرمينيا"تتجه نحو مزيد من التقدم والثبات، وبحثنا خلال الزيارة في المواضيع المختلفة". وأشار أحمدي نجاد إلى أن محادثاته مع نظيره الأرمني روبرت كوتشاريان تطرقت"إلى أوضاع المنطقة والقضايا الدولية، اضافة الى العلاقات الثنائية". وكشف احمدي نجاد أمام الجالية الايرانية عن"انجاز في المجال الفضائي سيعلن عنه قريباً". وانتقد مدير المكتب الاعلامي في الرئاسة الايرانية محمد جعفر بهداد ما تردد من أنباء عن أسباب قطع زيارة احمدي نجاد، ووصفها ب"الاشاعات والقصص السياسية والاعلامية الغربية ضد ايران". واتهم وسائل الاعلام التي بثتها باستغلال"اقل حدث في ايران وتوظيفه أمنياً وسياسياً، وربطه بأزمات في مجال السياسة الداخلية". مفاوضات روما وقبل ساعات من بدء المحادثات الايرانية - الاوروبية في روما، جدد الرئيس الايراني تأكيده امس أن بلاده لن تتفاوض مع اي شخص حول حقها في التكنولوجيا النووية. وقال قبيل عودته إلى طهران:"نؤيد المحادثات، لكننا لن نتفاوض مع أحد حول حقنا في التكنولوجيا النووية. الطرف الذي يجب ان يضع شروطاً هو ايران، لا الطرف الآخر"، مضيفاً:"قالوا انه اذا علقت ايران نشاطاتها سيجرون محادثات معنا. لا يعرفون ان الامة الايرانية تؤيد التفاوض، لكنها لن تتفاوض على حقوقها أبداً... لن تتراجع ايران قيد أنملة". وإذا كان بعضهم يرى في تعيين جليلي المقرب من احمدي نجاد كبيراً للمفاوضين النوويين الايرانيين مؤشراً على تشدد موقف طهران في القضية النووية، لكن المسؤولين الايرانيين يصرون على ان هذا التغيير لا يعني تغييراً في السياسة. وفي بروكسيل، اعلنت الناطقة باسم الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، ان خافيير سولانا سيدرس"ذهنية"الوفد الايراني الجديد برئاسة جليلي، ليطرح عليه مجدداً عرض التعاون المشروط بتعليق ايران تخصيب اليورانيوم. وعقد الاجتماع بين سولانا وجليلي بحضور سلفه علي لاريجاني بصفته ممثلاً للمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي، قرابة السادسة مساء، أعقبه عشاء بعد اجتماع العمل. وقبيل اللقاء، قالت الناطقة كريستينا غالاش:"سنرى بأي ذهنية يأتون الى روما"وإن كان حلول جليلي محل لاريجاني"يعني تبدلاً في المواقف في اتجاه ما". وأكدت"ان المطلوب مرة جديدة هو معرفة ما اذا كان هناك امكان لبدء مفاوضات"في شأن عرض التعاون الذي سبق ان قدمه سولانا الى الايرانيين في حزيران يونيو 2006. وذكرت بأن هذا العرض"يعطي ايران كل الامكانات الضرورية لبرنامج نووي مدني من دون ان يكون من الممكن تحويله، كما يؤدي الى علاقة سياسية تخرج ايران من عزلتها الحالية". ورأى ديبلوماسي غربي انه في ظل تبدل الاوضاع، فإن تعليق التخصيب في شكل كامل لم يعد مطلباً واقعياً بعدما كان الحل المطروح قبل بضعة اشهر يقضي ب"تعليق مزدوج"توقف بموجبه ايران عمليات التخصيب لقاء رفع العقوبات الغربية عنها. وتابع ان"اذا كان هذا الموقف واقعياً العام الماضي، فهو لم يعد كذلك اليوم". ورأى ان الحل المطلوب حالياً هو نسخة مخفضة عن هذا السيناريو يمكن ان تقضي بتعهد الغربيين عدم اقرار عقوبات جديدة بحق طهران اذا وافقت على العودة الى مستوى ادنى من التخصيب. جاء ذلك بعدما أكد البيت الابيض رغبته في تسوية الازمة النووية الايرانية بالطرق الديبلوماسية على رغم التصريحات الاخيرة للرئيس الاميركي ونائبه، التي قد تنذر بتصعيد عسكري ضد طهران. وقال الناطق توني فراتو ان البيت الابيض يرى ايضاً ان تعيين خلف لكبير المفاوضين في الملف النووي الايراني لا يغير في شيء ضرورة تخلي ايران عن أنشطتها النووية الحساسة. وأضاف:"كان الرئيس ونائبه ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس في غاية الوضوح في شأن رسالتنا لإيران والتأكيد اننا نبحث اولاً عن حل ديبلوماسي وأننا مصممون على ايجاد مخرج ديبلوماسي"للأزمة.