اختار الفنان التشكيلي التونسي حسين مصدق منذ البداية أن تكون تجربته مغايرة للتجربة التشكيلية التونسية ليس بحثاً عن التفرد والاختلاف وإنما سعياً نحو رؤى تجذبه اليها بسلاسة وتوهج، فانساب فيها بفطرية الفنان وجنون العاشق، ما لفت اليه الأنظار. وها هو بعدما شارك في معارض خارجية، اضافة الى معارضه في تونس، وقبل معرضه المقبل في باريس يحط رحاله في صالة"التياترو"في فندق المشتل"مقيماً معرضه الفردي الجديد وعنوانه:"نوافذ الضوء"ويستمر حتى 5 شباط فبراير. يتضمن المعرض 45 لوحة تقدم المراحل التشكيلية والفنية والتقنية التي عبرتها تجربته الثرية والمتفردة. يقول الرسام مصدق متحدثاً عن معرضه:"أردت من خلال معرضي الفردي"نوافذ الضوء"تقديم تجربتي لجمهور الفن التشكيلي في تونس، بعد مجموعة من المعارض الفردية والجماعية التي قمت بها في المشرق العربي سورية ولبنان. وقد انطلقت تجربتي مع القماشة والألوان منذ بداية التسعينات، بعد دراسة اكاديمية في دمشق". ويضيف:"معرض"نوافذ الضوء"هو نتاج جهد تواصل في السنوات الأخيرة، تجريبياً حيناً على مستوى الموضوع والتقنيات، ورسماً في دواخل النفس والذاكرة حيناً آخر... وقد تثير قتامة ألواني ووجوه الاشخاص الحزينة في انفعالات وأحاسيس شتى لدى من يشاهد أعمالي والمتأمل فيها... وقد ينزعج الآخرون أكثر لتحطيمي بعض قواعد فن التصوير الاكاديمي". ويؤكد الرسام أن"هذا المعرض نافذة جسدية وروحية على ما تخفيه أشياء حياتنا وتفاصيلها المبعثرة في النسيان: ذاكرة الانسان السابحة بين الأرض والسماء والماء. تلك النوافذ التي تتراكم في ذاكرتي منذ طفولتي وتطل على الزمن الذي أعيشه في اللحظة الآنية الممتدة في المستقبل: مستقبل الجسد والروح والأحاسيس المنفلتة من كل ما ذكرت. والوجع الساكن في نوافذي والمطل من لوحاتي، يشكل تعبيري التشكيلي في كل تنوعاته، وتلاوينه عما يعانيه الانسان المعاصر في رحلته المستمرة بحثاً عن سبيل للانعتاق من ارهاصات العولمة وما ابتكرته من نماذج غريبة علينا ألقت بنا في دروب الاغتراب والتيه والضياع. ان"نوافذ الذاكرة"دعوة شفافة ومفتوحة الى الأمل والى اكتشاف المناطق المسكوت عنها في حياتنا وربما في مماتنا...".