في وطننا العظيم الذي لم يغفل يومًا عن أحد، لم يكن ذوو الإعاقة يومًا في الهامش أو خارج حسابات الدولة، بل كانوا دومًا في القلب، في صدارة الاهتمام، وفي عمق الرؤية الإنسانية والتنموية. فالدولة- رعاها الله- سخّرت كل إمكاناتها لتوفير سبل الراحة والدمج والكرامة لهذه الفئة الغالية، فأنشأت الأنظمة، وسنت القوانين، وهيّأت الأماكن العامة والمرافق الخدمية بما يتناسب مع احتياجاتهم وظروفهم، حتى غدت المواقف الخاصة بهم جزءًا لا يتجزأ من المشهد الحضاري في كل شارع ومجمع ومرفق. في كل زاوية نلحظ الاهتمام؛ لوحة تشير بوضوح إلى موقف مخصص، ورسمة على الإسفلت تبرز بلونها وعلامتها أنها خُصصت لإنسان يستحق التيسير والتقدير. ولكن هذا الجمال، وهذه الرسالة النبيلة، لا تكتمل إن لم تُصن، وإن لم تُحترم. فالمشكلة ليست في القوانين، بل في غياب الصيانة، وفي غفلة بعض المسؤولين والعاملين في المرافق والمحلات، الذين لم يدركوا أن اختفاء لوحة أو بهتان رسم ليس تفصيلاً عابرًا، بل إهمالٌ يُقصي ويؤذي. أن تمرّ أمام محل تجاري فلا تجد لوحة واضحة تشير إلى موقف ذوي الإعاقة، أو أن ترى الرسم على الأرض باهتًا بالكاد يُرى، فذلك ليس فقط تقصيرًا إداريًا، بل أيضًا تقصير إنساني. فهؤلاء ليسوا بحاجة للشفقة، بل للاحتواء الحقيقي، ولتفعيل القوانين التي تحفظ لهم حقهم في استخدام ما خُصص لهم دون أن يضطروا للمطالبة به كل مرة. ما نحتاجه اليوم ليس إنشاء جديدًا، بل صيانة دائمة، وحرصًا حيًا، وعينًا لا تغفل عن التفاصيل الصغيرة، التي تصنع الفرق. إعادة طلاء الرسوم الأرضية، ووضع لوحات إرشادية كبيرة وواضحة، ليست رفاهية، بل احترامٌ واجب، وامتداد لرسالة الوطن الذي لم يقبل يومًا أن يُهمش أحد من أبنائه. رفقًا بذوي الإعاقة… فهم ليسوا عابرين في طريقنا، بل هم رُفقاؤنا في درب الوطن، ومكانهم بيننا ليس منّة، بل هو استحقاق أقرّه الشرع، واحتضنته الدولة، ويفرضه علينا الضمير الحي.