بعد مرور 51 يوماً على بدء المعارضة في لبنان تحركها لاسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بنصب الخيم في وسط بيروت في اعتصام مفتوح يلتزم تنفيذه منذ تلك اللحظة الحزبيون، وبعد مساندة الاتحاد العمالي العام باعتصامات متنقلة لم تحشد اكثر من المئات امام اربع مبان وزارية، ارتأت المعارضة امس تصعيد تحركها بالانتقال الى خطوة "الاضراب العام"، وتوجهت الى قاعدتها الشعبية لتنفيذه بعد غد الثلثاء. وأضافت هدفاً جديداً للتحرك يتلخص بپ"قانون انتخاب جديد وعادل، وانتخابات نيابية مبكرة". وغداة الحديث المتلفز للأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله الذي تحدث فيه عن خطوات تصعيدية، أصدرت"المعارضة الوطنية اللبنانية"بياناً توجهت فيه الى اللبنانيين اعتبرت فيه ان"الفريق الانقلابي لا يزال على غطرسته وتعنته ومكابرته، وهو إذ يستزيد من استقوائه بالعالم الخارجي، معطلاً ومفشلاً كل ما طرح من مبادرات وأفكار لتسوية سياسية مشرفة، مصماً آذانه عن المطالب الشعبية المشروعة والمحقة، راح يستخف ويتهكم ويسخر من التجمعات الشعبية والاعتصامات المطلبية الاخيرة الراقية في ديموقراطيتها وحضاريتها وسلوكها الأخلاقي والوطني، ولم يفقه معنى طابعها السلمي فزاد على أخطائه السابقة خطأ جسيماً آخر على مستوى الحس بالمسؤولية. وزاد على ذلك تعمداً وإمعاناً في الاعتداء على ميثاق العيش المشترك وانتهاك الدستور ومخالفة القانون وانتحال الصفة الحكومية، وعقد الجلسات باسم مجلس الوزراء واتخاذ القرارات باسم حكومة غير شرعية ولا دستورية، والتي كان من أخطرها اقرار خطة لوضع بضعة بلايين إضافية جاهزة للصرف خارج رقابة المجلس النيابي المعطلة أصلاً بالامتناع عن إقرار الموازنة السنوية العامة لزيادة مديونية الدولة، وبهدف واحد هو انتشال فريق إفلاس لبنان من الورطة المالية التي أوجد نفسه فيها". ورأت المعارضة ان خطة الحكومة الورقة الاصلاحية"تجاهلت من بين ما تجاهلته وجوب تأمين اوسع قدر من المشاركة والاستجابة لمطالب الاتحاد العمالي العام، وأهملت حقول الانتاج وركزت فقط على خدمة الدين العام وإطالة عمر الازمة. على أن أدهى ما يخشاه شعبنا الصابر على وجعه، هو ما نشهده من استبدال لوصاية بأخرى وارتهان خطير للقرار الوطني وصولاً للاذعان لاملاءات وسياسات خارجية تلغي كل هامش من حرية وارادة وطنية مستقلة، كل هذا وغالبية شعب لبنان تعاني الفقر والحاجة وانسداد الآفاق وانهيار الوضعين الاجتماعي والاقتصادي، فيما الاصلاح الحقيقي الموعود معلق على تغيير في النهج والسلوك لا يؤمل من فريق نشأ وتربى على الاستزلام والفساد المساومة على كل شيء بما فيه المقدسات والثوابت الوطنية". وحمّلت المعارضة"المجموعة الحاكمة مسؤولية الوضع القائم"، رافضة تحميل المعارضة"مسؤولية ترديه بسبب دعوتها الى التحرك الشعبي، ومع تأكيد المعارضة ان الاوضاع لن تستقر في لبنان من دون ولادة سلطة وطنية تؤسس عهداً جديداً عبر قانون انتخاب جديد وعادل، وانتخابات نيابية مبكرة". الاتحاد العمالي وسارع الاتحاد العمالي العام برئاسة غسان غصن بدوره الى الدعوة الى الإضراب العام في اليوم المذكور"استكمالاً لخطة التحرك السلمي التي نفذها الاتحاد لإسقاط الورقة الاقتصادية التي أعدها رئيس الحكومة وفريقه". ودعا الاتحاد العمال الى جعل"يوم الثلثاء يوماً للارادة الشعبية، وللاحتجاج على الظلم والقهر لنكن معاً لإسقاط برنامج الحكومة الافقاري والذي سيؤدي الى: زيادة الضرائب والرسوم ومنها الضريبة على القيمة المضافة وزيادة اسعار المحروقات، ومضاعفة فاتورة الكهرباء، ولنكن معاً من اجل حد أدنى للأجور يحفظ كرامتنا، ومن اجل تصحيح اجورنا المجمدة منذ احدى عشرة سنة، ومن اجل حماية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والمحافظة على مؤسسات الدولة وتطويرها وتحسين ادائها وعلى ديمومة عمل اجرائها وحقوقهم بدل خصخصتها وبيعها للمحاسيب بأبخس الأثمان، ودعم القطاع الصناعي وخفض كلفة انتاجه وتمكينه من المنافسة ودعم القطاع الزراعي". نقابات تدعو الى الاضراب ودعا عدد من اتحادات النقابات إلى المشاركة في الإضراب العام وبينها: اتحاد موظفي وعمال قطاع المؤسسات الفندقية ودور التغذية واللهو، جامعة النقابات العمالية، اتحاد النهضة العمالي واتحاد النقابات العمالية للمصالح المستقلة والمؤسسات العامة الذي نبّه العمال في هذه المصالح الى"ان أي تخاذل وتحت أي تبريرات او أعذار سيكون ضد مصالحكم وحقوقكم وقانون تخصيص الكهرباء الذي صدر خير دليل على صدق دعوتنا، النداء والأيام ستكشف صدق نياتنا". وأيد اتحاد عمال النقابات الوطنية في الشمال دعوة الاتحاد العمالي. وسارعت"لجنة المتابعة للاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية المعارضة"الى تبني دعوة المعارضة الوطنية الى الاضراب العام وطلبت من جميع مناصريها"المشاركة الفعالة". الحص يتمنى تجنب التصعيد وفي المواقف من تصعيد المعارضة لمواقفها اكد رئيس الحكومة السابق سليم الحص ان"التصعيد السياسي مشروع دستورياً وديموقراطياً، ولكننا نرجو الامتناع عن اي تصعيد ينعكس سلباً على حياة المواطنين ومعيشتهم". ورأى ان"حديث السيد نصر الله على عهدنا به من الرصانة والعقلانية والاعتدال والمسوؤلية، وكان تأكيده على تجنب كل أشكال العنف كما على التصدي لأي استغلال فئوي، مذهبي أو طائفي، في إدارة الأزمة. ونحن من الذين يقولون بأن معالجة الأزمة لن تكون الا سياسياً، والتوافق هو السبيل الطبيعي للحل المنشود". لكن الحص اعتبر ان المشكلة"هي أن الأزمة تتحكم بها عوامل خارجية سافرة، الأمر الذي جعل قرار الحل خارج يد معظم المسؤولين والسياسيين". وأمل عضو كتلة"التحرير والتنمية"النيابية علي خريس في تصريح أمس، بپ"الوصول إلى حل للأزمة اللبنانية قبل اتخاذ المعارضة قرارات حاسمة تبدأ بالإضراب المفتوح"، معتبرا أن"خلاص لبنان لا يمكن أن يكون إلا من خلال التوافق". ولفت إلى أن"تحرك المعارضة، مهما كان حجمه، ليس موجها إلى باريس -3، إذ ليس من عاقل يمكن أن يفكر حتى بالوقوف ضد هذا المؤتمر، ونحن نرحب بأي دعم غير مشروط للبنان"، مشيرا إلى أن"الورقة الإصلاحية تستدعي نقاشاً واسعاً للوصول إلى ورقة إصلاحية يتوافق عليها جميع اللبنانيين". وتمنى على السلطة الحاكمة"العودة إلى رشدها وعدم الدخول في مهاترات سياسية والاقتناع بأن المعارضة تمثل على الأقل نصف الشعب، والتغاضي عن حجمها وعدم المبالاة لا يؤديان إلى مصلحة الوطن بل إلى مزيد من التوتير"، كاشفاً عن"مؤشرات إيجابية بعيدة إلى حد ما تتمثل باستضافة المملكة العربية السعودية للقمة العربية إذ من المؤكد أن يواكبها تقارب سعودي - سوري وتقارب سعودي - إيراني، واللقاء الذي حصل في السعودية مع مسؤولين إيرانيين تناول البحث في الملفين العراقي واللبناني".