عندما ينساب الدم داخل الشرايين فإن مقاومة هذه الأخيرة له تعرف باسم ضغط الدم الذي يقاس عادة بواسطة كم مطاطي، أو من طريق الاستعانة بأجهزة حديثة باتت معروفة للجميع. ويعطي قياس ضغط الدم رقمين: الأول هو الضغط الانقباضي، والثاني الضغط الانبساطي، والضغط المثالي هو الذي يكون فيه الرقم الاول 120 ملمتراً زئبقياً، والثاني 80 ملمتراً زئبقياً، واذا وصل الرقم الاول أي الانقباضي الى ما دون 100 ملمتر زئبقي، فعندها يقال ان الانسان يعاني من انخفاض في ضغط الدم. اذا كان ارتفاع ضغط الدم يعتبر مشكلة المشاكل الصحية، فإن انخفاض ضغط الدم لا يمثل مشكلة، الا اذا ترافق مع الدوخة والإغماء والضعف، وهذه العوارض لا تظهر عادة الا عندما يتدهور الرقم الانقباضي للضغط الى ما دون 90 ملمتراً زئبقياً، وغالبية الاشخاص لا يشعرون بعوارض انخفاض ضغط الدم الا في اوضاع خاصة مثل النهوض السريع، وعقب تناول وجبة الطعام. ان هبوط الضغط عقب النهوض المفاجئ يعرف طبياً بانخفاض الضغط الانتصابي، وهو شكل شائع قد يحدث لكل شخص نتيجة قلة الوارد الدموي الموقت الى المخ. اما انخفاض الضغط بعد تناول وجبة الطعام فناتج ايضاً عن قلة تدفق الدم الى الدماغ بسبب ذهاب هذا الاخير صوب الجهاز الهضمي من أجل الامتصاص والامتثال والاستقلاب الغذائي. وطبعاً لا يغيب عن البال ان هناك ظروفاً مرضية قد تقف خلف انخفاض ضغط الدم، منها: - تناول بعض الادوية مثل خافضات الضغط الشرياني، ومضادات الخمود النفسي، والمهدئات العصبية، ومدرات البول. - المعاناة من بعض مشاكل القلب مثل: اضطرابات النظم، قصور القلب، أو وجود شيء ضاغط على القلب. - ضياع الدم، سواء كان ظاهرياً أو خفياً. - الاصابة بالجفاف بسبب الاسهالات المتكررة او التقيؤات المستمرة، أو بكل بساطة نتيجة عدم التزود بالسوائل في شكل كاف عند القيام بمجهود فيزيائي عنيف. - الاصابة بمرض الدوالي الذي يؤدي الى تجمع الدم وركوده في الأوعية الوريدية المتوسعة بعد الوقوف الطويل من دون حركة. - الإصابة بارتكاس تحسسي أو التهابي. - الاصابة ببعض الامراض المزمنة مثل الداء السكري، ومرض أديسون، وداء باركنسون. - التعرض لرضوض او لجروح بالغة الخطورة في القحف. - الخوف والضغوط النفسية العاطفية. - الشيخوخة. - نقص افرازات الغدة الدرقية. ويتظاهر انخفاض ضغط الدم بالعوارض والعلامات الآتية: - الغثيان والتقيؤ. - الدوخة. - التعرق. - اضطرابات في النظر. - الصداع. - القلق والاضطراب العقلي. - الإغماء في الحالات الشديدة. - تسارع ضربات القلب. ان الفئات الآتية هي الأكثر تعرضاً لانخفاض الضغط: 1- الاشخاص المتقدمون في السن. 2- النساء الحوامل. 3- الأشخاص المصابون بأمراض قلبية. 4- المصابون بمرض الدوالي. 5- الأفراد الذين يعانون من داء السكري. 6- المصابون بأمراض عصبية معينة. 7- المصابون بقصور في الغدة الدرقية. أما عن عوامل الخطر المشجعة لحدوث هبوط ضغط الدم فهي: - قلة شرب السوائل عند ممارسة الرياضة في جو حار. - المشروبات الكحولية. - تناول خافضات الضغط، والمدرات البولية، وموسعات الأوعية الدموية، والمهدئات العصبية والنفسية. - تناول بعض النباتات الطبية، مثل نبات مخالب القطة، والماريجوانا. - تناول جرعات عالية من المكملات الغذائية الحاوية على الأستيل سيستيئين والكيرسيتين والبوتاسيوم. هل يمكن الوقاية من مرض هبوط ضغط الدم؟ في الواقع ليست هناك وسيلة حقيقية للوقاية من وقوع انخفاض الدم، ولكن يمكن للأشخاص الذين يشكون منه من حين الى آخر، ان يتفادوا وقوع هجمات جديدة بالتقيد ببعض الوصايا المهمة على هذا الصعيد: 1- شرب الماء والسوائل بشكل كاف وواف ومنتظم، ان امتصاص السوائل في الجسم يحرض الجهاز العصبي السمباتي الذي يأمر بوضع الآلية الكفيلة برفع ضغط الدم، ففي دراسة أجريت في هذا الصدد، استطاع الباحثون ان يسجلوا زيادة في أرقام الضغط عند المشاركين بعد نحو نصف ساعة من تناول قدح من الماء. 2- ارتداء الجوارب الطبية خصوصاً لأولئك الذين يعانون من الدوالي، فهذه الجوارب تساعد على"دفش"الدم من اسفل الجسم باتجاه القلب والدماغ. 3- تحريك أصابع القدم وعضلة بطة الساق عند البقاء في وضعية الوقوف فترة طويلة. 4- استهلاك الأطعمة المملحة قليلاً، فالملح يساعد على احتباس السوائل وبالتالي الى رفع ضغط الدم، وطبعاً يجب عدم المبالغة في اضافة الملح. 5- بالنسبة الى الاشخاص الذين يعانون من هبوط الضغط الانتصابي، عليهم ان يتحاشوا النهوض بسرعة وان يعملوا جهدهم كي ينهضوا على مراحل، واجراء بعض حركات التمطط والشد قبل اتخاذ وضعية الوقوف. 6- اما الاشخاص الذين يداهمهم هبوط الضغط بعد وجبات الطعام فعليهم ان يتفادوا وجبات الطعام الثقيلة والكبيرة خصوصاً تلك المدججة بالسكريات، ولا بأس من اجراء حركات منشطة قبل الطعام وبعده. هذا عن الوقاية، اما عن العلاج فيعتمد على تدبير السبب الذي يقف وراء انخفاض الضغط، واذا لم يتم التوصل الى سبب واضح، ولم تعط النصائح المذكورة اعلاه النتيجة المرجوة، فيمكن ان يصف الطبيب بعض العقاقير المفيدة. وختاماً لا بد من الاشارة الى نقطة مهمة هي ان انخفاض الضغط كثيراً ما لا يتم تشخيصه لاسباب عدة، اولها قياس ارقام الضغط والمريض مسطح والمفروض قراءته والشخص في وضع الوقوف، والسبب الثاني الخوف النفسي الذي يرفع الضغط في العيادة، أما السبب الثالث فهو تمرير انخفاض الضغط خطأ تحت لوحة التعب المزمن.