اكد قائد الجيش البريطاني ريتشارد دانات ان القوات البريطانية ستبقى في العراق"حتى انتهاء مهمتها"، وذلك بعدما دعا في وقت سابق الى سحب تلك القوات"بسرعة"، محذراً في الوقت نفسه من"انهاك"الجيش اذا بقي طويلاً في هذا البلد. وقال دانات في بيان نقلته وكالة"فرانس برس":"انا جندي، ونحن لا نستسلم ... وسنبقى في جنوبالعراق حتى انتهاء مهمتنا. وسنكمل المهمة". وكان الجنرال البريطاني الذي تولى منصبه في قيادة الجيش في آب اغسطس، دعا في مقابلة مع صحيفة"ديلي ميل"البريطانية مساء أول من أمس الى سحب القوات البريطانية"سريعاً"من العراق، معتبراً ان استمرار وجود الجيش في العراق"يفاقم"المشاكل الامنية في العراق وفي العالم. ووصف التطلعات الاولية باقامة ديموقراطية على النمط الغربي في هذا البلد بأنها"فشل ساذج". واثارت التصريحات الأولى المثيرة للجدل لقائد الجيش البريطاني عاصفة من الردود اضطر بعد نشرها بساعات الى اجراء مقابلات تلفزيونية لنفي الانطباع الذي اثارته التصريحات بأنه على خلاف مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ووزير الدفاع ديس براون. كما سعى في مقابلاته التلفزيونية والاذاعية اللاحقة الى دحض اي انطباع عن انسحاب فوري للقوات وقال انه يجب تنسيق اية خطوات من هذا النوع مع الولاياتالمتحدة التي لها اكبر عدد من القوات في العراق. وقال:"يجب ان نقف بجوار حلفائنا الاميركيين". وفسرت التصريحات الأولى لدانات على انها تتعارض مع دفاع بلير عن وجود القوات البريطانية في العراق في ايلول سبتمبر الماضي عندما قال انه اذا انسحبت بريطانيا"فانها تكون قد ارتكبت عملا استسلامياً سيعرض مستقبلنا الامني لاكبر خطر". وقال دانات في مقابلة مع"هيئة الاذاعة البريطانية"بي بي سي:"انا متفق تماما مع رئيس الوزراء"مضيفاً انه لم يكن ينوي"اثارة هذه الضجة التي استمتع بها الناس بشكل كبير خلال الليل وحاولوا التلميح الى وجود خلاف"مع بلير وبراون. الا انه خلال تلك المقابلة ومقابلة اخرى اجراها مع تلفزيون"سكاي نيوز"، تمسك دانات بالتصريحات التي ادلى بها الى"ديلي ميرور"التي قال انه ادلى بها بعد موافقة براون. وأصر على انه لم يذكر"شيئا جديدا أو يستحق الاهتمام"وانه كان يكرر السياسة فحسب. وفي المقابلات الاذاعية والتلفزيونية التالية أوضح انه لا يقترح انسحاباً فورياً. وقال:"انني جندي. ونحن لا نستسلم. نحن لا نرفع رايات الاستسلام البيضاء". وتابع:"اعني انه عندما ننتهي من معظم المهمة التي توجهنا لتنفيذها، فيجب ان نغادر"العراق. وتابع"لا نريد ان نبقى هناك عامين او ثلاثة او اربعة او خمسة اعوام. يجب ان نفكر في هذه المسألة استناداً الى فترة زمنية معقولة". وقال:"عندما ننهي مهمتنا سنغادر، وآمل في ان نتمكن من ذلك قريباً". وأضاف ان تصريحاته بأن القوات البريطانية تفاقم من اعمال العنف في بعض اجزاء العراق كانت مجرد اقرار بالحقيقة. الا انه اصر على التوضيح انه في بعض المناطق في العراق، يثير وجود القوات اعمال عنف، بينما في مناطق اخرى، خاصة في مدينة البصرةالجنوبية، فان وجودهم يلقى ترحيباً من السكان. وكان السير دانات دعا في مقابلة نشرتها"ديلي ميل"الى سحب القوات البريطانية من العراق"سريعاً"، معتبراً ان استمرار وجودها في العراق"يفاقم"المشاكل الامنية في العراق وفي العالم. واضاف:"لا اقول ان الصعوبات التي نواجهها في العالم سببها وجودنا في العراق، ولكن لا شك في ان وجودنا هناك يفاقم تلك الصعوبات". واضاف ان بريطانيا يجب ان تخرج من العراق"سريعاً لان وجودنا يفاقم المشاكل الامنية". وتابع"نحن في بلد مسلم العراق ورأي المسلمين في الاجانب الموجودين في بلادهم واضح تماما ... كأجنبي، يمكن الترحيب بك بدعوتك الى بلد ما، ولكننا بالتأكيد لم نتلق دعوة من الناس في العراق في ذلك الوقت". واضاف ان"الحملة العسكرية التي شاركنا فيها في 2003 كانت غزوا ... واي موافقة حصلنا عليها في البداية تحولت الى عدم قبول"من جانب العراقيين. واوضح"مهما كان الشعور الذي استقبلنا به في الماضي ... لقد تحول بشكل كبير الى تعصب ونقمة مفرطة". وانتقد دانات كذلك خطط اعادة بناء العراق، وقال ان"التاريخ سيظهر ان التخطيط ... كان ضعيفاً، وربما استند الى التفاؤل اكثر من التخطيط المنطقي". ووصف الجنرال البريطاني هدف حكومة بلير باقامة نظام ديموقراطي ليبرالي موال للغرب في العراق ليصبح نموذجاً يحتذى به في المنطقة بأنه"فشل ساذج"مشيراً الى ان الرغبة التي يمكن ان يكون لها تأثير جيد على التوازن في الشرق الاوسط"ربما كان طموحاً أكثر من اللازم، مضيفاً انه لا يعتقد"اننا سنحقق ذلك". وقال"اعتقد ان علينا ان نخفض توقعاتنا"التي كانت قائمة منذ بضع سنوات واصبحت مركزة الآن على منع تقسيم العراق. وأضاف"كانت لدينا آمال كبيرة ثبت انها أصعب بكثير نتيجة لمجموعة متنوعة من الاسباب. ولذلك فاننا نسعى للحصول على افضل نتائج ممكنة. وربما لن تكون افضل نتيجة كنا نريدها في الاصل". وتعرض الجنرال دانات الى التهديدات التي تواجهها بريطانيا من جانب المتطرفين الإسلاميين، قائلاً إن"هذا التهديد قائم"موضحاً أن"القوات البريطانية سواء في العراق أو أفغانستان أو في أي مكان ترابط فيه في المستقبل تحارب بعداً أجنبياً يتمثل في التحدي الذي يتعرض له اسلوب حياتنا الذي قبلناه". ويعتبر بعض المراقبين ذلك بمثابة تدخل سياسي من جانب قائد الجيش البريطاني. ومن المعروف أن الجنرال دانات يتسم بالصراحة الشديدة في تعليقاته، وكان قد حذر من قبل بعد توليه منصبه في آب الماضي من أن القوات المسلحة البريطانية أصبحت مثقلة بالأعباء في العراقوأفغانستان، ولذلك فإن"الجيش يعاني من ارتفاع درجة حرارته"يقصد اصبح مرهقاً.