من يستطيع أن يعارض قرار رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إنزال أفريقيا منزلة أولوية قمة الثماني التي تعقد الاسبوع الجاري في اسكوتلندا؟ فالقارة التي تعد 850 مليون نسمة هي أفقر اليوم مما كانت عليه منذ 25 عاماً. ولكن بعيداً من العناوين السوداوية هناك حقائق واعدة. فالانتخابات الديموقراطية اجتاحت أفريقيا. ومنذ ثلاثين عاماُ كان في القارة ثلاثة زعماء منتخبون فقط، أما اليوم فهناك ثلاثون. وأعلن صندوق النقد الدولي أن نواة من 25 دولة، تمثل ثلاثة ارباع السكان بدأت تتقدم اقتصادياً. ويتوقع الصندوق نمواً للعام الجاري نسبته 5,4 في المئة, قادتها اصلاحات اقتصادية بدأت منذ عقد في افريقيا الجنوبية, وانتشرت في الدول المجاورة. في اختصار، أفريقيا لا تنتظر مساعدات الغرب وحدها. والاحد الماضي شاهد مئات الملايين حفلات موسيقية لجمع التبرعات. واليوم الاربعاء يضع بلير أفريقيا على قمة جدول الاعمال في مؤتمر الثماني. ولكن النتيجة العملية الوحيدة التي قد تنتج عن المؤتمر هي اعادة صياغة خطة الغاء الديون. واقترح بلير مضاعفة المساعدات الخارجية السنوية لافريقيا، لتبلغ 25 بليون دولار في 2010 و50 بليوناً في 2015. ولكن فرنسا وايطاليا والمانيا واليابان تتحفظ. ولادارة بوش خططها الخاصة. وجاءت دراسة، كشف عنها صندوق النقد الاسبوع الماضي، ان لا دليل حقيقياً على ان المساعدات تعزز النمو في الدول الفقيرة. ولكن ذلك يزيد الضغط على الدول الافريقية للبحث عن طرق محلية ناجعة لعلاج الفقر. وكان إلغاء جنوب افريقيا نظام الفصل العنصري في بداية التسعينات، مثالاً يحتذى للدول المجاورة. وأثمرت سياسة نلسون مانديلا الاقتصادية ومن بعده ثابو مبيكي, نمواً منتظماً واستثمارات. وأنغولا توحدت، وبدأت تستثمر في النفط. وكينيا تخلصت من رئيس مدى الحياة، وبدأت التحديث معتمدة على مساعدات مادية من جنوب افريقيا. واوغاندا الحزب الواحد تابعت مسيرة العشرين عاماً التي بدأتها مع عيدي أمين. ونفضت موزامبيك مخلفات الحرب، وأنجزت أعلى نسبة نمو في العالم في العام 2000. ولا شك في أن الطفرة الحالية تعود، في جزء كبير منها، إلى ارتفاع أسعار النفط. ففي أنغولا مثلاً بلغت نسبة النمو 14 في المئة, وهي الأعلى في افريقيا. ولكن تجربة الدول غير النفطية تشهد على أن الاصلاحات الاقتصادية على المستوى الداخلي، كفيلة بوقف التضخم ورفع قيمة العملة المحلية، وتشيجع الاستثمار. ولعل أكثر قصص النجاح في هذا المضمار شهرة هي تانزانيا التي لا تملك نفطاً. وفي اعلانه برنامجه لافريقيا, قال بلير أنه صار في إمكان تانزانيا أن تحقق تعليم ذي مستوى عالمي. وخلص بلير إلى أن"افريقيا تتغير إلى الافضل". وبقي كثير لينجز. فاقتصاد افريقيا جنوب الصحراء أبطأ من أن يحقق أهداف الاممالمتحدة في تحسين أوضاع الدول الاكثر فقراً في 2015. وبحسب صندوق النقد، يمكن للمنطقة أن تنمو أكثر من بعض الدول الاسيوية بنسبة 1 في المئة على الاقل، اذا تخلت عن سياسات التجارة الحمائية. ولكن ذلك يعني توفير مناخ مناسب لثقة المستثمرين. وقبل جولة افريقية الشهر الماضي, اعلن رئيس المصرف الدولي، بول وولفوفيتز ان الفساد"أكبر تهديد للديمواقراطية بعد الشيوعية". ولكنه، بعد زيارته نيجيريا وبوركينا فاسو ورواندا وجنوب أفريقيا، قال:"كنت التقي اشخاصاً من اصحاب الارادة الصلبة والذكاء. أفريقيا تسير إلى الامام". عن توم ماسلاند، نيوزويك الاميركية، 7/7/ 2005