أمين منطقة الرياض يطلق برنامج "تحوّل الرياض البلدي"    900 شركة ناشئة من 70 دولة حول العالم في بيبان 2025    معرض الدفاع العالمي 2026: نحو تكامل دفاعي تقوده الخبرة والشراكات النوعية    وكالة الفضاء السعودية تطلق بوابة «فضاء المعرفة»    Arabian Heritage Motors تطلق تجربة قيادة حصرية لسيارة EXEED RX PHEV في الرياض    استشهاد تسعة فلسطينيين في غزة    كارينيو: الهلال يمكنه اللعب في أقوى دوريات العالم    أمطار غزيرة وجريان سيول على 4 مناطق اليوم    ضبط أكثر من 18 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    50 صقرًا منغوليًا في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    القرني: أهمية أرشفة "جوجل" عبر الصحف الإلكترونية    "الداخلية" تطلق ختمًا خاصًا بمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    جامع فرائد الملاحة في جوامع فوائد الفلاحة ..كتاب العام التراثي بالوطن العربي    من المؤثر الحقيقي    العمل رسالة وأمانة    ابدأ يومك بهذه الكلمات    «فيها إيه يعني» ينطلق بعرض خاص    قواعد بسيطة تحمي قلبك    377 ألف مولود سعودي في عام    اللجنة المنظمة لدورة ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025 تطلق شعار "أمة واحدة"    اختتام دورة المدربين لكرة القدم المصغرة بالمنطقة الشرقية وسط حضور لافت        التحالف الدفاعي الإستراتيجي السعودي الباكستاني    ملتقى الصم الصحي": مشاركة واسعة وجهود تكاملية لخدمة فئة الصم    ترمب يطلب من إسرائيل التوقف «فورا» عن قصف غزة    ضبط (3) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (84) كجم "حشيش"    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 يقدّم "السفاري"    الرِّياض تقرأ والكتاب يَطرق أبواب العالم    سفاري جديد معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    أمير جازان ونائبه يطمئنان على صحة الشيخ العامري    مستحقو الضمان الاجتماعي ما بين الحاجة والبيروقراطية    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تحصد المركز الأول على مستوى الجمعيات الأهليه    طرح الدفعة الثانية من تذاكر مباراتي الأخضر في الملحق الآسيوي    تكريم طلاب الصف الرابع (ج) المشاركين في الإذاعة المدرسية بمدرسة ابتدائية مصعب بن عمير    اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني تدخل حيز التنفيذ    الشؤون الإسلامية في جازان تنفّذ أكثر من 81 ألف جولة رقابية على المساجد والجوامع خلال الربع الأول من عام 1447ه    إمام المسجد النبوي: التباهي والتفاخر مظهر كبر وجهل وزيف دنيا    إمام المسجد الحرام: تزكية النفوس سبيل السعادة والعيش الطيب    أمين الطائف يدشن مبادرة "تحسين وتطوير مداخل المويه"    97 ألف زائر يتعرفون على تقنيات طباعة المصحف في مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة    القهوة.. رمز عالمي للتواصل ومورد اقتصادي يفوق 100 مليار دولار سنويًا    المقاومة الزائفة    قنديل في مهب العاصفة    وكالة شؤون الأفواج الأمنية تشارك في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    الأخضر السعودي في مجموعة قوية بكأس آسيا تحت 23 عامًا 2026    ديشان يدعم قاعدة (البطاقة الخضراء) ويدعو لاستغلالها بشكل إيجابي    الرخص الرياضية استثمار منظم يفتح أبواب الاقتصاد الجديد    "الهجن السعودية" تتصدر قوائم كأس الاتحاد السعودي ب 4 كؤوس و45 شوطاً    الإعلاميان الكبيران : محمد عابس وعبدالعزيز خزام في مهرجان القصيدة الوطنية    نحترق لتنضج الطبخة    مواقف المملكة العربية السعودية «الأفعال تصنع الفرق قبل الأقوال»    التكيُّف مع الواقع ليس ضعفًا بل وعي وذكاء وقوة    تصاعد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.. اقتحام الأقصى وتصاعد حصيلة الشهداء في غزة    أمراء ومسؤولون يقدمون التعازي والمواساة في وفاة الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    باحثون يطورون علاجاً يدعم فعالية «المضادات»    شيءٌ من الوعي خيرٌ من قنطار علاج    معتمرة تعود من بلدها لاستلام طفلها الخديج    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رداً على عبد الإله بلقزيز : المشهد الايراني في مرآة الواقعية السياسية ...
نشر في الحياة يوم 29 - 06 - 2005

كتب الباحث المغربي عبد الإله بلقزيز في"الحياة"صفحة"أفكار"16/6/2005 مقالاً في عنوان"إيران في مرآة أخرى"منتقداً وجهة نظر عربية أو تياراً فكرياً عربياً يرى إيران في مرآة"جمهورية إسلامية"أو"نظاماً سياسياً مشدوداً إلى منظومة معايير إسلامية تتعالى عن المصلحة القومية الفارسية". ومدللاً على ذلك بسلوك الجيش الإيراني عام 1982 بعد انسحاب الجيش العراقي إلى حدوده الوطنية في حرب الخليج الأولى حين تبين في نظره"المعنى الذي أفادته مقولة تصدير الثورة الإسلامية من حيث هو اسم حركي للتوسع الإقليمي الإيراني المحمول على قومية فارسية بغطاء ديني، ومعتبراً أن من لا يزالون ينظرون إلى إيران بصفتها جمهورية إسلامية ليسوا إلا مغفلين، إذ"يستمر بعض المغفلين في النظر إلى إيران في مرآة إزعومتها الإسلامية في سياق وهم ركبهم بأن ثورة إيران تدشن عهد حاكمية الإسلام للاجتماع السياسي المعاصر". كما نعى الفرصة الضائعة على اعتبارها"حليفاً إستراتيجياً للعرب تشدها إليهم روابط الدين، وعلاقات الخميني بعبد الناصر والثورة الفلسطينية"فيما يرجعه إلى أن"رجالات الحكم الثيوقراطي فيها - محافظين وإصلاحيين - أخفقوا في تبديد الالتباس بين الفارسي والإسلامي في مشروعهم السياسي!". ثم قلل من أهمية أن يكون تراجعها عن فكرة تصدير الثورة مدخلاw لإعادة صوغ علاقتها بالجوار العربي على رغم اعترافه بأن"إيران رفسنجاني، وخصوصاً إيران خاتمي، لم تتهذب نظرياً فحسب في مخاطبة محيطها العربي، بل انعكست سياسات وأفعالاً أكثر تطميناً لمن توجهت إليهم من العرب في السنوات العشر الأخيرة كالسعودية ومصر والجزائر والمغرب"وهو التناقض الذي يبرره هو بأن"تلك المراجعات أتت موضعية - براغماتية - ولم تشمل سائر دول الدائرة العربية".
ويدلل على صعوبة إعادة الصياغة هذه بأمرين أولهما:"أن إيران تقف موقف عناد قومي توسعي من حقوق الإمارات العربية والوطن العربي ككل في الجزر الثلاث المحتلة أبى موسى، طنب الكبرى، والصغرى". وثانيهما:"أنها تظل مشدودة الأعصاب إزاء تسمية الخليج خليجاً عربياً فتمنع - مثلاً - دخول سبعة وستين كتاباً عربياً من إصدارات مركز أكاديمي عربي واحد إلى معرض طهران للكتاب لمجرد أن عبارة الخليج العربي وردت فيه عنواناً أو في المتن!". ولا شك في أن كثيراً من طروحات الباحث الكبير تحتاج إلى نقاش.
ولعل السؤال الأولي الذي يطرح نفسه: هل ثمة تناقض جوهري عملي من وجهة النظر العربية بين إيران فارسية تملك أجندة مصالح قومية، وبين إيران إسلامية بحسب عقيدتها وهويتها الثقافية وتركيب نظامها السياسي في مرحلة ما بعد الثورة على نحو يسمح لنا بالفصل بينهما؟
لا تخرج أي محاولة للإجابة عن طريقين أولهما هو نفي التناقض إقراراً بحقيقة التنوع والتركيب بين مكونات شتى محددة للهوية يصعب الفصل بينها، وهنا فلا قضية أو مشكلة. وثانيهما هو إثبات التناقض بين عناصر الهوية ومكوناتها ما يثير شقاقاً نظرياً غير قائم في الواقع التاريخي أو السياسي.
وعلى رغم اتفاقنا مع الباحث في أن إيران سعت إلى تحقيق مصالح قومية وهي ترفع شعار"تصدير الثورة"، ما يتنافى مع خطابها المثالي الثوري الإسلامي، فإن هذا السعي يمكن فهمه باعتباره تجسيداً عملياً للسنة التاريخية المألوفة عن طبيعة الاجتماع السياسي والقائلة بقوة دفع التجربة الواقعية نحو العقلانية حيث تكون الخيارات العملية استلهاماً لضغوط الحياة اليومية ومطالبات الواقع المعاش على شتى الأصعدة، ومن هنا يمكن التوفيق بين بداية مثالية للثورة الإيرانية كانت فيها أقرب إلى"جمهورية إسلامية"، وبين ممارسة واقعية للدولة الإيرانية كشفت خلالها تدريجاً عن وجهها القومي.
كما أن استخدام إيران لمفهوم حق تصدير الثورة ليس أمراً شاذاً، ذلك أن استعمال مفاهيم تبشيرية ورسالية هو سمة عامة من سمات الأمم الدول في لحظات الصعود، أو في حالات الثورة ولا فرق حينذاك بين تصدير الثورة الإسلامية، أو الإيديولوجيا الشيوعية. وفي كل الأحوال تظل قضية تصدير الأفكار والتبشير بها أفضل كثيراً من فرضها بقوة الدول والسلاح على طريقة الكاوبوي الأميركي في احتلال العراق تبشيراً بالديموقراطية.
وإذا كانت إيران مارست سلوكاً توسعياً في حربها ضد العراق بعد أن تمكنت في عام 1982 من رد الجيش العراقي عن أراضيها التي احتلت في البداية منذ عام 1979، فإن ذلك يبدو طبيعياً إذ لا نستطيع أن نطالب أمة في حال حرب بأن تكون مثالية تماماً فتتوقف عند حدودها الدولية التي انتهكت بمجرد أن تحررها ومن دون عبور إلى الجانب الآخر لمجرد أن العدو مسلماً، وخصوصاً إذا كان هذا العدو نفسه هو من قام بالهجوم على الشقيق المسلم/ العربي تحت دعاوى قومية غير مبررة ولم نستطع أن نطالبه بأقل مما نطالب به إيران.
وما يلفت النظر في حديث بلقزيز هو تهوينه من موقف إيران في دعم سورية، ورعاية"حزب الله"ضد العدوانية الإسرائيلية في العقدين الماضيين، وكذلك مساندة سورية ضد التهديدات الأميركية الموجهة إلى البلدين معاً منذ احتلال العراق متسائلاً عما"إذا كان مبعث ذلك موقفاً قومياً لإيران يتصل بسياستها الإقليمية أو موقفاً مذهبياً تبحث فيه عن امتداد خارج إطار حدودها القومية؟". ولعل ما يثير الاستغراب هنا هو تحويل الكاتب ما هو جوهري وواقعي من مواقف إيرانية متضامنة مع المواقف العربية ضد التحدي الأكبر لها، إلى شيء هامشي قياساً إلى دوافعه التي تصبح هي القضية الأساسية على رغم بقائها في إطار الهواجس التي لا يمكن التأكد منها، وعلى رغم أن الدافعين القومي أو الديني لا يحجبان حجم المشترك الذي يمثل ركيزة للتقارب العربي - الإيراني، خصوصاً في ذلك التوقيت الذي يشهد تحالفاً صهيونياً - محافظاً ضد دول المنطقة العربية ككل ما يفرض عليها جميعاً تكريس التضامن في ما بينها، وإنجاز تحالفات إستراتيجية تمكنها من الدفاع عن نفسها في ظل غياب كامل لطرف استناد دولي يمكن الاستعانة به، بل وفى ظل غياب القوة العراقية التي هي ربع القوة الإستراتيجية العربية، مع حضور أميركي مباشر في القلب العربي، وجميعها أمور تجعل المنطقة فراغاً إستراتيجياً مخيفاً، لا يمكن معه التوقف عند الخلاف حول تسمية الخليج وما إذا كان عربياً أو فارسياً والتي تبقى من النوافل قياسا إلى ما تعيشه المنطقة من ضغوط ومخاطر.
وتبقى المشكلة الحقيقية متمثلة في لغم الجزر الإماراتية الثلاث، غير أن تلك المشكلة نفسها قد تكون أقرب للحل والتسوية في حال وجود إيران ضمن تحالف عربي يواجه تحديات إقليمية ودولية عنيفة تدفع إلى تسوية أي مشاكل بين أعضائه والتي تصير آنذاك أقرب إلى مشاكل داخلية. وهنا فإننا لا ندعو إلى القفز عليها بل على العكس اعتبارها بمثابة موضوع أولي للتفاوض مع إيران قبل تدشين أي مستوى تضامني بين الجانبين، بل اعتبار تعاونها في حل المشكلة بمثابة شرط أساسي لمثل هذه التضامنات، ولكنه الشرط غير المانع للحوار معها، والتجاوب مع دعواتها العديدة إلى التحالف مع مصر، والتقارب مع العالم العربي وآخرها الدعوة إلى"الشرق الأوسط الإسلامي"وغيرها من دعوات خلاقة لا يجب أن تذهب مع الريح من دون أي التفات أو اهتمام عربي بدوافع من هواجس حول النيات، أو محاولات للفصل التعسفي بين مكونات الشخصية الإيرانية، خصوصاً أننا نجلس مع إسرائيل ونتحاور معها في كل الأوقات، أحياناً في السر وأخرى في العلن، ولا يجد كثيرون من العرب اليوم غضاضة في تلبية كل دعواتها للحوار، بل وسلوك طريقها نفاذاً إلى القلب الأميركي، على رغم التعقيدات التي تنتاب شخصياتها، والتناقضات التي تثور حول هويتها، وكل الهواجس التي تسكننا حول نياتها، واليقين الذي يملأنا حول عنصريتها، وأخيراً على رغم تعاليها وانصرافها - منذ مجيء نتانياهو على الأقل - عن الحوار معنا، ما يجعلها تحوز المعايير المثلى والكاملة لمفهوم الآخر.
* كاتب مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.