قال رئيس مجلس النواب نبيه بري ان تراث الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو الذي منع انجرار البلاد وراء التوتر الطائفي خلال الاشهر التي تلت اغتياله، مجدداً تأكيد حرص الجميع على معرفة مرتكبي الجريمة، ورافضاً التعليق على التوقيفات الاخيرة. ورأى بري خلال مهرجان"الوفاء والوحدة الوطنية"في مناسبة مرور 27 عاماً على اخفاء السيد موسى الصدر ورفيقيه الصحافي عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب، الذي نظمته حركة"أمل"في المدينة الرياضية امس، ان تأخر حسم التعيينات الامنية"شجع الآخرين على الاستخفاف بنا"، مشدداً على ان أي فئة لبنانية لا تملك فيتو على الخيارات، ورافضاً عزل أي فئة او جماعة ممثلة في البرلمان ام لا. وأكد ان لبنان دخل نهائياً عهد المشروعية الديموقراطية منذ الانتخابات النيابية الاخيرة، مطالباً برفع قضية الإمام الصدر امام كل المحافل العربية والدولية. وقال:"اننا لا نزال ضمن دائرة تفكيك العلاقات اللبنانية ? السورية التي بدأت بالقرار الرقم 1559"، ورأى ان مواجهة ما يستهدف لبنان وسورية يكون بتنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين، معتبراً ان الغاءها يضر خصوصاً بلبنان. وقال ان اغتيال الحريري هدف الى احداث فتنة شيعية - سنّية، وان التفجيرات التي جاءت بعد الاغتيال هدفت الى فتنة اسلامية - مسيحية، مدرجاً ذلك ضمن مسلسل يشكل الوضع العراقي جزءاً منه. وقال بري انها المرة الاولى التي"تستفيق فيها حكومة لبنانية، وهذه نقطة نسجلها لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة، لما ورد في بيانها الوزاري من كلام يتعلق بقضية الإمام الصدر"، مطالباً"بحمل هذا الملف الى المحافل العربية وجامعة الدول العربية وطرحه في كل اجتماع على مستوى مجلس الجامعة او القمة العربية، ونقل الملف عبر الأممالمتحدة ومؤسساتها والمطالبة بضغط دولي لكشف مصير الإمام ورفيقيه في ليبيا وفي لدن النظام الليبي داخل الأراضي الليبية"، ومؤكداً ان"موضوع الصدر لا يخص حركة"أمل"ولا يخص الشيعة ولا يخص المسلمين ولكنه يخص كل لبنان ما يعني انه يخص العالم أجمع". وقال:"يتعرض لبنان والمنطقة الى تحديات بوسائل متنوعة تهدف الى تمرير مشاريع مشبوهة واعادة انتاج انظمة المنطقة، بما يخدم اهداف حرب السيطرة"، معتبراً ان"أرهب تلك الوسائل هي الدفع الى الأمام بمشاريع التقسيم والفيديرالية في اكثر من بلد عبر خلق التوترات العرقية او الطائفية او المذهبية وصب الزيت على نار الانقسامات". ودعا الى"اعتماد نموذج التعايش اللبناني كحل للمشكلات العرقية والطائفية والمذهبية بدءاً في فلسطين وانتهاء بالعراق". ورأى بري ان مواجهة"كل ما يستهدف لبنان وسورية"تكون عبر"التنفيذ الكامل لاتفاق التعاون والتنسيق والأخوة بين البلدين كإطار عام للعلاقات وعلى كل الاتفاقات الثنائية الموقعة، ونشير الى ان أي محاولة للمساس بتلك الاتفاقات تشكل ضرراً بلبنان واجحافاً لا يمكن اصلاحه وأذكر ان اتفاق الاخوة ومعظم الاتفاقات كان الدافع الاساسي اليها الصديق الشهيد رفيق الحريري". وأوضح بري ان لبنان سيتضرر من الغاء هذه الاتفاقات، معتبراً ان"على صعيد الكهرباء ستدفع مراجعة الاتفاقات الى المطالبة بالفوائد على الديون السابقة، وعلى صعيد الغاز ستؤدي الى اعادة النظر بالسعر واعتماد السعر العالمي والغاء الحسم الممنوح سابقاً...". وانتقد بري"المزايدات التي هي في غير محلها والتعصب الأعمى، علماً ان المجلس النيابي كان له شرف التصديق على هذه الاتفاقات"، مشيراً الى"ان هناك بعض الاصوات في سورية ايضاً تطالب بتعديل هذه الاتفاقات وتعلم ان ذلك سيعود لمصلحة سورية". وقال:"اننا ما زلنا نقع في الدائرة التي تستهدف تفكيك العلاقات اللبنانية - السورية والتي بدأت مع إصدار القرار الرقم 1559"، مضيفاً ان"بالمعنى الجغرافي والاقتصادي تشكل سورية ضرورة للبنان الآمن والمستقر والمزدهر". ودعا الى"وقف تعكير العلاقات بين البلدين"، وأضاف:"إذا كان هناك من موجب للمحاسبة في بعض المسائل، فإن هذا الامر يجب ان يتم بين دولتين وبين المؤسسات والادارات في البلدين وفقاً للاتفاقات المتبعة بين الجيران الذين تحكمهم الكثير من الخصوصيات". وعن موضوع المقاومة، قال بري:"لا افهم كيف اننا متفقون لبنانياًوفلسطينياً على الوقوف ضد التوطين والقول في الوقت نفسه بضرورة انهاء المقاومة"، مؤكداً ان"المقاومة هي العامل الحاسم لمنع التوطين". وأضاف:"المطلوب هو سحب سلاح العدو الاسرائيلي وتقديم الضمانات الى لبنان". وسأل بري:"الى متى لا تدفع التعويضات لأهالي الجنوب ولا تبنى البيوت التي دمرها الاحتلال؟ تذرعوا بأشرف مؤسسة قامت بواجبات شعبها، وأقصد مجلس الجنوب باستهدافه بدلاً من تعليق الأوسمة للقيمين عليه"، موضحاً ان"كامل ما انفق على مجلس الجنوب لا يعادل قيمة دراسة مشاريع عدة في أماكن أخرى". وأشار بري الى"الجريمة الزلزال التي ضربت لبنان باغتيال الرئيس الحريري ورفاقه"، والى"أجواء التهديد الواقعي لحياة معظم العناوين السياسية في لبنان، والى ان الكثيرين"نصحوني بإلغاء هذا الاحتفال وعدم المجيء والمخاطرة"، وقال:"التفجيرات كلها تحصل في الشرقية أي في المناطق المسيحية، كما ان اغتيال الرئيس الحريري كان اهم الاعمال التي بدأت في العراق لمحاولة بث الفتنة بين السنّة والشيعة، اما في الشرقية فكان يفترض ان يكون التفجير طائفياً بين المسيحيين والمسلمين". وقال ان التفجيرات"سينييه"موقّعة، وسأل:"لماذا هذه التفجيرات"سينييه"؟ لأن كل تفجير كان يتم قبل كل آخر شهر، وكان التفجير لا يطاول المناطق الاسلامية في الشرقية بل المسيحية، كما انه كان يستهدف دائماً المناطق الصناعية كي يخلق ثورة في صفوف الناس، وكان المفجرون حريصون على عدم إزهاق أرواح". وأكد بري ان تراث الرئيس الشهيد الحريري"في عملية صناعة احترام لبنان وبناء ما هدمته الحرب منع انجرار البلاد خلال الاشهر الماضية وراء اجواء التوتر الطائفي والسياسي التي لم تكن صناعة لبنانية بل مستوردة من مناطق نشر الفوضى". وشدد على ضرورة رفض مبدأ عزل أي تيار او حزب او جماعة ممثلة في مجلس النواب الجديد او خارجه. وأضاف:"ان الانتخابات النيابية الاخيرة برهنت على ان لبنان دخل نهائياً عهد المشروعية الديموقراطية". وأضاف:"متى نبدأ التحدث عن آذار مارس واحد أحد لبناني، ليس فيه تناقض بين ما رُفع في 14 آذار وما رفع في 8 آذار. ألم يكن العلم اللبناني هو هو ولا يزال لنا جميعاً؟". ودعا بري الى ان"نتمسك بشهر آذار اللبناني لنا جميعاً، الا ان ما اود التأكيد عليه هو ان سير العدالة تعرض لأسباب سياسية الى مشكلات عدة. وفي البداية ان استقلالية القضاء تشكل شرطاً ضرورياً لبناء دولة القانون والمؤسسات، وان تعزيز هذه الدولة يفرض زيادة امن الاطفال والممتلكات والأنشطة الاقتصادية. اننا نرى ان هذا المسار يعزز الدولة الآمنة ويجعلنا نستعيد لبنان ومؤسساته بدلاً من مجلس الامن". وأضاف بري:"جميعنا يريد معرفة حقيقة من قتل رفيق الحريري ورفاقه". وعن التحقيقات، قال بري:"بالنسبة الى التوقيفات والاستدعاءات وما يشاع ويقال من هنا وهناك، اقول اننا ننتظر نتائج التحقيقات ولا نعلق على خصوصيات عمل لجنة التحقيق، طالما ان اجراءاتها وآليات عملها تتم في اطار ما هو متفق عليه مع السلطات اللبنانية وبموافقة القضاء اللبناني". وأضاف:"ان تأخرنا عن حسم الامور الامنية والتعيينات، شجع الآخرين على الاستخفاف بنا وبمؤسساتنا".واختتم بري بالقول:"ان مشاركتنا في أي حكومة لا يعني التزامنا مجمل سياسات الحكومة، فنحن نوالي عندما يقع الامر في مصلحة الشعب والدولة وسنعارض السياسات التي تعارضها". وتحدث في المهرجان كل من ممثل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وزير التربية خالد قباني والمطران بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني نصرالله صفير والشيخ أحمد درويش الكردي ممثلاً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالأمير قبلان.