تضع بطلة جري المسافات القصيرة اللبنانية غريتا تسلاكيان نصب عينيها تحقيق الحلم الذي كان راودها منذ أن بدأت البروز في مجال "أم الألعاب"، وراحت تلفت الأنظار وتستقطب الأضواء في المنافسات المحلية والخارجية... وكل من تابع من الخبراء والضالعين في خبايا ألعاب القوى تطور أرقامها و"تسلقها" درب الانجاز أدرك انها عداءة واعدة قادرة على تسجيل نتائج أفضل بكثير لو أتيحت لها فرصة الاحتكاك الدائم في السباقات الخارجية. وأذكر جيداً "الملاحظة الايجابية" التي أبداها بشأنها رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى الأمير نواف بن محمد حين شاهدها تجري في الدورة الآسيوية عام 2002 في بوسان، واستوضح مني عن عمرها وطريقة تدريبها، إذ أكد انها أنموذج مثالي لبطلة عربية دولية في المستقبل القريب "شرط أن تباشر منذ الآن التفرغ وتكثيف التدريب". وأضاف: "أنا مستعد أن أضمها إلى المجموعة التي يشرف عليها البطل الأولمبي السابق جون سميث...". وتتوالى الأيام وتسلاكيان "مكانك راوح" على صعيد خطة الإعداد التي تتضمن معسكرات خارجية طويلة... إلى أن كان عام 2004 مفصلاً لافتاً في مسيرتها. ثبّت "موهبتها النوعية" من خلال حصولها في ماليزيا على فضية سباق200م لبطولة آسيا للناشئات، والتي عززتها بذهبيتين عربيتين في ال100 و200م في دمشق، إضافة إلى متابعة تحسين الرقم القياسي المحلي في ال200م، وكانت "القمة" تحقيق 30،24 ثانية في دورة أثينا الأولمبية. وتسلاكيان التي كانت سيطرتها على سباقات الجري المنوعة للفئات العمرية التي شاركت ضمنها، وحملت الأرقام القياسية للناشئات والسيدات في ال100 و200 و400م، قد تجد الفرصة في الأشهر القليلة المقبلة لتخطو خطوتها الثابتة الأولى دولياً، مستفيدة من المعسكر الطويل الذي دخلته منذ أيام في مدينة كولن الألمانية، في ضوء المنحة التدريبية المخصصة من الاتحاد الدولي لألعاب القوى للعدائين الواعدين، وذلك إثر اتصالات تولتها وزارة الشباب والرياضة... علماً أنها كانت من الذين حصلوا في الأعوام الأخيرة على الدعم من صندوق التضامن الأولمبي. وإزاء التبدل المفاجئ في مسيرتها، اعترفت تسلاكيان 19 عاماً ونصف العام ل"الحياة" قبل ساعات من سفرها، انه على رغم نشدانها "الفرصة الدولية"، فوجئت "بتسارع التطورات شاكرة كل من ساعدها، وكل من وقف وراء تطورها لا سيما رئيس نادي الشانفيل ريمون بحلق والمدرب الروماني كريشان دورو". وأضافت: "البعض لم يحبذ هذا الانتقال المفاجئ... وربما ترددت في البداية في قبول السفر ونصحني آخرون بالتريث طالما أنني أتحضر يومياً بعهدة مدرب كفي، لكنه الحلم الذي تحقق، وازاء صعوبة الأوضاع الفنية محلياً، نظراً لضعف الامكانات ما ينعكس ندرة في المشاركات الخارجية، أجد ان المعسكر هو الحل الأفضل على رغم الصعوبات التي سأواجهها للتأقلم، لكنني مصممة على تجاوزها، ونجاحي سيكون بمثابة تحية عطرة ولفتة وفاء لكل من وقف بجانبي ودعمني وتعب معي وتعويضاً لبعدي عنهم". تدخل تسلاكيان "العالم الجديد" وقوامه مرحلة أولى مدتها تسعة أشهر، في حال نجحت في اختباراتها يمكنها الاستمرار والارتقاء في المراحل الأخرى، على أن يكتمل البرنامج في غضون سنتين. وطبعاً سيختلف إيقاع التدريب في كولن حيث مجالات الاحتكاك متوافرة. وهذا البرنامج يعتمد تصنيفين "أ" و"ب" في ضوء المستويات والأرقام المسجلة، وهي صنّفت في الفئة الثانية، ومطالبة بتعزيز رقمها في ال200م بحدود الثانية أو أكثر قليلاً لتتمكن من المتابعة... "من هنا أقول إن المسؤولية كبيرة وعليّ أن أبذل الجهد وأركّز نفسياً وفنياً لأحقق ذلك". وتعوّل تسلاكيان، في الدرجة الأولى، على الإفادة من المسابقات الدورية الشهرية لبلوغ مرادها، لا سيما أن استحقاقات خارجية عدة تنتظرها في مقدمها، بطولة العالم خلال آب أغسطس المقبل في هلسنكي، وبطولة آسيا خلال الشهر التالي في كوريا الجنوبية... ولعل التجربة الجديدة تدفع العداءة اللبنانية الى سلوك درب الاحتراف في "أم الألعاب" من المكان المناسب، فتكون أرقامها في "مونديال فنلندا" ترجمة لجهود الشتاء والربيع... وتشق في السنوات المقبلة طريقها في اللقاءات الدولية المجدية والمجزية. إنها المحاولة، والفرصة التي يجب التمسك بها والتي يسعى إليها من جديد أيضاً بطل العرب في الوثب العالي مواطنها جان كلود رباط.