بدأت ملامح أزمة امدادات الطاقة في المغرب تطفو على السطح بعد تهديد 18 شركة تعمل في مجال انتاج وتسويق عبوات غاز البروبان بوقف تزويد الاسواق المحلية، في حال لم تسدد الحكومة متأخرات لحساب تلك الشركات تقدر بنحو بليوني درهم 220 مليون دولار. وقالت جمعية اتحاد شركات توزيع المحروقات في المغرب جي بي ام، التي تتخذ من الدار البيضاء مقراً لها، انها تكبدت خسائر كبيرة جراء ارتفاع اسعار النفط والغاز في الاسواق الدولية وانها تطالب الحكومة بمنحها دعماً اضافياً لتعويض فارق الاسعار وللابقاء على تزويد الاسواق بالغاز المستخدم في الطهي والتسخين. وأضافت الجمعية انها قد تضطر الى وقف الامدادات في الاسابيع القليلة المقبلة في حال لم يستجاب الى مطالبها في تسديد مبالغ، حددتها بنحو بليوني درهم عن سنة 2004، لتغطية الخسائر الناجمة عن ارتفاع الاسعار في الأسواق الدولية. وتدفع الحكومة المغربية 26 درهماً ثلاثة دولارات عن كل عبوة غاز، اي ما يعادل 280 مليون دولار سنوياً. ويستهلك المغرب 1.3 مليون طن متري من الغاز السائل سنوياً تنتجه 17 شركات محلية معظمها فروع لشركات دولية. وجرت العادة ان تحصل تلك الشركات على تعويضات عن ارتفاع الاسعار من خلال صندوق المقاصة، الذي أسسته الحكومة لدعم اسعار المواد الاساسية ومنها الطاقة وتقدر موازنته بنحو 1.6 بليون دولار سنوياً. وحسب مصادر حكومية فان الصندوق يواجه عجزاً في موازنته تقدر ببضعة بلايين من الدراهم تحول دون استمراره في تحمل ارتفاع اسعار النفط. وقالت مصادر من وزارة الطاقة والمعادن ل"الحياة"ان نظام التعويض الحالي وصل الى وضع من الصعب استمراره، اذ تجاوز الالتزامات المدرجة في موازنة سنة 2004 التي وضعت على أساس سعر 27 دولاراً لبرميل النفط، بينما زادت كلفة استيراد النفط بنحو 90 في المئة عن متوسط الاعوام الثلاثة الماضية. وتقترح مصادر الوزارة مواصلة التفاوض مع اتحاد شركات توزيع المحروقات للوصول الى حل مقبول يجنب ازمة في الامدادات، قبل أسابيع من شهر رمضان المبارك. وقالت شركات الغاز المحلية انها قد لا تستطيع تحمل خسائر اضافية اذا واصلت اسعار النفط ارتفاعها في الاسواق الدولية، مشيرة الى انها تبيع الغاز بأقل من كلفته الحقيقية. وكان بعض شركات النقل البري اعلن من جهته زيادة في أسعار تذاكر السفر لتعويض الارتفاع الذي طال اسعار المحروقات، التي زات في السوق المحلية بنسبة 3.5 في المئة مع ارتفاع الاسعار الدولية. ويتحول موضوع الطاقة تدرجاً الى موضوع نقاش ساخن في المغرب، تتقاذق فيه الاطراف المسؤوليات، وتعيدها الى جهات مقربة من الحكومة وتتهم خبراء وزارة المال الذين وضعوا توقعات معتدلة للاسعار في وقت كانت كل المؤشرات تدل على ارتفاع وشيك في اسعار النفط. ويتوقع ان تكون من نتائج ارتفاع الاسعار تراجع النمو في اجمالي الناتج الاجمالي الى ثلاثة في المئة من أربعة في المئة وزيادة العجز في الحسابات الماكرواقتصادية الى 3.7 في المئة وعودة التضخم الى معدلات تفوق ثلاثة في المئة، مع احتمال ارتفاع معدلات الفائدة المصرفية وتفاقم عجز الميزان التجاري وتأثيره في احتياط النقد الاجنبي لدى المصرف المركزي.