ساوثجيت يرد على شائعات انتقاله لقيادة مانشستر يونايتد    غيابات الهلال أمام النصر في ديربي الرياض    «الموارد البشرية» تطلق «خدمة حماية الأجور» لرواتب العمالة المنزليَّة    الكويت ترفع سعر خام التصدير لآسيا لشهر يونيو    اعتماد الإستراتيجية العربية للأمن المائي في المنطقة العربية    سيفول رحمات: مبادرة طريق مكة سهلت رحلة الحاج    جامعة طيبة تحتفل بتخريج الدفعة العشرون من طلابها    تحت رعاية ولي العهد«سدايا» تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي سبتمبر المقبل    انطلاق الاختبارات الوطنية "نافس" في جميع مدارس المملكة للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة    بنك التصدير والاستيراد السعودي يوقّع اتفاقيتين لتمكين الصادرات السعودية غير النفطية    ‫ وزير التعليم يتفقد مدارس الحدود الشمالية ومشاريع جامعة الشمالية    وصول أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من إندونيسيا    300 طالب يشاركون بحلول رقمية إبداعية في "برمجاثون"    ارتفاع عدد كوادر التمريض إلى 235 ألفاً في 2023    "البنك الإسلامي" يجمع 2 مليار دولار    مساعدات طبية وغذائية ل3 دول من "سلمان للإغاثة"    لزيادة حجم القطاع 10 أضعاف.. السعودية تطلق خارطة طريق الطيران    «الزعيم » لا يكل ولا يمل    أمير تبوك يطلع على إنجازات التجارة.. ويرأس اجتماع لجنة الحج.. اليوم    السعودية و31 دولة تشارك في تمرين «الأسد المتأهب»    إزالة 23 مظلة وهنجراً عشوائياً في أحياء الطائف    19710 مخالفين للأنظمة ضبطوا في 7 أيام    جامعة «مالايا» تمنح العيسى الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية    رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الأمم المتحدة تبني قرار عضوية فلسطين    السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    «البلدية»: إيقاف وسحب «المايونيز» من أسواق المملكة    هيئة الصحفيين السعوديين يقيم ندوة "المواقع الإخبارية التحديات والآمال"    حظر «الرموش الصناعية» على العاملات في تحضير الأغذية    نحو سينما سعودية مبهرة    سلمان بن سلطان يرعى حفل تخريج الدفعة ال 20 من طلاب وطالبات جامعة طيبة    الخليج يطرح تذاكر مواجهة الاتحاد .. في الجولة 32 من دوري روشن    جامعة الملك سعود تتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية للجامعات    البصمة السينمائية القادمة    تحسينات جديدة في WhatsApp    سيدات الأهلي يحصدن كأس الاتحاد لرفع الأثقال    الذكاء الاصطناعي يتعلم الكذب والخداع    نسيا جثمان ابنهما في المطار    إبادة بيئية    إنقاذ ثلاثيني من إصابة نافذة بالبطن    مواد مسرطنة داخل السيارات    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع عقارات الدولة    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة كليات الشرق العربي    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    أمير تبوك يطلع على إنجازات "التجارة"    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    أرتيتا يحلم بتتويج أرسنال بلقب الدوري الإنجليزي في الجولة الأخيرة    بعض الدراسات المؤرشفة تستحق التطبيق    إنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة طريق مكة آليًا    مختبرات ذات تقنية عالية للتأكد من نظافة ونقاء ماء زمزم    " الأحوال" المتنقلة تواصل خدماتها    محافظ جدة يدشن مبادرة " العمل والأسرة"    الهلال يوافق على انتقال بيريرا لكروزيرو    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    نائب أمير مكة يناقش مستوى جاهزية المشاعر لاستقبال الحجاج    سمو أمير منطقة تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج غداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارض التشادي يرى ان أزمة دارفور تتجاوز الصراع القبلي ويشرح مسؤولية نظام إدريس ديبي فيها . الشيخ ابن عمر ل"الحياة": مخاطر "القاعدة" والحركات الإرهابية جنوب الصحراء مبالغ فيها ومفاوضاتنا مع السلطات الجزائرية ستتم "في منأى عن المساومات والتهديدات"
نشر في الحياة يوم 14 - 06 - 2004

قال الشيخ إبن عمر المنسق العام لاتحاد القوى من أجل التغيير، وهو أبرز تجمع لقوى المعارضة التشادية، إن ما يتردد من حديث عن مخاطر تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن في منطقة الصحراء الكبرى "تضخمه بعض الحكومات الإفريقية لجلب المساعدات الأميركية وإسكات المعارضة".
وفي مقابلة مع "الحياة" في العاصمة الفرنسية باريس، أشار إبن عمر، الذي شغل منصب وزير خارجية التشاد مطلع التسعينات ثم مندوبها لدى الأمم المتحدة في نيويورك، الى أن "المفاوضات قائمة مع السلطات الجزائرية لترحيل جماعة القيادي البارز في "الجماعة السلفية" عبدالرزاق البارا"، لكنه أكد أن الحركة التي تحتجز البارا "عضو في اتحاد المعارضة، وسيتم الترحيل بصورة تناسب القواعد القانونية والإنسانية المتعارف عليها دولياً في منأى عن المساومات والتهديدات". هنا نص المقابلة:
كيف تقومون الوضع الآن في تشاد، هل في الإمكان تقديم لمحة عن حقيقة الأوضاع؟
- منذ أن نالت بلادنا استقلالها من فرنسا عام 1960، مررنا بحروب داخلية وخارجية وعرفنا أيضاً أنظمة ديكتاتورية متأصلة، إلى أن أتى الجنرال إدريس ديبي سنة 1990. وقتها كان التشاديون وأصدقاء تشاد في الخارج يتفاءلون خيراً بأن هذا الانقلاب سيؤدي إلى شيء من الديموقراطية والاستقرار والازدهار في ظل انهيار سور برلين وانطفاء الحرب الباردة وتسوية الخلاف الحدودي مع جيراننا وأشقائنا في الجماهيرية الليبية والنتائج الإيجابية لعمليات تنقيب النفط. لكن للأسف الشديد، بدأ الجنرال ديبي في ممارسة أسلوب الاغتيالات السياسية ضد الصحافيين وقياديي الأحزاب وحتى المواطنين العاديين، وحوّل الجيش الوطني إلى جيش قبلي خليط من تشاديين وسودانيين من أبناء عمومته. هذا الجيش العشائري لم يتردد في ارتكاب المجازر الجماعية وإفناء قرى بأسرها، واشهر هذه المآسي وقعت في إقليم وادي حمراء التابع لمدينة ابّشه، وفي مديرية لوقون حيث حقول النفط. وأخذت تتوالى فضائح مالية منها تورط مستشارين له في تزوير الدينار البحريني وتهريب المخدرات من الأرجنتين إلى ألمانيا. والأوضاع السياسية والعسكرية والاجتماعية باتت في تقهقر مستمر، فانهار الاقتصاد وفرت الأموال إلى الخارج وتشرد آلاف التشاديين إلى بلدان الجوار مثل ليبيا والسودان ونيجيريا وإفريقيا الوسطى وغيرها. ووصل الاستبداد والتطاول بالجنرال إدريس ديبي إلى حد تخطي الحدود الوطنية والتدخل في شؤون الدول المجاورة، فكان له الدور الرئيس في قلب النظام في افريقيا الوسطى والإطاحة بالرئيس باتاسي، وكان له الدور الرئيس أيضاً في الحرب الأهلية التي نشبت عند أشقائنا في غرب السودان إقليم دارفور، ناهيك بسرح ومرح أتباعه ممن امتهنوا النهب المسلح في شمال الكاميرون ونيجيريا إلى جانب الأقطار المذكورة آنفاً.
ونتيجة لهذه السلبيات والمتاعب التي أساسها عقلية الغنيمة الحربية على غرار عصابات جنكيز خان المغولية، رأينا نحن على مستوى قوى المعارضة أن من مسؤولياتنا التاريخية أن نضع إطاراً جامعاً تلتف حوله الفاعليات السياسية الوطنية، وطرح برنامج ديموقراطي جديد للرأي العام الداخلي والخارجي لإحداث تحول سياسي إيجابي لمصلحة الشعب التشادي وشعوب القارة السمراء، قوامه الديموقراطية والاستقرار والوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية وحسن الجوار والتكامل الاقتصادي الأفريقي.
أعلنتم عن تشكيل الاتحاد من أجل التغيير، هل من تفاصيل؟
- إتحاد القوى من أجل التغيير تأسس في شهر آذار مارس الماضي بين ستة أطراف من الحركات المسلحة والتنظيمات المستقرة في الخارج وهي:
1 - الحركة من أجل الديموقراطية والعدالة في تشاد MDJT التي أسسها المرحوم الوزير يوسف توغويمي والتي تحتل مواقع استراتيجية مهمة في إقليم تبستي المحاذي لليبيا، بزعامة الحاج حسن عبدالله مارديقي.
2 - المجلس الديموقراطي الثوري الذي أسسه القائد الشهيد أصيل احمد والذي أتشرف برئاسته منذ 1982.
3 - الجبهة الديموقراطية الشعبية بزعامة الدكتور محمود ناهور وهو من ابرز الأطباء والمثقفين عموماً في تشاد.
4 - الحركة من أجل الديموقراطية والتنمية بزعامة الوزير إبراهيم مالاه، والتي لها مواقع عسكرية في منطقة بحيرة تشاد.
5 - الحركة الشعبية لأجل النهضة القومية التي أسست أخيراً نتيجة لدمج تنظمي الجبهة الوطنية التشادية التي أسسها القائد الشهيد د. الحارث بشر من جهة، وتنظيم الرائد آدم يعقوب كوقو من جهة أخرى.
6 - أخيراً، الحركة لأجل الوحدة والجمهورية بزعامة بوركو ماندا قايليت.
ونحن ما زلنا في حوار مع الفاعليات المؤثرة في الخارج وفي الداخل لوضع أسس تعاون مثمر مع من قد يختلف معنا في بعض المسائل والانصهار مع القوى التي لها تصور مشترك لانتشال بلادنا تشاد من مستنقع العنف والنهب والفساد والعصبية وما إلى ذلك من تخلف سياسي وظلامية فكرية.
هل تعتقدون بأن العمل المسلح وسيلتكم المفضلة لتحقيق أهداف التحالف؟
- تاريخ تشاد كان دائماً يوصف بأنه تاريخ الديكتاتوريات العسكرية والانتفاضات الدموية، لكننا نحن كمسؤولين سياسيين، حريصون على مستقبل هذا البلد نؤمن إيماناً راسخاً بأن الكفاح المسلح ليس غاية في حد ذاته بل وسيلة ليس إلا، وقد يكون أسوأ الوسائل. إذاً، همنا الرئيس هو النضال السياسي وتوحيد القوى الحية في الداخل والخارج حول برنامج سياسي وطني ورؤية مستقبلية جلية المعالم والمرامي وبث الوعي القومي لدى جماهيرنا كي نتحول من منطق الحلول التصادمية والمهاترات القبلية والطائفية إلى منطق سلمي لمعالجة قضايانا الداخلية والخارجية عبر الحوار المعقلن والانتخابات النزيهة، عملاً بالآية الكريمة: "لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك". غير أن هذا التحول لا يمكن إحداثه إلا بالعزيمة النضالية لتقطيع براثن هذا الأخطبوط الذي طالما أنهك الشعب التشادي والشعوب المجاورة.
وهل هناك جهود للتوصل إلى المنطق السلمي؟
- أولويتنا في المرحلة هذه هي توحيد صفوفنا وتوطيد أركان تنظيمنا وصقل مهارات مناضلينا ومقاتلينا وكذلك توسيع رقعة التوافق الوطني حول رؤية مستقبلية وبرنامج وطني ديموقراطي. وفي هذا المسار حققنا بعض الخطوات الإيجابية مثل تأسيس الاتحاد ورسم قنوات اتصال وتحاور مع القوى السياسية والنقابية والاجتماعية الموجودة داخل البلاد. ونحن في صدد الإعلان عن مشروع مؤتمر للحوار الوطني والتنمية وبرنامج حكومي انتقالي مغزاه توفير الظروف الأساسية لتطبيع الحياة السياسية. من هنا يتضح أن الخيار العسكري ليس هو أفضل الخيارات وليس مرغوباً لدينا وإنما هو ضرورة مرحلية فرضتها تصرفات النظام الحاكم بقفل أبواب الحوار السياسي والا فنحن مبدئياً لا نرفض إيجاد حل سلمي للأزمة التشادية التي أنهكت البلاد منذ عشرات السنين ودمرت الاقتصاد وشردت أبناءه وأخذت تهدد أمن دول الجوار واستقرارها. غير أن كل هذا يتطلب تفهم طموحات الجماهير الشعبية بحيث تتعامل مختلف الأطراف السياسية في شكل محترم وبتسامح من أجل الوصول إلى حوار وطني وتسوية الخلافات عبر السبل السلمية. لكن وللأسف هذا المناخ السياسي مفقود حالياً لأن إخوتنا في حكومة الجنرال إدريس ديبي أصبحوا أسرى عقلية العنف والارتزاق والإباحية. نحن من خلال اتصالاتنا مع دول الجوار وغيرها ومع من لهم دور مؤثر في تشاد، نسعى الى تحقيق إجماع دولي واسع حول هذا الطرح كعامل مساند للإجماع الوطني المنشود.
هل من مبادرات عملية في هذا الشأن؟ هل قبلها نظام نجامينا؟
- بالنسبة إلى نظام الجنرال ديبي، إنه ما زال يؤمن بالعنف السياسي من ناحية وشراء الضمائر من ناحية أخرى ويهرب من فكرة الحوار الوطني الشامل هروب البومة من إشعاع الشمس، ما يجعلنا نضع الأولوية في تعزيز اتحادنا تنظيمياً وسياسياً وديبلوماسياً وإعلامياً.
و مما يثلج الصدور هو أن بعض الدول الشقيقة كانت تبدي اهتماماً ملحوظاً في ما يتعلق بالمصالحة الوطنية التشادية، نذكر منها الجماهيرية الليبية والسودان والجزائر والغابون ونيجيريا والنيجر وتوغو. وذلك في فترات مختلفة وبنتائج مختلفة أيضاً، غير أننا لا نريد الإبحار في التفاصيل لئلا نسبب حرجاً لهذه الأقطار الشقيقة التي لا يمكن أن نستغني عن مساعيها الحميدة حاضراً ومستقبلاً.
وليس سراً أن التشاور حول فكرة المصالحة الوطنية في تشاد اخذ حيزاً لا بأس به من المحادثات الجارية حالياً بيننا وبين أشقائنا في الحكومة الجزائرية في شأن ترحيل المجموعة التي تطلق على نفسها الجماعة السلفية للدعوة والجهاد.
يطرح الكثير من الخبراء دور نظام ديبي في إذكاء الحرب الأهلية في السودان، هل في الامكان التعرف الى حقيقة ما حصل في دارفور؟
- انه تبسيط للأمور أن يوصف دور المجموعة العشائرية الضيقة الحاكمة في نجامينا بإذكاء الحرب الأهلية في غرب السودان لأن دورها أكبر وأخطر بكثير من مجرد الإذكاء.
الرئيس إدريس ديبي ينتمي إلى قبيلة الزغاوة وهي قبيلة مشتركة بين تشاد والسودان والثقل الأكبر منها في السودان، ولما كان يحاول الإطاحة بالرئيس السابق حسن حبري لجأ إلى أبناء عمومته من هذه القبيلة في السودان، والكثير من الجنود الذين ناضلوا معه وأوصلوه إلى السلطة كانوا سودانيين في الأصل، واتضح في ما بعد أن دعم بعض الأطراف السودانية من قبيلة الزغاوة للجنرال ديبي في الوصول إلى السلطة، كان مشروطاً بأن يكون في المقابل دعم للمجموعة نفسها في الاستيلاء على السلطة في السودان. فكانت المعارضة التشادية ومنظمات المجتمع المدني تشتكي منذ وصول إدريس ديبي إلى الحكم من أن هناك عناصر سودانية الأصل موجودة داخل دوائر مهمة في السلطة في تشاد في القيادات العسكرية، ورئاسة الجمهورية والقطاع الاقتصادي وكانت تطالب بإرجاعها إلى بلدها، غير أن الرئيس ديبي لم يستمع إلى هذه النصائح، وهناك أدلة واضحة على أن الحرب السودانية تكونت أصلاً في مراحلها الأولى في تشاد حيث فتحت معسكرات خاصة للتدريب في مدينة بحر الغزال المعروفة أيضاً باسم مدينة موسورو في تشاد. وكان هناك قياديون في الجيش التشادي قاموا بتأطير هذه القوة والمعدّات العسكرية والآليات والأسلحة الثقيلة كانت كلها مأخوذة من مخازن الجيش التشادي ووحدات الحرس الرئاسي على وجه الخصوص. وواضح عند الشارع التشادي أن الشخص الذي كان ينسق كل هذه الجهود هو شقيق الرئيس إدريس ديبي ويدعى دوسا ديبي وهو سفير سابق لدى ليبيا. وهذه العملية واضحة وأكدها السفير هرمان كوين الذي كان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإفريقية في عهد كلينتون في تصريح له لراديو فرنسا الدولي، أفاد فيه بأن لدى واشنطن أدلة دامغة على أن الحكومة التشادية هي التي أشعلت الحرب في دارفور.
تبقى أزمة دارفور معقدة وربما مثيرة للجدل؟
- أولاً أبناء قبيلة الزغاوة في تشاد كما في السودان صاروا ضحية لسياسات الجنرال ديبي العشوائية وتصرفات بعض العناصر الضالة التي شوهت اسم القبيلة باستئثارها بالسلطة والثروة والسلاح. وندرك تماماً أن الكثير منهم يرفضون هذا المنطق القبلي المتخلف واتخذوا مواقف جريئة في وجه الجنرال ديبي ومنهم من ضحوا بحياتهم نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الشهيد العقيد عباس كوتي الذي لعب الدور الرئيس في انتصار قوات الجنرال ديبي والذي انشق عنه وأسس تنظيماً معارضاً المجلس الوطني للمقاومة حتى سقط ضحية لمؤامرة غاية في الخبث والرذالة.
عموماً، إنه لمن المؤسف أن نرى الأزمة في إقليم دارفور تتحول إلى صراع قبلي غير مشرف لأفريقيا نيلسون مانديلا ونكروما ولومومبا وعبدالناصر. ومما يزيد الأمور تعقيداً أن الصورة المعكوسة لدى وسائل الإعلام الخارجية وبخاصة الغربية مشوهة للواقع إلى حد مفرط فيه، خصوصاً الحديث عن صراع بين ما يسمى بالقبائل العربية والقبائل الإفريقية وعن التطهير العرقي، وهو حديث غير مسؤول ومن شأنه أن يحول المنطقة إلى رواندا ثانية.
نحن كلنا أفارقة والقبائل الموجودة في دارفور نفسها موجودة أيضاً في تشاد وكل هذه المجموعات تدين بالإسلام وتتكلم العربية. وفي الواقع لا يوجد هناك سور الصين العظيم بين من هو عربي ومن هو غير عربي، إذ ان الدم العربي والدم الإفريقي أخذا في التمازج منذ القرن الثامن الميلادي اللهم إلا أن نسب هذا التمازج متفاوتة بين الجماعات والمناطق والأفراد. كما أن هناك من احتفظ ببعض اللغات المحلية إلى جانب العربية وهناك من تخلى عنها عبر المسيرة التاريخية.
حقيقة الأمر انه كانت تحدث خلافات محدودة بين القبائل الرحل والقبائل التي تمارس الزراعة في شكل مستقر، وهي خلافات طبيعية على المراعي ومصادر المياه. لكن الأطراف السياسية وبخاصة الحكومة التشادية، وعبر السماح لعناصرها بممارسة النهب المسلح ضد القبائل العربية وغير العربية في تشاد والسودان، خلقت جواً مشحوناً بالعداوة وبروح الانتقام والانتقام المضاد. زد على ذلك تورطها في صفوف المعارضة السودانية الذي ضخم هذه المشكلة وحولها إلى مواجهة جنونية بين هذه القبائل التي هي في الواقع كيان اثنولوجي واحد.
ومن هذا المنبر نسأل وسائل الإعلام والجهات السياسية الغربية لماذا لا تتطرقون لحظة واحدة إلى حملات نهب القوافل التجارية والقتل العشوائي وانتهاك حرمات النساء... التي كانت تتعرض لها ولا تزال المجموعات الأخرى كقبيلة التاما والقيمر والداجو والبرقو إلى الجانب القبائل الرحل كبني حلبة والتعايشة والمهرية والخزام والمسيرية وأولاد راشد ومختلف بطون المحاميد... على أيدي لصوص الجنرال ديبي وذلك في تشاد كما في السودان.
كيف تتوقعون أن تكون انعكاسات اتفاق السلام في السودان على الأوضاع في تشاد؟
- لا شك في أن أي تقدم للسلام في السودان ستكون له انعكاسات جد إيجابية على تشاد شعباً ودولة لأن الكثير من المواطنين الزغاوة لجأوا إلى تشاد برفقة مواشيهم وإبلهم وهم يحملون أسلحة حربية متطورة حتى بدأت تحدث احتكاكات مع السكان المحليين ناهيك بأن بعضهم انتقم عشوائياً من عناصر القبائل العربية التشادية. صحيح أنها أحداث محدودة ولكنها أخذت تعكر صفاء العلاقات الأخوية بين قبيلة الزغاوة من ناحية ومختلف قبائل شرق تشاد.
ومن جانب آخر هناك أكثر من مؤشر إلى أن الجنرال ديبي جند أعداداً كبيرة من عناصر المعارضة السودانية والمواطنين الفارين من المعارك في السودان لسد الفراغ الناشئ عن الانقسامات الأخيرة داخل الحرس الرئاسي. وندرك تماماً أن هذا التجنيد يتم بصورة شبه إجبارية وقد لا ترتضيه تنظيمات المعارضة السودانية. ونخشى أن ينقلب الجنرال إدريس ديبي ضد المعارضة السودانية إذا ما رفض قياديوها القبول بدور الدمية الهامدة في يده، لذلك كنا نشك منذ البداية في نجاح الوساطة التشادية في أزمة دارفور. لكل ذلك ليس لنا كتشاديين مصلحة في استمرار الحرب الأهلية في غرب السودان. وبالتالي، فإن أي تقدم في اتجاه السلام في السودان سيؤثر ايجاباً في الأمن والاستقرار والوفاق الوطني في تشاد. غير أننا نعي تماماً أن المسؤولية الأولى تقع على عاتقنا نحن التشاديين.
في برنامج قوى المعارضة، هل تقتربون من طرح الأصوليين أم أن لديكم برنامجاً مغايراً؟ وكيف تنظرون إلى تحالفات تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن في المنطقة؟
- حقيقة، الجنرال ديبي وأذياله من الأقلام المأجورة اجتهدوا كثيراً في محاولات إلصاق شبهة التعاطف والتعاون مع الحركات المتشددة غلافاً والإرهابية جوهراً، على اتحاد القوى لأجل التغيير.
لكن هيهات، إذ برامجنا وسلوكنا وتصريحاتنا عبر العقود ثابتة وواضحة في ما يتعلق بمنهجنا السياسي، إذ إننا نسعى قولاً وعملاً إلى قيام نظام سياسي ديموقراطي عصري يكفل المساواة والحرية لكل الطوائف والمكونات الاجتماعية والطائفية. ومما تجدر الإشارة اليه هنا هو أن جزءاً لا يستهان به من سكان تشاد ينتمون إلى ملل أخرى ناهيك بأن المسلمين أنفسهم ينتمون إلى مذاهب وطرق صوفية متفرقة حتى وإن كان معظمهم ممن يقتدون بمذهب الإمام مالك رضي الله عنه وبالطريقة التيجانية.
والشعب التشادي الذي اختبر زعماء المعارضة كمسؤولين في أجهزة الدولة أيقن عملياً أننا ننطلق من مبادئ ديموقراطية وطنية قحة وعلى سبيل المثال الرئيس المؤسس للحركة من اجل الديموقراطية والعدالة في تشادMDJT الشهيد يوسف توغويمي شغل مناصب وزارية مختلفة منها وزير العدل ووزير الدفاع ووزير الداخلية قبل استقالته احتجاجاً على سياسات الجنرال ديبي الهدامة، كما أن محسوبكم كان في ما كان، وزيراً للتعليم والخارجية ومندوباً لدى الأمم المتحدة. لقد تركنا بصمات واضحة في مواقع عليا في الدولة يسهل لمن يريد استقراءها أن يصل إلى إجابة دامغة عما إذا كان لنا أي تعاطف مع الطرح المتشدد. غير أنني أرى ضرورة ألاّ نخلط بين الأصولية والسلفية كاتجاهات فكرية مشروعة تحتمل الأخذ والرد، والجماعات الإرهابية التي ترفع هذه الشعارات لارتكاب أبشع المجازر ضد المدنيين من مسلمين وغير مسلمين.
أما بالنسبة إلى تحالفات تنظيم "القاعدة" في المنطقة فليس لنا علم بها، اللهم إلا ما يتردد في وسائل الإعلام. وصحيح أن هناك تعاطفاً واضحاً من بعض الشباب المسلم وغير المسلم مع بن لادن وأتباعه فيه قليل من الرومانسية الثورية وكثير من الغضب على الأنظمة المحلية وعلى الدول الكبرى، غير أن رأيي الشخصي هو أن موضوع الخطر الذي تشكله "القاعدة" والحركات الإرهابية جنوب الصحراء الكبرى مبالغ فيه وتضخمه بعض الحكومات الإفريقية لجلب المساعدات الأميركية وإسكات المعارضة.
كيف تعاملتم في اتحاد قوى المعارضة مع قضية المحتجزين "جماعة عبدالرزاق البارا"؟ ألا تتخوفون من أن يستخدمها نظام ديبي للحصول على معدّات عسكرية وضوء أخضر للمزيد من انتهاك الحريات؟
- ما كنا نتخوف منه قد وقع فعلاً، إذ إن الجنرال إدريس ديبي حصل بالفعل على مساعدات عسكرية من كل من الولايات المتحدة التي نظمت جسراً جوياً بين قواعدها في المانيا وبين العاصمة نجامينا وكذلك من فرنسا والجزائر بحجة مكافحة الإرهاب بعد اشتباك قواته مع مجموعة عبدالرزاق البارا مطلع شهر آذار.
كما أن وزير التعاون الفرنسي السيد داركوس زار نجامينا أخيراً لتأكيد دعم الرئيس شيراك للجنرال ديبي في الوقت نفسه الذي كانت فيه مدينة نجامينا تعيش جواً من التشديدات الأمنية والعسكرية الغاشمة، ويكفي دليلاً أن منظمة فرنسية تدعى survie أصدرت بياناً قالت فيه ان تصريحات الوزير داركوس عبارة عن شتيمة للشعب التشادي.
لكن خدعة الجنرال ديبي هذه سرعان ما انكشفت حينما اتضح للعالم أن القوات الحكومية التشادية لم تقض على مجموعة البارا، بل ان قواتنا هي التي أسرت معظمهم. ونحن الآن في تعاون مستمر مع السلطات الجزائرية والدول المعنية لترحيل هؤلاء العناصر إلى بلادهم بصورة تناسب القواعد القانونية والإنسانية المتعارف عليها دولياً بمنأى عن المساومات والتهديدات.
بطاقة
يعتبر الشيخ إبن عمر من أبرز الوجوه المعاصرة في الحكم التشادي. فقد تولى منصب الأمين العام المساعد للحكومة سنة 1979 قبل أن يعين في منصب وزير التربية 1981 - 1982 ثم وزيراً للدفاع في الحكومة الانتقالية 1982- 1984 قبل أن يرقى إلى منصب وزير التنسيق للحكومة الانتقالية في التشاد إلى نهاية 1987، ليعين بعدها في منصب وزير الخارجية إلى 1990 ثم مستشاراً في الرئاسة في حكم الجنرال إدريس ديبي إلى 1992 ثم مندوب التشاد لدى الأمم المتحدة في نيويورك إلى 1993.
ويتولى الشيخ إبن عمر الذي يقود المجلس الديموقراطي الثوري منذ 1982، منذ ثلاثة أشهر، قيادة تحالف قوى المعارضة من أجل التغيير في التشاد، الذي يضم أهم القوى المعارضة في الداخل والخارج لحكم الجنرال إدريس ديبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.