غادرت مستشارة الرئيس الاميركي لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس العاصمة الروسية بعد زيارة احيطت بالكتمان، التقت خلالها وزير الخارجية ايغور ايفانوف. وتوقع مصدر ديبلوماسي ان تكون المحادثات "اختزلت" لأسباب في مقدمها انزعاج موسكو من اطلاق النار على موكب السفير الروسي في بغداد وتفتيش عدد من سيارات الموكب. وكان أربعة ديبلوماسيين روس جرحوا في الحادث، ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن السفير فلاديمير تيتو رينكو ان القوات الأميركية هي التي اطلقت الأحد النار عمداً على موكبه قبل ان يعبر امس الحدود العراقية - السورية. اكتفى بيان صحافي أذيع في موسكو بالإشارة الى ان رايس التقت ايفانوف و"مسؤولين آخرين" لم تُحدد اسماؤهم، وان كل المحادثات جرت "وراء الأبواب الموصدة". وبعد ساعة على المحادثات مع وزير الخارجية رفضت رايس التعليق على نتائجها، لكنها قالت ان "اللقاء كان جيداً جداً"، كما تحاشت الحديث عن حادث اطلاق النار على موكب السفير. وكان أعلن ان رايس ستلتقي وزيري الخارجية والدفاع وسكرتير مجلس الأمن القومي، وتنهي زيارتها بالاجتماع مع الرئيس فلاديمير بوتين. لكن مصدراً ديبلوماسياً قال ل"الحياة" ان اعلان مغادرة رايس في صورة مفاجئة ومن دون ان تلتقي بوتين "يوحي بأن زيارتها اختصرت"، ورجح ان يكون الطرفان وجدا صعوبة في الاتفاق على "مستقبل العراق بعد صدام حسين"، وزاد ان محادثات رايس كانت "مثقلة" بحادث الهجوم على موكب السفير والذي تزامن مع وصول المسؤولة الاميركية الى موسكو. وكان الموكب، الذي ضم ثماني سيارات، استقل خمساً منها ديبلوماسيون من السفارة الروسية في بغداد، وثلاثاً اخرى صحافيون روس، تعرض لإطلاق نار قرب مدينة الفلوجة، عندما كان في طريقه من بغداد الى دمشق. واعربت وزارة الخارجية الروسية عن غضبها من الحادث واستدعت السفيرين الاميركي والعراقي لطلب توضيحات. واكدت أن الجانبين المتحاربين في العراق ابلغا سلفاً بالطريق الذي سيسلكه الموكب، واتفق على مروره بسلام. وأفاد مراسل تلفزيون "ار تي ار" الذي كان ضمن الموكب، انه "متأكد مئة في المئة" من ان الاميركيين بدأوا اطلاق النار على موقع عراقي حالما عبرته السيارات الروسية، ورد العراقيون على النار. واضاف: "لا يوجد تفسير لسبب بدء اطلاق النار" اثناء مرور الموكب، وتابع ان خمسة اشخاص جرحوا بينهم سائق سيارة السفير الذي اصيب في بطنه برصاصتين تأكد انهما اطلقتا من بندقية اميركية من طراز "ام 16". واجريت للمصاب عملية جراحية في مستشفى الفلوجة، واكد نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف ان "العراقيين، خصوصاً الأطباء، أبدوا اهتماماً فائقاً" بالديبلوماسيين الروس، لكنه قال ان اياً من الجانبين لم يقدم توضيحات رسمية لملابسات الحادث. وربما زاد استياء موسكو ان الوحدات الاميركية على الطريق بين الفلوجة والحدود السورية، اصرت على تفتيش الموكب الديبلوماسي، بحجة التأكد من عدم وجود سلاح في السيارات. واعتبر دميتري روغوزين رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما النواب ان الحادث يعد "انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي"، داعياً الى معاقبة المذنبين. الى ذلك، افادت وكالة "فرانس برس" ان رايس دخلت الى الكرملين حيث كان الرئيس بوتين يعقد اجتماعاً مع مسؤولين في الحكومة الروسية. ونقلت الوكالة عن مسؤولين ان كل الاجتماعات التي عقدتها رايس، تمت بناء على طلب الولاياتالمتحدة. وقال مسؤول اميركي بعد لقاء رايس - ايفانوف: "نحن ملتزمون شراكتنا الاستراتيجية مع روسيا، وأقر بوجود خلافات في شأن العراق أدت الى توتر العلاقات بيننا، لكننا نأمل بتقدم" في هذه العلاقات. وأرسلت وزارة الطوارئ الروسية طائرة الى سورية صباح امس لنقل الديبلوماسيين الروس الذين غادروا العراق الى بلادهم، والذين جرح أربعة منهم بحسب تأكيد الخارجية الروسية. ونقلت وكالة أنباء "ريا - نوفوستي" امس عن السفير الروسي في بغداد فلاديمير تيتورينكو اتهامه القوات الاميركية بإطلاق النار عمداً على موكبه. وقال الصحافي الروسي الكسندر ميناكوف الذي يعمل لدى التلفزيون الروسي ان السفير نجا بأعجوبة من رصاصة اخترقت النافذة الأمامية لسيارته. لكن القيادة الاميركية الوسطى في قطر أعلنت ان القوات العراقية كانت تسيطر على منطقة الحادث وان "التقارير الأولية" أشارت الى انه لم تكن هناك أي قوات اميركية أو بريطانية قرب المنطقة التي تعرض فيها الموكب للهجوم. وفي واشنطن قال الجنرال بيتر بايس نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة ان البنتاغون يحقق في الحادث. ووصل الى دمشق امس عبر معبر "التنف" الحدودي 300 كلم عن دمشق السفير تيتورينكو ومرافقوه من ديبلوماسيين وصحافيين. وقال احد الصحافيين الروس الذي كان ضمن موكب السفير ان "الموكب حاول الخروج بسرعة الى دمشق لان الوضع اصبح خطيراً في بغداد" موضحاً ان "اربعة ممن اصيبوا في اطلاق النار على سيارات السفير وصلوا الى دمشق بعدما "اجريت لهم الاسعافات في مستشفى في بغداد فيما لا يزال احد الديبلوماسيين في العاصمة العراقية وحاله خطيرة اثر اصابة في معدته". وتعرضت اربع سيارات كانت ضمن الموكب لاطلاق نار من القوات الاميركية اثناء عبورها مناطق تحصينات عراقية كبيرة على مشارف بغداد. واكد احد الديبلوماسيين ان "الموكب تعرض للقصف على رغم ان السيارات كانت ترفع الاعلام الروسية، وفتشت بعد اصابتها"، لافتاً الى ان "اربع سيارات مدنية كانت قريبة من الموكب قصفت وقتل اثنان من ركّابها".