قدمت الفنانة محسنة توفيق على مدى 41 عاماً - هي مشوارها مع الفن - اكثر من 30 مسرحية، و8 افلام سينمائية اضافة الى عشرات الاعمال في الاذاعة والتلفزيون. وهي بدأت حياتها الفنية عام 1962 من خلال المسرح إذ قدمت مسرحيات عدة من روائع الادب العالمي والمحلي من ابرزها "برما"، "بجماليون" و"ثورة الزنج" لمعين بسيسو وغيرها، واستطاعت بعد اربع سنوات فقط وتحديداً في شباط فبراير 1967 ان تحصل على ارفع وسام مصري هو وسام العلوم والفنون من الدرجة الاولى تقديراً لها ولعطائها الفني. وقد اتجهت الى السينما في مرحلة متأخرة لتعتبر ان اهمالها هو غلطة عمرها. هنا حوار شامل معها: قدمت اعمالاً متعددة في المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون، ما ابرز الاعمال وأحبها الى قلبك؟ - بالنسبة الى المسرح قدمت اعمالاً كثيرة مهمة اعتز بها منها "برما"، "بجماليون" و"دماء على ملابس السهرة" أو القصة المزدوجة للدكتور بالمي، وكلها من روائع المسرح العالمي، اضافة الى اعمال اخرى ابرزها "ثورة الزنج" لمعين بسيسو قدمتها مع الفنان والمخرج المسرحي الراحل كرم مطاوع. اما في السينما فقدمت نحو 8 افلام ابرزها "العصفور" الذي اعتز به كثيراً و"اسكندرية ليه" و"بونابرت" وكلها من اخراج يوسف شاهين، كما قدمت "الزمار" و"قلب الليل" مع المخرج عاطف الطيب الى جانب افلام اخرى قدمتها في بداياتي السينمائية مثل "الغفران" و"حادثة شرف" للمخرج شفيق شامية. كما قدمت اعمالاً لا استطيع حصرها للاذاعة منها "ريحانة" مع محمد عثمان، و"هدى شعراوي" مع سمير عبدالعظيم، اضافة الى عمل عن "ابن عروس" مع الشاعر عبدالرحمن الابنودي اعتبره اجمل عمل قدمته في الاذاعة. وفي التلفزيون بدأت بمسلسل "هارب من الايام" من اخراج نور الدمرداش، ثم قدمت عدداً كبيراً من المسلسلات منها "الشوارع الخلفية" من اخراج ابراهيم الصحن الذي قدمته في المسرح ولكن في دور مختلف عن التلفزيون. كما قدمت عدداً من المسلسلات في الدول العربية منها "الكتابة على لحم يحترق" من انتاج دبي، اضافة الى اعمال اخرى مثل: "على باب زويلة" و"ليالي الحلمية" الذي صنع مني نجمة محبوبة في التلفزيون وآخر مسلسلاتي "وجع البعاد" و"حبنا الكبير". العمل مع يوسف شاهين وعاطف الطيب، ماذا اضاف إليك؟ - يوسف شاهين مخرج متميز يترك للفنان حرية الابداع ويعطيه الفرصة كاملة أمام الكاميرا بعدها يساهم في توجيهه، ويعرف كيف يُخرج ما في داخله. إنه افضل مخرج تعاملت معه وقدمت ثلاثة من اجمل افلامي وافلامه ايضاً عدا "الارض" الذي عاتبته على عدم اختياري للتمثيل فيه وفيلم "اليوم السادس" ايضاً. أما عاطف الطيب فمن اذكى المخرجين وافضلهم وأكثرهم حساسيةً وفناً، قدمت معه فيلمين من افضل افلامي هما "الزمار" و"قلب الليل". ما السر في قلة افلامك السينمائية؟ - بدايتي مع السينما كانت عام 1970 بفيلمي "الغفران" و"حادثة شرف" وهي بداية متأخرة جداً على رغم أنه كانت تُعرض عليّ افلام منذ بداياتي، لكنني كنت منشغلة بالمسرح. وأعترف بأنني لم أكن على مستوى المسؤولية في إهمالي للسينما التي كنت اعشقها منذ صغري، وحينما وقفت امام كاميراتها للمرة الاولى شعرت بأنها في دمي وبأن أدائي فيها تلقائي وسهل أكثر ما كنت اتخيل. ألم تندمي على ذلك؟ - إهمالي للسينما هو الشيء الوحيد وخطأ عمري الذي اندم عليه حتى الآن ولكن من دون مرارة، فما قدمته فيها وإن كان قليلاً كان جميلاً ومتميزاً بخاصة دور "بهية" في "العصفور". بين المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون، كيف تجدين نفسك وأيها اقرب اليك؟ - السينما والمسرح والاذاعة والتلفزيون هذا هو الترتيب الذي افضله، فالسينما امتع واقرب إليّ من المسرح على رغم انني فنانة مسرحية بالاساس، لكن عشقي للسينما لا مثيل له. اختلاف جذري اختياراتك الفنية الآن هل اختلفت عن ذي قبل؟ - زمان كنت اختار في شكل متعسف، فلا اقبل إلا ما يعجبني اما الآن فإنني اقبل أي عمل يعرض عليّ إذا لم يكن الدور هزيلاً. هل يعني هذا أنك يمكن أن تشاركي في عمل متوسط القيمة لمجرد الوجود؟ - اصراري وتشبثي بالبقاء والوجود واشتياقي للكاميرا والناس الذين احبهم وحرصي على مواصلة العلاقة معهم كلها اعتبارات تحكم اختياراتي الآن، لذا اشارك في اعمال متوسطة القيمة الفنية إذا لم تكن تدينني كممثلة، هذا في التلفزيون أما المسرح فهو الاصعب في الاختيار إذ لا بد من أن تكون فيه قيمة حقيقية واضحة. هل هذا هو السبب في ابتعادك عن المسرح منذ سنوات؟ - نعم، فقد عُرضت عليّ اعمال مسرحية كثيرة لم احبها واعتقد ان من حقي الآن ان يقدم لي عمل مسرحي كبير، لذا ادين هيئة المسرح لانها لا تلتفت الى فنانة مسرحية مثلي، خصوصاً ان على رأسها هاني مطاوع، وأنها تقدم حالياً مسرحيات متميزة من الادب العالمي مثل "هاملت" التي يخرجها بنفسه. لكن المشكلة أن هناك خللاً في المعايير حالياً، فقد بذلت قصارى جهدي من أجل عمل مسرحية منذ ثلاث سنوات لكنني فشلت. وكيف ترين واقع المسرح المصري حالياً ومشكلاته؟ - الواقع المسرحي جزء من الواقع ككل ويتشابه معه، فالمؤسسات لدينا ليست في افضل حالاتها. هناك حال من التردي منعكسة في كل شيء، المسرح يشهد أزمة وخللاً والمؤسسة الفنية للمسرح تفتقد خططاً صحيحة، خصوصاً مع إبعاد عدد من المسرحيين الكبار، وأنا من بينهم. مشكلة المسرح ليست في النصوص فهي موجودة إذ يمكن تقديم نصوص من الادب العالمي أو العربي، وليست في الممثلين فهم موجودون ايضاً ولا توجد مشكلة في الجمهور ايضاً فهو سيعود الى طريق المسرح مرة اخرى إذا وجد اعمالاً عظيمة، فالجمهور الآن أنضج، يذهب لمشاهدة الاعمال الجيدة ويميز الزائف من الاصيل، لكن ازمة المسرح الحقيقية تكمن في افتقاده لخطط صحيحة كما قلت من قبل. تشاركين في كثير من الفاعليات السياسية والشعبية، ألم يكن لذلك تأثير في عملك في الفن؟ - التعاطي مع هذه الفاعليات من ضروراتي كانسانة بعيداً عن دوري ومسؤوليتي كفنانة، لكنني مع ذلك لم اترك عملي ولم يكن ذلك على حسابه وإذا كان بامكاني المشاركة في هذه الاحداث والفاعليات من خلال الفن فبالتأكيد ستكون الاولوية المطلقة، لذلك فدوري في الحياة اولاً كفنانة ثم كانسانة هو مشاركة الناس همومهم، وبالنسبة الى العملين اللذين شاركت فيهما العام الماضي فقد حصلا على الجائزتين الذهبية والفضية في مهرجان الاذاعة والتلفزيون. وماذا تمثل الجوائز بالنسبة إليك؟ - حصلت على العديد من الجوائز ابرزها وسام العلوم والفنون من الفئة الاولى الذي حصلت عليه في بداية عام 1967 بعد أربع سنوات فقط من عملي في الفن، كما حصلت على لقب احسن ممثلة في العالم العربي في مهرجان بغداد المسرحي في اواخر الثمانينات وجائزة عن دوري في الفيلم التلفزيوني "علامات ابريل" في مهرجان التلفزيون عام 2001، اضافة الى جوائز من جمعية الفيلم وكثير من الجوائز التي اشعر معها بالفرح والسعادة الشديدة كونها تعد تقديراً لي ولعطائي الفني.