الجمعية العمومية لجمعية الإعاقة السمعية بمنطقة جازان تعقد اجتماعها العادي الأول    "منصة "قوى" تعزز توظيف القوى العاملة في السعودية    «جودة الحياة»: زيادة جاذبية المدن السعودية للعيش والاستثمار    أكد أن كثيرين يتابعون الفرص بالمنطقة… ترامب لقادة الخليج: دول التعاون مزدهرة.. ومحل إعجاب العالم    بصمة على علبة سجائر تحل لغز جريمة قتل    تأمين ضد سرقة الشطائر في اسكتلندا    ولي العهد يهنئ ألبانيزي بتنصيبه رئيسًا لوزراء أستراليا    أسرار رونالدو!!    برشلونة في مهمة حسم اللقب أمام الجار    ولي العهد وولي عهد أبوظبي يستعرضان العلاقات الثنائية    انطلاق "هاكاثون الابتكار الصحي الرقمي الأول"    أسرتا إسماعيل وكتوعة تستقبلان المعزين في يوسف    أفراح الزواوي والتونسي بعقد قران عبدالرحمن    كفيف.. فني تصليح أجهزة كهربائية    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    "بينالي الفنون" يدعم صناعة الأفلام التناظرية    الملا يكرم العنود وحصة والصحفي في "رواية وفيلم"    الأغذية المعالجة بوابة للإصابة بالشلل الرعاش    «الغذاء والدواء»: ضبط 1621 منشأة مخالفة خلال شهر    الإسناد المجتمعي ومعادلة التنمية    عظيم الشرق الذي لا ينام    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    في الشباك    كوستا الاتفاق يخضع للجراحة    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم الحج    10 مسارات إثرائية دعوية في المسجد النبوي    السعودية وأميركا.. خارج إطار النفط    نباتات عطرية    تدخل نادر ينقذ مريضة من استئصال الكبد    أدبي المنطقة الشرقية يُكرّم الأمير عبدالعزيز بن سلمان والسفير المعلمي بجائزة «الموقف الأدبي»    فعالية «تراثنا» تبرز الهوية الثقافية للمدينة المنورة    لجنة الاستئناف قبل"استئناف"نادي الوحدة وتعيد قضية احتجاجه ضد النصر إلى لجنة الانضباط    «الرئاسي الليبي» يدعو للتحلي بالوعي والصبر    لا حج إلا بتصريح    الفلسطينيون يحيون الذكرى ال77 للنكبة: لن نرحل.. لا للتهجير والتوطين والوطن البديل    واشنطن تعاقب شركات تنقل نفطاً إيرانياً إلى الصين    «فهارس المخطوطات الأصلية في مدينة حائل»    تعليق الحياة ليوم واحد    أمير الشرقية يرعى حفل تخريج 4966 طالباً وطالبة في جامعة حفر الباطن    77% نموا بمطالبات التأمين    القبض على (4) مقيمين لارتكابهم عمليات نصب واحتيال بإيهام ضحاياهم بذبح الهدي عنهم مقابل مبلغ مالي    94% زيادة سياحة الأعمال بالأحساء    مطار المدينة يستقبل أولى رحلات الحجاج النيجيريين    الشورى يطالب بتفعيل الأطر التشريعية للمحتوى التعليمي الإلكتروني    صحف وقنوات عالمية تبرز مخرجات القمة السعودية الأمريكية    برامج توعوية وإرشادية    الوساطة السعودية تنتصر لسوريا برفع العقوبات    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    عماد التقدم    ختام ناجح للبطولة العربية للجولف للناشئين والسيدات في القاهرة    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    أمانة القصيم تكثّف أعمالها لتحسين جودة الطرق ورفع كفاءة البنية التحتية في مدينة بريدة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    جامعة أم القُرى تكرِّم 27 فائزًا بجائزة جامعة أمِّ القُرى للتَّميُّز لعام 1446ه    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    أمير الشرقية يطلع على إنجازات وزارة الموارد في المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رداً على عبدالإله بلقزيز . سجالات الإسلام - العروبة سوء فهم يمكن تفاديه
نشر في الحياة يوم 25 - 01 - 2003

كتب عبدالإله بلقزيز في "الحياة" 15/1/2003 مقالاً عن موقف الاحيائية الاسلامية المعاصرة من "الفكرة العروبية"، مفنداً دعاوى عن جاهلية الفكرة العروبية و"برانيتها". وأنهى مقاله بفقرة كنت اتمنى أن يعمل بها، ولو عمل بها ما نشر مقاله في هذا التوقيت او لضمّنه كتاباً له بدلاً من إثارة الجدل من جديد عن العلاقة بين الاسلام والعروبة.
والمفارقات ان الحزب العروبي الحاكم في العراق البعث لم يجد سوى اللجوء الى الحصن الاسلامي من بعد أن خذله العرب الرسميون على الأقل.
وفي المقال الفقرة التالية التي اتفق معها تماماً "والأهم من ذلك انها تنسى انها تنتصر على نفسها، بل قل تهزم نفسها، في المكان الاخير، اذ من يجادل اليوم في أن الاسلام لن يتخزى من هزيمة العروبة اذ هما سواء عند خصومهما؟!".
وكان من المفترض في الكاتب الذي عاش في المغرب العربي ونشأ فيه وما زال، أن يدرك أن تخومه وعشيرته لم يفرقوا ابداً بين العروبة والاسلام، فكان الدفاع عن عروبة المغرب العربي هو عين الدفاع عن الانتماء الاسلامي، وكان قادة التحرر الوطني في كل بلاد المغرب العربي اسلاميين - بالمعنى الاحيائي الذي يقصده الكاتب - عروبيين حتى النخاع - بالمعنى الذي يقصده الكاتب ايضاً، فارتبط الاسلام عندهم بالعروبة ارتباطاً مصيرياً ولم ينفصما ابداً.
كان الانفصام النكد بين العروبة - الجديدة - والاسلام مشرقياً للأسف الشديد، ومر بمراحل كثيرة اختلطت فيها الفكرة العروبية مع الفكرة القومية مع النزعة العلمانية ومع العقيدة الماركسية، حتى تشابهت الامور والمسائل واحتار الناس في تحديد معنى العروبة ومعنى القومية.
من حيث المنهج اختار الاخ بلقزيز العمومية والاطلاق، فلم يحدد أي الاتجاهات الاسلامية يقصد او الحركات الاسلامية يعني بقوله "الاحيائية الاسلامية المعاصرة"، وإن كان حدد بداية الاطار الزمني بقوله "منذ الربع الثاني من القرن العشرين"، وهو هنا يشير ضمنياً الى بداية حركة الاخوان المسلمين في مصر والعالم العربي التي اسسها الشهيد حسن البنا العام 1928 في الاسماعيلية ثم انتقلت الى ارجاء العالم العربي ثم الاسلامي ثم الغرب نفسه.
أخذ عبدالاله بلقزيز على الخطاب الاسلامي الاحيائي مواقفه السلبية تجاه العروبة والفكرة القومية العربية، وعندما بحث عن جملة الاسباب الفكرية التي تأسس عليها ذلك الموقف وجد طائفة من الاسباب المتداخلة وقال: "يمكن ردها الى سببين رئيسين: جاهلية الفكرة العروبية القائمة على عصبية الدم والجنس التي مجّها الاسلام وانقلب عليها، ثم ارتباط الفكرة القومية العربية المعاصرة بأقليات ليست تدين بالاسلام، وتلازم معناها مع العلمنة كانفصال للزمني عن الديني، السياسي عن الاسلامي".
دعني اوضح موقف حركة الاخوان المسلمين من القضية المطروحة، وهي تمثل التيار الوسطي المعتدل والذي يتعاون الآن ضمن تيارات اسلامية اخرى مع التيار القومي العروبي المعتدل أيضاً في اطار "المؤتمر القومي الاسلامي" الذي اتشرف ان اكون احد مؤسسيه. فرّق حسن البنا منذ فجر الدعوة وقبل ازدياد المد القومي وقبل ان يحكم البعثيون في البلاد العربية المشرقية أو عبدالناصر في مصر، بين قومية المجد وقومية الامة بالمعنى الاجتماعي الذي يظن عبدالاله بلقزيز انه اختراع غربي فقط، اي الانتماء الى امة واحدة وحبّذ المعنيين بقوله في رسالة دعوتنا. "كل هذا وأشباهه في معنى القومية جميل معجب لا يأباه الاسلام، وهو مقياسنا، بل ينفسح صدرنا له ونحفي عليه".
اي انه قاس على الاسلام ورجع اليه حيث يمكن الرد على من يدعي ان الاسلام يرفض في الاصل هذه المعاني في القومية، وبناء عليه فإن الاخوان لا يكتفون بعدم الاعتراض على المبدأ بل يقبلونه، بل يحضون على ما يلتزمه من عمل وجهد.
ورفض البنا في معنى القومية، قومية الجاهلية وقومية العدوان، واعتبر ذلك احياءً لعادات جاهلية كانت الدعوة آنذاك في مصر للفرعونية وفي الشام للفينيقية فدعا البعض الى العربية واعتبر ذلك تحللاً من عقدة الاسلام ورباطه بدعوى القومية، واشار الى الدولة تركيا التي غالت في تحطيم مظاهر الاسلام والعروبة لاحظ دفاعه عن العروبة وربطها بالإسلام مدافعاً عن العرب والعروبة مبيناً خواص وميزات العرب الخلقية والاجتماعية، داعياً العرب ألا يتخذوا ذلك ذريعة الى العدوان، بل كما قال: "عليها ان تتخذ ذلك وسيلة الى تحقيق المهمة... تلك هي النهوض بالانسانية".
وأوضح البنا ذلك بكل جلاء في رسالة المؤتمر الخامس بعد عشر سنوات من بداية الدعوة، وحينها كانت الفكرة العربية تتجه الى البلورة اكثر واكثر فيقول في خطابه الجامع لمندوبي الاخوان الالفين القادمين من كل شُعب الدعوة من قرى ونجوع مصر:
"إن هذا الاسلام الحنيف نشأ عربياً ووصل الى الأمم عن طريق العرب، وجاء كتابه الكريم بلسان عربي مبين، وتوحدت الأمم باسمه على هذا اللسان يوم كان المسلمون مسلمين. وقد جاء في الاثر: اذا ذل العرب ذل الاسلام، وقد تحقق هذا المعنى حين دال سلطان العرب السياسي وانتقل الامر من ايديهم الى غيرهم من الاعاجم والديلم ومن اليهم، فالعرب هم عصبة الاسلام وحراسه، واحب هنا أن انبه الى أن الاخوان المسلمين يعتبرون العروبة، كما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم في ما يرويه ابن كثير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه "ألا أن العربية اللسان ألا أن العربية اللسان"، ومن هنا كانت وحدة العرب امراً لا بد منه لإعادة مجد الاسلام واقامة دولته واعزاز سلطانه. ومن هنا وجب على كل مسلم أن يعمل لإحياء الوحدة العربية وتأييدها ومناصرتها وهذا هو موقف الاخوان المسلمين من الوحدة العربية". رسالة المؤتمر الخامس التي صدرت العام 1938م 1357ه.
وكان ذلك هو الموقف الفعلي الذي اتخذه الامام البنا من تأسيس جامعة الدول العربية العام 1945 فكان له اسهام وافر في النصح والبيان والكتابة الى الملوك والرؤساء المجتمعين في مصر، ولعل المرحوم عبدالرحمن عزام باشا اول امين عام للجامعة اقتبس من خطاب الامام البنا الكثير من الفقرات ليضمنها ميثاق الجامعة الصادر آنذاك، كما اشار الى ذلك الصديق والاخ الدكتور ابراهيم البيومي غانم في دراسته للماجستير عن الفكر السياسي عند الامام الشهيد حسن البنا.
نعم حدث فصام نكد بعد ذلك بين القومين العرب والناصريين والبعثيين وبين الاخوان المسلمين، وتعرض الاخوان كحركة والفكرة الاسلامية الشاملة كمنهج للدعوة الى محن متتالية وكان للقوميين فيها نصيب السبق بعد ان تعاون الاخوان مع الضباط الاحرار في الانقلاب العام 1952 فكانت السجون والمعتقلات وعلق العشرات على أعواد المشانق في مصر وغيرها. وتعرضت الفكرة الاسلامية خصوصاً في بلاد المشرق، سورية ولبنان والعراق، لهجوم شديد من بعض ثوابت العقيدة نفسها، مما دفع الكثير للرد على هذه الترهات والدفاع عن الاسلام، فكان الهجوم على القومية ودعاة العروبة او بالأحرى مدعيها الذين خلقوا تناقضاً بين الاسلام وبين العروبة وألبسوها ثياباً مستورة من الافكار العلمانية او تلك الماركسية.
نحن باختصار شديد نرفض القومية التي تقوم على اساس العنصر والجنس لأن الاسلام دين انساني عالمي، ونرفض القومية بمعنى يناقض العقيدة او الاسلام بمفاهيم ماركسية او تغال في العلمانية، ولنا في تجربة تركيا الاتاتوركية خير مثال.
ونحن نقبل القومية التي لا تنفي رباط العقيدة بل تعتمد وتتركز عليه، فنوسع معنى القومية ونحصنها بأن الناس أكفاء متساوون يتفاضلون بالعمل، ولا ننفي خصائص الاقوام، خصوصاً العرب الذين لهم من الفضائل أوفر النصيب، ونرفض من يريد الفصل بين الاسلام وبين العروبة. ولقد دافع الاخوان عن عروبة مصر يوم ان ادعى طه حسين وسلامة موسى أن العرب غزوا مصر وحاولا مع آخرين ربط مصر بحوض المتوسط وفصلها عن عالمها العربي. ونحن نعمل من أجل الوحدة العربية مؤمنين بأن العوامل التي تؤدي اليها متعددة ومنها الوحدة الجغرافية والوحدة الروحية والوحدة اللغوية والوحدة الفكرية الثقافية والاجتماعية ووحدة الآمال والآلام ثم وحدة المصالح العملية المشتركة. يقول البنا: "هذه الروابط جميعاً تربط العرب ومن ثم فإن الوحدة او الجامعة العربية هي الطريق الطبيعي لنهضة العرب"، راجع مجلة "الاخوان المسلمين" الأعوام 43، 44، 1945.
* نائب سابق في البرلمان المصري عن "الاخوان المسلمين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.