سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجيش يصعد عملياته في دير البلح ويعتقل ناشطا في "الجهاد" ويدمر مقرا ل"فتح" وورشتين . السلطة الفلسطينية تؤكد ان "معركة غزة بدأت" وتطالب "اللجنة الرباعية" بوقف "جرائم اسرائيل"
صعّد الجيش الاسرائيلي من عملياته العسكرية في قطاع غزة حيث توغل في دير البلح وبيت لاهيا واعتقل عددا من الفلسطينيين ودمر مقرا لحركة "فتح" وطوق مقرا للشرطة والاستخبارات وهاجم مبنى للشرطة، في ما اعتبرت السلطة الفلسطينية "معركة غزة بدأت"، داعية "اللجنة الرباعية" والمؤسسات الدولية والشعبية الى "العمل فورا" لوقف "جرائم" اسرائيل. انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح أمس من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، مخلفة وراءها الكثير من الدمار والشواهد على "جرائم الحرب" التي ترتكبها يوميا في حق الفلسطينيين وممتلكاتهم. وفي أعقاب انسحاب الآليات العسكرية الإسرائيلية تبين أن جنود الاحتلال اعتقلوا أحد ناشطي حركة "الجهاد الإسلامي" المحامي ماهر خضر بشير وأشقاءه الثلاثة محمد وناصر وفايز، ودمروا عددا من المباني وألحقوا أضرارا جسيمة بأخرى. وكانت 80 دبابة وآلية عسكرية إسرائيلية تساندها طائرة مروحية من نوع "أباتشي" الاميركية الصنع اجتاحت النصف الجنوبي من مدينة دير البلح قبل منتصف ليل الجمعة - السبت بربع ساعة في وقت كان الناس فيه نيام. وتحت وابل كثيف من النار، تقدمت الدبابات والآليات القادمة من مستوطنة "كفار داروم" الجاثمة فوق أراضي شرق المدينة من ثلاثة محاور، وطوقت الجزء الجنوبي من المدينة وتوغلت فيه عبر ثلاثة شوارع رئيسة. لكن لم تقع إصابات في صفوف الفلسطينيين أثناء التوغل، اذ لم يواجه الجنود أي مقاومة تذكر في مدينة يصفها الفلسطينيون بأنها مدينة السلام الهادئة الوادعة. واستولت قوات الاحتلال على مقر الشرطة الرئيسي وسط المدينة على الخط الفاصل بين جنوبها وشمالها، وتمركزت في مبان أخرى للأجهزة الأمنية. ونسفت بالمتفجرات مقر حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس ياسر عرفات بعد ان استولت على وثائق ومستندات فيها. كما دمرت مقر الدفاع المدني المطافئ، ومدرسة مهنية تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية وألحقت أضرارا جسيمة بعدد من المنازل والمحال التجارية في الشارع التجاري الرئيس في المدينة. وقال شهود ل"الحياة" إن قوات الاحتلال نسفت بالمتفجرات ورشتين صناعيتين صغيرتين تقعان أسفل احد المباني في المدينة، تستخدم واحدة لخراطة قطع بديلة محلية لمحركات تستخدم في استخراج المياه من الآبار الجوفية، وأخرى لصناعة نوافذ المنازل من الألمونيوم، وذلك بحجة تصنيع مواد قتالية وقذائف صواريخ "القسام". واعتقلت قوات الاحتلال مالك المبنى الذي تقع أسفله الورشتان وهو صابر أبو ربيع، ومواطن آخر يدعى جبر أبو مصبح، قبل ان تنسحب من المدينة بعد نحو ثلاث ساعات على اجتياحها في عملية وصفها الجيش بانها "توغل محدود". من جهة ثانية، توغلت 20 دبابة وآلية في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة عند الواحدة فجر امس تحت وابل كثيف من اطلاق النار وقذائف المدفعية. وقصفت قوات الاحتلال مبنى قيد الإنشاء يقع إلى الشمال من منتجع الواحة السياحي الذي شهد لقاءات ومفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في السنوات الماضية. كما جرفت الجرافات مساحات من الأراضي الزراعية وجزءا من سور المنتجع، ودمرت ثلاث عربات تعود ملكيتها لمزارعين، وأتلفت أدوات ومعدات زراعية قبل أن تنسحب من المنطقة بعد 5 ساعات على التوغل فيها. وجاءت عمليتا التوغل في دير البلح وبيت لاهيا بعد اقل من 48 ساعة على شن مقاتلين فلسطينيين هجومين على قوات الاحتلال أسفرا عن مقتل ضابط وجندي. وكان الجندي قتل في هجوم استهدف دبابة إسرائيلية من نوع "ميركافاه" تعتبر الأكثر تطورا وتصفيحا في العالم، اذ زرع مقاتلون من لجان المقاومة الشعبية عبوة ناسفة تحتها، ما أسفر عن تدميرها تماما. ووقع الهجوم شرق مخيم المغازي للاجئين القريب من مدينة دير البلح التي يعتقد الإسرائيليون أن المقاتلبن فروا إليها. أما الهجوم الثاني فوقع بعد الأول في بلدة بيت لاهيا حيث قتل قناص من "كتائب الأقصى" ضابطا. ويعتقد الفلسطينيون أن رئيس الحكومة الإسرائيلية آرييل شارون ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال المتطرف موشيه يعلون يهدفان إلى إفشال تفاهمات "غزة - بيت لحم أولا" التي تم التوصل إليها أخيرا في لقاء جمع وزير الجيش بنيامين بن اليعيزر ووزير الداخلية الفلسطيني عبر الرازق اليحيى. ورأى محللون ومراقبون فلسطينيون أن الجنرالين الحالي يعلون والسابق شارون مصممان على إفشال كل محاولة لإعادة الهدوء أو التوصل إلى اتفاقات وتفاهمات وتنفيذها على ارض الواقع، الأمر الذي ثبت من خلال سلسلة المجازر وعمليات القتل والاغتيال والاجتياح التي نفذها جيش الاحتلال في أعقاب التوصل إلى التفاهمات المذكورة. إلى ذلك، واصلت قوات الاحتلال تقسيم قطاع غزة إلى قسمين لليوم الثالث على التوالي،اذ أغلقت حاجزي أبو هولي والحكر العسكريين الواقعين جنوب دير البلح أمام حركة تنقل الفلسطينيين في أعقاب الهجومين. وعزلت قوات الاحتلال بذلك أكثر من 300 ألف نسمة هم سكان محافظتي رفح وخان يونس عن باقي مناطق القطاع والعالم ومنعت تنقل المدرسين والأطباء والتجار والطلاب عبر طريق صلاح الدين الرئيسة والوحيدة التي تربط شمال القطاع بجنوبه، والتي يقع عليها الحاجزان المذكوران. ادانة فلسطينية وردا على التصعيد الاسرائيلي، أعلن نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني امس ان الهجوم على قطاع غزة هو بداية هجوم تدريجي واقتحامات يومية بشكل مبرمج على القطاع. واضاف: "هذه الاعتداءات المبرمجة الاسرائيلية ضد القطاع توحي بان معركة غزة بدأت"، موضحا ان الحكومة الاسرائيلية تتحدى المجتمع الدولي واللجنة الرباعية التي ستجتمع خلال ايام قليلة في نيويورك. وحض الجمعية العامة للامم المتحدة على فرض عقوبات قاسية على الحكومة الاسرائيلية. وقال ناطق باسم القيادة الفلسطينية ان الشعب الفلسطيني "يطالب اللجنة الرباعية وامته العربية والمؤسسات الدولية والاممية الرسمية والشعبية ... بالعمل الفوري والجاد لرفع الظلم عنه ووقف الجرائم الاسرائيلية البشعة اليومية بحقه وبحق ارضه وممتلكاته ومساكنه". واتهم البيان الجيش بممارسة "ارهاب دولة منظم باوامر واضحة للعلن من قيادته السياسية التي ضربت بعرض الحائط كل القرارات والاتفاقات الموقعة باشراف دولي للوصول الى السلام المنشود".