لم يكن من شأن اجتماع "الرباعية" في نيويورك أن خطف الأضواء من ندوة نظمها قسم الإعلام في الأممالمتحدة في كوبنهاغن فحسب، بل غيّب عنها بعض أبرز المشاركين فيها مثل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تيري رود لارسن ومبعوث الاتحاد الأوروبي إلى المنطقة ميغيل انخيل موراتينوس. ولكن الذين شاركوا في الندوة عرضوا أفكاراً مهمة تتعلق برؤيتهم لسبل انهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وتحقيق سلام شامل في المنطقة. وكان أبرز المتكلمين أمس رئيس الوزراء الأردني السابق طاهر المصري الذي أكد أهمية مشاركة أطراف أخرى لمساعدة الأطراف الاقليمية في تحقيق السلام. وقال إن مجلس الأمن والمجتمع الدولي يقبلان الآن بإقامة دولة فلسطين المستقلة وفقاً للقرارين 242 و338 و"هذا ما يريده الفلسطينيون الذين لا يقاتلون إسرائيل وإنما الاحتلال الإسرائيلي الذي يجب أن ينتهي لأنه سبب المواجهة والصراع". ورأى المصري أنه على رغم قبول الفلسطينيين بدولة على 22 في المئة من مساحة فلسطين الانتدابية، فإن الإسرائيليين لا يبدون قانعين ب78 في المئة من فلسطين، مدللاً على ذلك بزرع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة. واقترح المصري سيناريو للتقدم بناء على أفكار الرئيس الأميركي جورج بوش يقوم على وضع "الرباعية" خطة عمل لتنفيذ تلك الأفكار وفقاً لجدول زمني، وتقديم هذه الخطة إلى مؤتمر دولي ليوافق عليها في حضور "الرباعية" ومصر والسعودية والأردن والمغرب. وقال إن لا مانع من أن يكون قيام دولة فلسطين متدرجاً ما دام هدف قيام الدولة معروفاً ومحدداً سلفاً وسيتم في غضون ثلاث سنوات، وبعدها تتخذ خطوات في الأممالمتحدة والقمم العربية لانهاء الصراع. وتحدث المندوب الفلسطيني العام لدى المملكة المتحدة والفاتيكان عفيف صافية، فأعرب عن اعتقاده بأن السبيل الأمثل لتحقيق السلام هو حل مفروض، على غرار ما اقترحه الرئيس الفرنسي شارل ديغول بعد حرب 1967، خصوصاً أن ترك الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وحدهما لم يسفر عن نتائج ايجابية ولأن إسرائيل "يغريها الاستناد إلى القوة في ظل انحياز أميركا لها وضعف العرب وانقياد روسيا". وتحت عنوان "من مدريد إلى ميتشل: دروس مستخلصة"، أقر رون بونديك، وهو إسرائيلي شارك في مفاوضات أوسلو السرية، بأن خطأ اتفاقات أوسلو كان عدم تحديد الهدف النهائي من العملية دولتين متجاورتين مثلاً، لكنه قال إن ذلك لم يكن ممكناً آنذاك، وان أوسلو كسرت حواجز نفسية كثيرة. بعد الظهر تحدث وزير الإعلام والثقافة الفلسطيني ياسر عبد ربه فوصف الأحوال المزرية في الأراضي الفلسطينية وشلل الحياة هناك في ظل الاحتلال المتجدد، ورأى أن الحديث عن قيادة فلسطينية بديلة "مزيج من الابتزاز والأعذار" لتجنب حل عادل، ونادى عبد ربه بتطوير وبلورة نتائج محادثات طابا في كانون الثاني يناير 2001 باعتبارها أفضل ما استطاع الجانبان التوصل إليه. ووافقه على ذلك وزير العدل الإسرائيلي السابق يوسي بيلين الذي قال إنه يرفض املاء شروط على الفلسطينيين في ما يتعلق بقيادتهم. وكشف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اسحق رابين اعطى تعليماته لفريق أوسلو بأن يتبعوا "حرفياً" ما ورد في خطة الحكم الذاتي النابعة من كامب ديفيد الأولى. واعترف انه كان من الخطأ الركون إلى حكم ذاتي لخمس سنوات وكان يجب القفز إلى القضايا النهائية بسرعة، "لكن الفلسطينيين قالوا لنا إنهم ليسوا جاهزين". ورأى أن الحل يكمن في خطة يقترحها اناس بارزون من الجانبين ويقنعون بها القواعد الشعبية في المجتمعين، وأن تكون خطة مفصلة أهدافها النهائية واضحة.