نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    المملكة تؤكد استعدادها مساعدة الأجهزة الإيرانية    ثلاثة أهداف تتنافس على جائزة الأجمل في الجولة 32 من دوري روشن    الملك يستكمل فحوصات طبية في العيادات الملكية    وصول طلبة أكاديمية طويق إلى أرض الوطن بعد حصولهم على ميداليات ذهبية وفضية وجوائز خاصة    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    «أسمع صوت الإسعاف».. مسؤول إيراني يكشف اللحظات الأولى لحادثة «الهليكوبتر»!    هاتف HUAWEI Pura 70 Ultra.. نقلة نوعية في التصوير الفوتوغرافي بالهواتف الذكية    تنظيم مزاولة مهن تقييم أضرار المركبات بمراكز نظامية    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    تأجيل تطبيق إصدار بطاقة السائق إلى يوليو المقبل    الديوان الملكي: خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية    أمير تبوك يرأس اجتماع «خيرية الملك عبدالعزيز»    ارتفاع أسعار الفائدة يتراجع بأداء السوق العقاري بالقطيف    جائزة الصالح نور على نور    الجائزة وفرحة الفائزين والفائزات.. عاجزون عن الشكر    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    مبادرة «طريق مكة» مرتبطة بالذكاء الاصطناعي    165 ألف زائر من بريطانيا للسعودية    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    بختام الجولة ال 32 من دوري روشن.. الهلال يرفض الهزيمة.. والأهلي يضمن نخبة آسيا والسوبر    يوم حزين لهبوط شيخ أندية الأحساء    «الخواجة» نطق.. الموسم المقبل ضبابي    مدرج الأهلي أمر !    دوري روشن.. ما الذي تحقق؟    نيابة عن سمو ولي العهد.. الفضلي يرأس وفد المملكة في المنتدى العالمي للمياه    انطلاق مؤتمر «مستقبل الطيران» بالرياض    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    "إنفاذ" يُشرف على 38 مزادًا لبيع 276 من العقارات والمركبات    وحدات الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في (42) موقعاً حول المملكة    الانتخابات بين النزاهة والفساد    تحقيقات مع فيسبوك وإنستغرام بشأن الأطفال    جهود لفك طلاسم لغة الفيلة    ثقافة سعودية    كراسي تتناول القهوة    المتحف الوطني السعودي يحتفي باليوم العالمي    من يملك حقوق الملكية الفكرية ؟!    وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا    تأملاّت سياسية في المسألة الفلسطينية    الخارجية: المملكة تتابع بقلق بالغ ما تداولته وسائل الإعلام بشأن طائرة الرئيس الإيراني    عبر كوادر سعودية مؤهلة من 8 جهات حكومية.. «طريق مكة».. خدمات بتقنيات حديثة    بكاء الأطلال على باب الأسرة    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    عن "المؤتمر الدولي" و"قوّة الحماية الأممية"    تشكيل أول لجنة للتطوير العقاري ب "اتحاد الغرف"    الديوان الملكي: خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية    سقوط طائرة هليكوبتر تقل الرئيس الإيراني ووزير الخارجية    السعودية تطلق منصة فورية لإدارة حركة الإحالات الطبية    انقسام قادة إسرائيل واحتدام الحرب    «حرس الحدود» بجازان يحبط تهريب 180 كيلوغراما من نبات القات    أرامكو السعودية توقع ثلاث مذكرات تفاهم خلال زيارة وزير الطاقة الأمريكي    وزير الصحة الماليزي: نراقب عن كثب وضع جائحة كورونا في سنغافورة    الأرصاد: استمرار فرص هطول الأمطار على بعض المناطق    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ما يجري ، في بلداننا بسبب فلسطين ، مجرد امتحان لعصب العروبة ؟
نشر في الحياة يوم 21 - 04 - 2002

عندما اندلعت انتفاضة الأقصى منذ عام ونصف عام تقريباً، هبت الشعوب العربية من المحيط الى الخليج، معبرة عن غضبها. في تلك الأيام، استعاد بعض الاعلاميين تعبير المارد العربي وهم يرون الجماهير تحرق الاعلام الاميركية وتغلق بعض فروع مطاعم الكنتاكي والماكدونالد والشركات الاجنبية، وترفع مجدداً شعار مقاطعة البضائع الاميركية. كان الشعب المصري في المقدمة ومن ثم الشعوب في الخليج والشام والمغرب، وحتى بعض الدول العربية ذات الصلة الوثيقة بأميركا خرجت جماهيرها تستنكر السياسة الاميركية حيال المنطقة. إلا ان الانتفاضة دخلت في دورة الاخبار اليومية الروتينية بكامل قوافل شهدائها وعملياتها الاستشهادية وخسائر بنيتها التحتية الفادحة، وأرقام التبرعات والمساعدات والتصاريح العربية الرسمية والتظاهرات الشعبية الخ. وسرعان ما أعاد الإعلام العربي المارد العربي الى قمقمه.
لكن، ومنذ بدء الاجتياح الاسرائيلي الأخير، تجددت التظاهرات الشعبية بفورة أعظم، غير قابلة حتى بعد مضي اكثر من اسبوعين للانكفاء. وبدا ان المارد العربي ليس لعبة يلهو بها الاعلام وانما حقيقة لها محاذيرها الجمة، خصوصاً ان شارون بعملياته الأخيرة كان عازماً على القضاء على المقاومة الفلسطينية، ما تؤكده صور الآلة العسكرية الاسرائيلية الجبارة، وبكامل أسلحتها المتطورة التي لم توفر في مجازرها الوحشية المدنيين الفلسطينيين، وصولاً الى الاعدامات ومنع المساعدات الطبية عن الجرحى وهدم المخيمات، مما أثار استهجان العالم المتحضر الذي لم يعد يعنيه ما يحل بالعرب بعد احداث 11 ايلول سبتمبر حتى رأى بوضوح عمليات ابادة جماعية بالصوت والصورة ينقلها مراسلوه.
وهكذا تمكنت الانتفاضة أخيراً بضحاياها من الاطفال والنساء من جذب أنظار العالم سواء على مستوى الحكومات الخجولة أو الرأي العام، وحصد الفلسطينيون تعاطفاً انسانياً عاماً معقولاً، لكنهم لم يحققوا شيئاً يذكر على صعيد القرار السياسي الدولي. بل على العكس، اذ سمعنا تصريحات اميركية تصف شارون بأنه رجل سلام، وهو كلام متعمد ومقحم يبدو في منتهى السخرية ازاء مشاهد القتل والموت نزفاً حتى الموت. ففي الوقت الذي كانت فيه أية دعوى لتبرئة شارون مرفوضة، كان الكذب الاميركي يريد فرضه كرجل سلام.
التصريحات الاميركية الصادرة عن بوش وباول وتشيني وكوندوليزا رايس والمتكلمين باسم الادارة الاميركية، كانت من طرف آخر رد فعل حانق على التظاهرات الغاضبة التي عمت الشوارع العربية دون استثناء، وهي الجماهير التي لا تقيم أميركا لها وزناً. ومع هذا اخذت أميركا على عاتقها المهمة التي تخاذلت عنها الحكومات العربية فوضعت هي بالذات أمام الشعوب العربية الغاضبة الحقائق الجديدة، ومعها وجهت رسالة واضحة الى الحكام العرب تتهمهم بغض الطرف عن شغب الشوارع، إن لم يكونوا بدافع الدهاء الخبيث مَن يقفون وراءه.
ويروق للاميركان ان يروا الأمور كما يريدون أو يرغبون، فيتناسون مثلاً ان هذه التظاهرات باتت في السنوات الأخيرة أمراً معتاداً في الشارع العربي، لدى أي تلويح أميركي باستعمال القوة العسكرية في المنطقة العربية، وهو غالباً ما يكون الهدف منه ابتزاز الحكومات العربية.
وقد لا يحق لنا استغراب وقاحة الأفكار الاميركية ونحن العارفون، "كشعوب"، ان حكوماتنا هي التي عودت الآخرين على اسقاط "الشعوب" من حساباتها. اذ للحكومات العربية تاريخ طويل لا يستهان به في هذا المضمار. فبعد الاستقلالات التي لعبت فيها الجماهير دوراً كبيراً، والانقلابات التي لعبت فيها دوراً مؤيداً، اصبحت الجماهير أداة هامشية لكن ذات قوة استعمالية فعالة. فحسب ما تفيدنا به التغيرات العربية الحديثة، دائماً كانت هناك قوى وفئات متربصة على أطراف الساحة السياسية، ما ان يشتعل فتيل الغضب الجماهيري حتى تمتطي تلك الموجات وتقودها نحو أهداف واحلام مبيتة، تجلت غالباً في الانقلابات بأنواعها، وكانت قضية فلسطين مبررها الأكثر شعبية.
واليوم، بعد ان أُلحقت القوى السياسية بالحكومات، وتلاشت الاحلام بفعل الواقعية السياسية، يبدو الغليان الشعبي المنتظر منه ان يؤثي ثماره على الصعيد السياسي الدولي، غلياناً يتيماً، اذ لا يوجد من له مصلحة بامتطائه، سوى بعض الحكومات والانظمة القائمة التي تحاول الاستفادة منه لتخفيف الضغط الخارجي الواقع عليها.
فكيف سيقتنع العالم بأن للشعوب العربية ارادة حقيقية وخالصة، بينما يحلل عتاة المراقبين والاعلاميين الرفض العربي للمجازر بأنه امتحان لعصب العروبة، وما اذا كان لا زال حياً أم لا، وكأن هؤلاء القوميين الذين صمّوا آذان الأجيال العربية بدعاواهم الوحدوية والتضامنية قد نعوا في دخيلتهم العروبة منذ زمن طويل. اذ أليس غريباً ان يطالعنا بعض المثقفين المصريين بحمدهم وشكرهم بأن مصر لا زالت عربية، وكأن عروبة مصر مشكوك بها، وأنها لم تخض معركة التطبيع بكفاءة وقوة. فهل المطلوب ان يشعر المواطن العربي بمزيد من الذل والقهر ليتأكد هؤلاء الأشاوس من ان العروبة لا زالت حية. وأنها، وهو الخارق فعلاً، ما زالت تعيش في ضمير شعب تبخرت أحلامه؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.