هدد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال شاؤول موفاز ضباط الاحتياط ال52 الذين أعلنوا الأسبوع الماضي رفضهم الخدمة العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة احتجاجاً على ممارسات الاحتلال القمعية ازاء الفلسطينيين، وقال انه سيعاقبهم ويجردهم من رتبهم العسكرية "من دون التنازل عن حقنا في الزامهم الامتثال لأوامر التجنيد". واعتبر في حديث للإذاعة العبرية أمس رسالة الضباط الاحتجاجية "خطيرة جداً تتطلب تدخل أقطاب الدولة، ولا مكان لها في جيش في دولة ديموقراطية تعيش حال حرب". وألمح موفاز إلى إمكان أن تكون وراء الرسالة "حملة سياسية على خلفية ايديولوجية"، مشيرا الى تشكيل طاقم خاص لدرس هذا الاحتمال و"إذا تبين ان هذه هي الحقيقة، فإن الحديث ليس عن رفض خدمة، إنما عصيان خطير سنعرف كيف نعالجه". ورد الناطق بلسان مجموعة ال52 على هذا التلميح بالتأكيد أن الخلفية ليست سياسية البتة إنما أخلاقية، وان المبادرة لاطلاق الرسالة كانت شخصية. وزاد ان حديث موفاز يهدف الى الاساءة الى الموقعين على الرسالة وتشويه سمعتهم، كما أنه "يندرج في إطار سياسة الجيش اخراس صوت ضباط الاحتياط". وكان موفاز نفى عن جنود الاحتلال ممارساتهم اللاأخلاقية التي تحدثت عنها رسالة ضباط الاحتياط على رغم ما شاهده ملايين الإسرائيليين من سلوك الجيش على شاشة التلفزيون الرسمي. وقال ان التصرف الأخلاقي والقيمي لجنوده قل نظيره في سائر جيوش العالم، مضيفاً ان القادة الميدانيين لم يصدروا ذات مرة أوامر لجنودهم يمكن اعتبارها غير قانونية. ورد رئيس جهاز الأمن العام شاباك السابق عامي ايالون على موفاز بالاعراب عن قلقه من انخفاض عدد الحالات التي يرفض فيها الجنود تنفيذ أوامر غير قانونية يتلقونها من قادتهم. وزاد انه لا يؤيد ظاهرة رفض الخدمة "لكنني على معرفة بحالات كثيرة أعطيت فيها أوامر غير قانونية مقابل حالات قليلة رفض المأمورون تنفيذها". ونقلت صحيفة "معاريف" عن ايالون قوله على مسامع وزير الخارجية شمعون بيريز إنه قرأ في أحدى الصحف ان موفاز طلب من جنود التقاهم أن يحضروا له سبع جثث فلسطينية يومياً "لكن للأسف فإن وسائل الإعلام لم تعر اهتماماً لهذا الطلب، وبعد أيام معدودة اطلق جنودنا النار على حاجز وقتلوا خمسة من أفراد الشرطة الفلسطينية من دون مبرر... نعم لأن هذا ما طالب به القائد". إلى ذلك، أشار استطلاع جديد للرأي أن 31 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون رسالة ضباط الاحتياط الذين كرروا نشرها أمس لتشمل أكثر من مئة ضابط برتب مختلفة، وأكدوا موقفهم الرافض مواصلة الاحتلال والتهجير والتجويع وإهانة شعب بأكمله. ودعت الرسالة الضباط المؤيدين لهذا الموقف الانضمام إلى الموقعين، طامحين الوصول إلى 500 رافض. وفي مقابل احتجاج الضباط ال 52، بدأت مجموعات في صفوف احتياط الجيش بتنظيم نفسها للرد على الممتنعين. ونشأت في 29 كانون الثاني يناير حركة جديدة من ضباط الاحتياط تندد بالدعوات الى عصيان الاوامر وحملت اسم "حق الخدمة". عريضة مضادة ونقلت وكالة "فرانس برس" عن نير ابودارام، احد الضباط المؤسسين لحركة "حق الخدمة"، قوله لصحيفة "يديعوت احرونوت" ان الحركة ترفض الدعوات الى عصيان الاوامر وتعتبرها بمثابة "اساءة لقدرة الامة على المقاومة في زمن الحرب"، وقدم نفسه على انه يمثل "الغالبية الصامتة" داخل الجيش. وذكرت صحيفة "معاريف" ان 200 ضابط آخر في الاحتياط رفعوا أخيراً عريضة الى وزارة الدفاع الاسرائيلية لتمييز انفسهم عن الضباط الذي دعوا الى رفض الخدمة. وجاء في نص العريضة: "اننا نؤكد بصفتنا مقاتلين ومواطنين ان من حقنا تنفيذ اوامر ضباطنا طالما هي شرعية وان من حقنا ايضاً توفير الامن لاشقائنا المستوطنين في الضفة الغربيةوغزة حيثما وجدوا ولو واجهتنا خلافات سياسية". كذلك تستعد مجموعة تضم ضباطاً ارفع رتبة في صفوف الاحتياط ايضاً، من انصار اليمين، بتنظيم نفسها ايضا لصوغ خطة مضادة تهدف الى "تفكيك" السلطة الفلسطينية والتخلص من رئيسها ياسر عرفات، وفق صحيفة "هآرتس". وكانت هذه القضية نوقشت الاربعاء الماضي داخل الكنيست حيث انتقدت غالبية النواب الذين تكلموا، من يمين ويسار، الدعوة الى عصيان الاوامر خشية اساءتها برأيهم الى امن اسرائيل عبر نقل النقاش السياسي الى داخل الجيش. لكن النائبة تامار غوزانسكي من حزب "حداش" الشيوعي قالت: "ان وجود رجال شجعان واصحاب ضمير في مجتمعنا موضع فخر لنا. ان هؤلاء الرجال يذكّروننا بأنه ليس بالامكان احيانا اطاعة الاوامر بصورة عمياء". اما نائب حزب "شاس" المتشدد 17 نائباً من اصل 120 في الكنيست نسيم زئيف فقال: "ان هذه العريضة دعوة الى التمرد والخيانة وتحمل في ذاتها خطر اشاعة الفوضى". وسارع الى الرد نائب حزب "ميريتس" معارضة يسارية، 10 نواب افشالوم فيلان الذي دان الدعوة الى عصيان الاوامر ايضاً، وقال ان "تصريحات النائب زئيف سخيفة وتدعو الى الشفقة وتصدر على خلفية رفض الخدمة في صفوف الجيش" لتكريس الوقت لدرس التوراة. وانهى الوزير من دون حقيبة داني نافيه من حزب ليكود يمين، 19 نائبا جلسة المناقشة هذه باسم الحكومة قائلاً ان "القضية ضخمت، وهي هامشية ولا تعبر عن المشاعر الحقيقية لغالبية الجنود والضباط في الجيش".