أول الكلام: من جديد الشاعر اليمني الكبير/ عبدالعزيز المقالح، الذي خصَّ به "نقطة حوار": ربما استيقظ البحر بعد قرون من النوم واكتشفت قدماه الطريق الى الماء انه ينهض الآن... أسمعه وأراه ويغمرني ضوؤه! أيها البحر: يكفيك نوماً ويكفي بلادك ما ارتشفته من اليأس ما حصدَتْ من سيول الظمأ!!
في أواخر "كانون الثاني/ يناير": كثَّفت القاهرة نسمتها الباردة التي ارعشت ضلوعنا، لتتَّحد بالضوء المنعكس على صفحة النيل... وهذه الأقدام التي كانت تركض زرافات الى "معرض الكتاب"... وصحبة ممَّن قد لا تلتقي بهم إلا مرة في السنة، وكأنَّ القاهرة حضن يضم كل هذه الأشواق مثلما يضم المعرفة والثقافة والفنون، ثم ينثرها في العقول ويرشُّها في النفوس! وكنا نركض أحياناً الى "ندوات": أبطالها المتحدثون فيها "نجوم" في الثقافة والمعرفة والفنون وحتى في السياسة، مثل ذلك اللقاء مع أمين الجامعة العربية/ الضجة: عمرو موسى، الذي أمتع المصغين اليه بحضوره القوي، وأجوبته وطروحاته من خبرته وتجربته كصاحب رؤية سياسية، بل وفكر سياسي حتى لو تعرَّض لهجوم من بعض الإعلام العربي الرسمي!!
ونحسب أن من أهم الندوات التي قدمها "معرض القاهرة للكتب": تلك الندوة التي تبنَّتها مجلة الأهرام العربي... وعبر حوار فرسانها: اندلعت مطالبتهم بهوية للثقافة العربية تقف على قاعدة: اطلاق الحرية والديموقراطية في الوطن العربي... ولا نقصد ب"القاعدة" هنا: عقدة أميركا في أفغانستان بالطبع!!! ولكن... كيف تُطلق الحرية والديموقراطية في الوطن العربي في ظل بعض الأنظمة التي تعتبر الكلمة: قنبلة، والكتاب: متفجرة، والحوار: رصاصة؟! نعم... يحتاج الناس في الوطن العربي الى ما سمُّوها في الندوة: "معرفة الذات وتطويرها"... فكيف نعيد التعرُّف على ذواتنا المتعددة، وكيف - في البدء - تنجح الأقطار العربية في تحرير قراراتها المصيرية من الوصاية الخارجية؟!!
والآن... طرح الروائي المصري/ ابراهيم عبدالمجيد في تلك الندوة سؤالاً مباشراً، من دون أن يحظى بإجابة شافية وأكثر حرية وانعتاقاً من الحسابات، فقال: - "هل المحاولات الغربية لتشويه صورة العرب... هزيمة لكل الجهود العربية في القرون الماضية"؟!! أما الهزيمة التي أشار اليها الروائي عبدالمجيد، فهي تخصُّ القرن العشرين العربي، وكأنَّ العرب في غيبوبة لم يشعروا بدخول قرن جديد، ولا بد من تغيير ما بأنفسنا، وامتلاك قدراتنا وقراراتنا! وفي أصداء هذه الندوات: ثارت إشكالية كأنها الخناقة في ادعاء الحوار الثقافي، ورأيت كاتباً عربياً يهبُّ في وجه ناشر عربي، يتهمه بسرقة عرقه وجهده واعطائه الفتات من المكاسب بعد بيع الكتاب!! وللناشر أيضاً: تُهم، ودفاع وصوت عال، يتخطى الكاتب المبدع... وكل واحد منهما أكثر احتياجاً للآخر... وهناك ناشرون - غير محترمين - حسب تسمية شارع عربي: يعيدون طباعة دواوين الكبار، وآخرون يطبعون للناجحين فقط، و... هذا هو المناخ الثقافي بعد تقويض برجي تجارة أميركا!!