نائبة رئيس جمهورية أوغندا تصل الرياض    فيلكس يواصل صدارة الهدافين    جامعة طيبة تحصل على اعتماد دولي من الجمعية الأوروبية للضيافة والسياحة    انطلاق القمة العالمية للبروبتك    100 مشروع ريادي لنهائي الكأس    تعزيز الشراكة مع إيطاليا    تقدم في مسار المصالحة الفلسطينية.. توافق على قوة حفظ سلام بغزة    سائح يعيد حجارة سرقها من موقع أثري    «إياتا» تضع قواعد جديدة لنقل بطاريات الليثيوم    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    صدارة آرسنال في اختبار بالاس.. وسيتي ضيفاً على أستون فيلا    بعثة منتخب منغوليا تصل إلى المملكة للمشاركة في بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ 2025    تنافس قوي بين كبرى الإسطبلات في ثاني أسابيع موسم سباقات الرياض    بحضور أمراء ومسؤولين.. آل الرضوان يحتفلون بزواج عبدالله    مسؤولون ورجال أعمال يواسون أسرة بقشان    غرم الله إلى الثالثة عشرة    ولي العهد يُعزي رئيس مجلس الوزراء الكويتي    بيع 90 مليون تذكرة سينما ب 5 مليارات ريال    الذكاء الاصطناعي يعيد الحياة لذاكرة السينما بمنتدى الأفلام    أمير منطقة حائل يرعى حفل افتتاح ملتقى دراية في نسخته الثانية    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    367 موظفا جديدا يوميا بالقطاع الصحي    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    غياب البيانات يعيد بريق الذهب والفرنك السويسري    النصر يتخطى الحزم بثنائية ويواصل صدارته لدوري روشن السعودي للمحترفين    انطلاق مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار».. غداً    سرقة العصر أو البلاشفة الجدد في أوروبا    إدانة سعودية عربية إسلامية لفرض ما يُسمى ب «السيادة الإسرائيلية» على الضفة الغربية    %90 من وكالات النكاح بلا ورق ولا حضور    شرطة الرياض: تم -في حينه- مباشرة واقعة اعتداء على قائد مركبة ومرافقه في أحد الأحياء    السيسي يلتقي رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    موجات مغناطيسية سر حرارة هالة الشمس    أسهم الذكاء الاصطناعي تواصل الصعود    واجهة جيزان البحرية.. مرايا الجمال وأنفاس البحر    المخرج والبوستر ثنائي ينعش مبيعات السينما السعودية    "الشؤون الإسلامية" تطلق برنامج "تحصين وأمان"    صراع الحداثة والتقليد من الأدب إلى الملاعب!    الAI يقلص العمل ليومين أسبوعيا    خطيب المسجد الحرام: لا بد أن تُربّى الأجيال على هدايات القرآن الكريم    إمام المسجد النبوي: معرفة أسماء الله الحسنى تُنير القلوب    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    "تخصصي جازان" ينجح في استئصال ورم سرطاني من عنق رحم ثلاثينية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان ينهي معاناة مراجعين مع ارتجاع المريء المزمن بعملية منظار متقدمة    تدشين توسعة خدمات «القلب» بمجمع الملك عبدالله    الرياض تستضيف الجولة الختامية من بطولة "لونجين العالمية" لقفز الحواجز    رصد مذنب «ليمون» في سماء القصيم    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الشباب وضمك في دوري روشن للمحترفين    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    "تعليم جازان": تطبيق الدوام الشتوي في جميع المدارس بدءًا من يوم غدٍ الأحد    ضبط 23 شخصا ساعدوا المخالفين    «هيئة العناية بالحرمين» : 116 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر ربيع الثاني    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي بن سعود الكبير آل سعود    دوائر لمكافحة «الهياط الفاسد»    احتفالية إعلامية مميزة لفريق "صدى جازان" وتكريم شركاء العطاء    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة الإسلامية: معالم نظرية عامة تؤكد حاجة الناس الى قيامها
نشر في الحياة يوم 05 - 09 - 2001


الكتاب: العقيدة والسياسة.
الكاتب: لؤي صافي.
الناشر: دار الفكر 2001.
ليس غريباً ان ترفض بعض الجماعات أو الأفراد فكرة الدولة الإسلامية، وليس غريباً ان يصفها البعض بالدولة "الثيوقراطية". ذلك ان الدولة لم تقم منذ عجز المسلمين عن المحافظة على دولتهم. هذا الأمر دفع بعض الكتّاب والمفكرين للبحث في موضوع الدولة الإسلامية، وكشف زيف ما يقال عنها، مركزين في بحوثهم على قضايا محورية، كالعلاقة بين العقيدة والفعل السياسي، وقضية التعددية، ومفهوم الأمة وتكوينها، ومرتكزات الشرعية السياسية وغيرها من قضايا تتعلق بهذه الدولة المنشودة التي يعرفها الأستاذ في قسم العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا لؤي صافي، بأنها البنية السلطوية للأمة التي تواجه الفعل السياسي وتحدده وفق منظومة المبادئ السياسية الإسلامية التي يوجزها بأربعة هي:
أ - اتخاذ القرار السياسي وممارسة الفعل السياسي حق عام للأمة ومسؤولية مشتركة بين المسلمين وشرعية المؤسسات السياسية، بما فيها مؤسسة الرئاسة العليا، تقوم على رضا الأمة وقبولها. وتتعلق شرعية المؤسسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، من المنظور الإسلامي، بانضباطها بضوابط الشريعة لا برغبات المسلمين الشخصية، إلا ان الحكم على تحقيق انضباط المؤسسات العامة بالشرع أو عدمه لا يمكن ان يصدر إلا عن جمهور المسلمين، وعندما يقرر المؤلف ان الأمة هي المسؤولة عن تحديد شرعية النظام او عدمه، فإنه لا يرى بحال من الأحوال انها امة معصومة عن الخطأ أو الانحراف او الضلال، بل الذي يراه ان اعتماد المؤسسة أو الفعل السياسي او رفضهما يجب ان يتم عبر الأمة، بمعنى أن الفرد أو الفئة التي تخلص الى تقرير فساد او انحراف بعض الممارسات السياسية، يجب ان تعول في تغير هذه الممارسات او تصحيحها على الحوار والإقناع لجلب جمهور الأمة الى صفها، لا على القهر والاستبداد في القرار من دون الناس.
ب - تخضع عملية اتخاذ القرارات وممارسة الأفعال السياسية لمبدأ الشورى، ويرى لؤي صافي ان الشروط التي وضعت للقيادة الشورية والمتمثلة ب"العلم والعدالة والرأي" هي شروط مهمة وليست كافية، إذ يجب توافر شرط مهم معها وهو تطابق المقاصد والمصالح والظروف العامة للنائب الشوري والجماعة السكانية او القصدية التي يمثلها. وتطابق المقاصد يعني ان النواب يجب ان يعكسوا مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية ضمن المجتمع الإسلامي، بينما يتطلب تطابق المصالح ان يتم تمثيل مختلف المناطق والقطاعات السكنية ضمن مجلس الشورى.
وتحقيق الترابط في الهموم والآراء شرط اساس لقيام تمثيل حقيقي للأمة في مجالسها الشورية، وذلك لأسباب منها: ان انفكاك القيادة الشورية عن قواعدها يعني انفكاكها عن الأمة وهمومها وتطلعاتها، ان ابتعاد القيادة الشورية من القاعدة يعني ابتعاد الفرد المسلم من القرار السياسي، ما يؤدي الى انعدام الشعور بالمسؤولية وبالتالي عدم المساهمة العملية في إنجاح القرار، وابتعاد الفرد من القيادة يؤدي الى غياب الرقابة الشعبية عن ممارسات القيادة، ويحرم الأمة من آليات التصحيح.
المرجعية السياسية
ج - المرجعية السياسية في القضايا التي تتعلق بالشؤون الداخلية او الخارجية، في حال السلم الأمن او الحرب الخوف، منوطة بقيادة الأمة اولي الأمر المتمثلة بجمهور المسلمين، والمرجعية السياسية المتمثلة بقيادات الأمة المختارة مقيدة بشرطين: تلقي جمهور الأمة القرار السياسي بالقبول، وتوافق القرار مع مقاصد الشريعة وأحكامها.
د - المرجعية القانونية في الدولة الإسلامية تعود للأحكام الشرعية المستنبطة من مصادرها، والمعتمدة لدى الهيئات العلمية الفقهية. ولا يعني اعتماد الشريعة مرجعاً قانونياً إلزام اتباع الشرائع والديانات غير الإسلامية بالأحكام الإسلامية في شؤونهم الخاصة، بل يعتمد هؤلاء شرائعهم وأحكام دينهم لتنظيم شؤونهم الخاصة، والبت في مشكلاتهم وخلافاتهم الداخلية. ولا بد من تمييز الأحكام الشرعية الثانوية في التنزيل من الأحكام الشرعية المفصلة في كتب الفقه، باعتبارها استنباطاً بشرياً لأحكام تفصيلية انطلاقاً من نصوص الوحي ومعطيات الواقع المعيشي. فالأولى أصل ثابت والثانية فرع متغير بتغير الظروف والأحوال.
ولا تقتصر البنية التشكيلية للشريعة على مقدرتها على مقاومة النزعة السلطوية المركزية التي تطبع النموذج الغربي للدولة، بل تتعلق ايضاً بالضمانات التي تمنحها للأقليات الدينية. إذ يحافظ النموذج الإسلامي على الاستقلالية التقنينية والإدارية لاتباع الديانات المغايرة، نظراً الى خروج دائرة التشريع الفقهي التعاملي من سلطة الدولة الرسمية. في حين يحرم النموذج العلماني للدولة الأقليات الدينية من استقلالها القانوني، ويصر على إخضاع كل المواطنين الى منظومة قانونية تعكس القيم العقدية والسلوكية للغالبية الحاكمة. وبالمثل يتيح النموذج الإسلامي للأقليات الدينية المشاركة في صنع القرار السياسي والانضمام الى مجلس الشورى العام، لأن قرار الشورى قرار سياسي يرتبط اساساً بمبدأ المصلحة العامة للمجتمع السياسي، وهي مصلحة مشتركة بين جميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم العقدية.
التعددية
ولما كان النظام السياسي الإسلامي مؤيداً للتعددية العقدية ومشدداً على حرية الرأي والتفكير والالتزام العقدي، وحريصاً على تساوي المواطنين في الحقوق العامة، فإنه اثبت حق المشاركة السياسية لكل المواطنين بغض النظر عن خصائصهم العرقية والجنسية والدينية، ويجب ألا يكون هذا مدعاة الى مشاحنة أو جدال من داخل المنظور الإسلامي.
فتساوي الشعوب والقبائل في الحقوق والواجبات مبدأ قرآني راسخ، اثبتته آيات الكتاب، وأكدته السنة النبوية كما مارسته الأجيال عبر تاريخ الإسلام الطويل. ويكفل النظام السياسي الإسلامي - بحسب صافي - المشاركة السياسية لغير المسلمين. ويرى المؤلف ان الأهمية الكبرى لنموذج المشاركة السياسية انه يتيح تطبيق مفهوم الرحمة العالمية الذي جعله القرآن الكريم غاية الرسالة الخاتمة، ويجعل الدولة الإسلامية دولة عالمية قادرة على اكتساب تأييد الجماعات السكانية على اختلاف اتجاهاتهم الدينية والعقدية. ومثل هذا التأييد العام شرط ضروري لتحقيق صفة العالمية لأي جهاز سلطوي. كما ان هذا النموذج يكتسب اهميته من خلال مرونته ومقدرته على التناسب مع المتغيرات الاجتماعية. وإصرار المؤلف على التساوي في حق المشاركة السياسية هو ضرورة حيوية للحيلولة دون ظهور انحرافات في القيادة السياسية نتيجة اخراج فئات خاصة من حق التنافس السياسي.
اخيراً لا بد من الإشارة الى ان المعالم النظرية العامة التي وضعها الدكتور صافي للدولة الإسلامية هي المعالم التي يجب على الإسلاميين التمسك بها والدفاع عنها من اجل بناء دولتهم المنشودة، كما ان المحافظة على هذه المعالم والأسس، كفيل بالمحافظة على هذه الدولة واستمراريتها، فهل يؤيد الإسلاميون صافي في معالم دولته ام انهم سيعلنون الحرب عليه وعليها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.