شهد "مقهى ريش"، قبل أيام، معرضاً فريداً من نوعه، ضم مجموعة من الصور النادرة لمنطقة وسط القاهرة، التي خططت وفق تخطيط هوسمان لباريس في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وصوراً حديثة للأماكن نفسها. ولاقى المعرض إقبالاً، إذ أتيح للمصريين، للمرة الأولى، مشاهدة عاصمتهم في أوقات ازدهارها، ومقارنة قديمها بالجديد. وأفادت المشرفة على المعرض الدكتورة جليلة القاضي أن الهدف منه تنشيط الوعي الثقافي بأهمية وسط البلد، كمعالم معمارية، بعد سنوات طويلة من إهماله، ويأتي في إطار مشروع متكامل يموله الاتحاد الأوروبي ويشارك فيه عدد من المؤسسات، منها مركز البحوث من أجل التنمية الفرنسي وكلية الهندسة التابعة لجامعة القاهرة وكلية الهندسة التابعة لجامعة حلب، وجامعة ليون في فرنسا. وأضافت أن هذا المشروع جمع كل الصور القديمة لمنطقة وسط القاهرة والتخطيطات المعمارية لمبانيها، وكذلك المباني المندثرة، في محاولة لاستعادة تراث فقدناه، نتيجة لإهمال السنوات الماضية. ومن أهداف المشروع أيضاً ترشيد الإدارة الذي يتمثل ببناء قاعدة بيانات متكاملة لمباني القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وسط مدينتي القاهرة وحلب، على أن تعد أداة لمتخذي القرار لمعرفة الوضع الراهن وتطوره، في مسعى إلى وقف تدهور الحال المعمارية والعمرانية لهذه الأماكن.أما أبرز المباني التي عُرضت صورها فهي: - فندق "ايدن بالاس" الذي تحول مبنى سكنياً تجارياً. وكان يتألف من 145 غرفة، وكان في أيام عزه مفضلاً لدى الاميركيين والانكليز، وقد شيد وفق الطراز الكلاسيكي، ويظهر ذلك في "بوائك" طبقته الارضية والأركان نصف الدائرية وعناصر الزخرفة. - "البناية الخديوية" التي شيدها المعماري الفرنسي الشهير لاشياك لحساب الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1911، وتقع على جانبي شارع عماد الدين. وهي عبارة عن مجمع سكني تجاري يضم دار سينما، ويتألف من أربعة أجزاء رئيسة، ومن ست طبقات. وتحيط به أربعة شوارع. والمنطقة الوسطى منه محددة أو مميزة بأربع قباب. اعتمدلاشياك في هذا المبنى طراز الباروك الجديد طبقاً لطراز مدرسة الفنون الجميلة في باريس، المنسجم مع ملامح عمارة البحر المتوسط الايطالي. - مبنى "دار الاوبرا" الذي شيد على مثال اوبرا ميلانو في عهد الخديوي اسماعيل، وشهد إحدى حفلات افتتاح قناة السويس، وقد احترق عام 1970. - مبنى يقع في شارع طلعت حرب من تصميم المهندس الفرنسي باليان، شيد عام 1934، ويتألف من تسع طبقات، ومشيد على الطراز التعبيري المتمثل بسيطرة الزخارف، وتقابلها مع الجدران الملساء لإعطاء تشكيلات من الظل والنور. وعن المعرض وأهميته يقول الاستاذ في جامعة عين شمس الدكتور حسام اسماعيل إنه يوفر فرصة ممتازة لرواد "مقهى ريش" والعابرين في شارع طلعت حرب لمشاهدة عمارة وسط القاهرة مجمعة في مكان واحد، ما يؤدي إلى تذوق هذا الفن الرفيع الذي افتقدناه في المباني الحديثة. وشدد على أهمية الحفاظ على التراث، آسفاً لتهميش المجلس الأعلى المصري للآثار دور إدارة المباني التاريخية لمصلحة الأحياء التي تخلو من متخصصين يقدرون أهمية هذا التراث وأهمية الحفاظ عليه.