حمل وزير الداخلية الفرنسي السابق النائب شارل باسكوا بحدة على القضاء الفرنسي واتهمه ب"انتهاك مبادئ الحياة الديموقراطية" وبفرض ديكتاتورية على الشخصيات العامة، وذلك رداً على القرار الذي اتخذته محكمة باريس اول من امس، بفتح تحقيق حول تورطه المحتمل في مبيعات الاسلحة غير المشروعة الى انغولا. ويأتي قرار المحكمة في اعقاب دهم، مقر المجلس الاقليمي لمنطقة هودو - سين الذي يرأسه، اضافة الى دهم منزل معاونه السابق النائب الاوروبي جان - شارل ماركياني، وفي اعقاب التحقيق مع مستشاره برنار غييه ومعاونته سابين دولا لورنسي. وكانت هذه القضية بدأت في كانون الأول ديسمبر الماضي، باعتقال تاجر الاسلحة الفرنسي بيار فالكون صاحب شركة "برنكو" التي تولت مبيعات الاسلحة غير الشرعية. واتسع نطاقها لاحقاً لتطاول جان - كريستوف ميتران نجل الرئيس الراحل فرنسوا ميتران والمستشار الرئاسي السابق جاك اتالي، ومن ثم غييه وعبره باسكوا. وبحسب المعلومات الواردة في الصحف الفرنسية فإن القضاء الفرنسي مهتم بتحويل مالي بقيمة 5،1 مليون فرنك صادر في تموز يوليو 1996 عن شركة "برنكو" لحساب منظمة "فرنسا افريقيا المشرق" التي يشغل باسكوا منصب نائب رئىسها ويتولى غييه امانتها. وجاءت الاقوال التي ادلت بها دولا لورانسي اثناء استجوابها لتعزز هذا الاهتمام، اذ افادت ان غييه طلب منها في احد الايام التوجه الى جنيف لتسلم حقيبة، قال لها انها تحتوي على وثائق ديبلوماسية، لندرك لاحقاً ان الحقيبة التي تسلمتها من شخص لا تعرفه، تمحتوي على اموال. وأشارت دولا لورانسي، ان غييه كان يتوجه مراراً الى جنيف وأيضاً الى لوكسمبورغ حيث كان يلتقي مساعد رجل اعمال عربي يهتم القضاء الفرنسي بأمره في اطار فضائح شركة "الف اكيتان". وأعربت عن اعتقادها ان غييه كان احد الذين يتولون تأمين تمويل حزب "التجمع من اجل فرنسا" الذي اسسه باسكوا بعد انشقاقه عن حزب "التجمع من اجل الجمهورية" الديغولي، وان الوزير السابق على علم بالأمر. وبذلك ضاق الطوق ول باسكوا، فأصدرت محكمة باريس قراراً بالتحقيق ضد مجهول بتهمة "الحصول على تمويل غير مشروع لحزب سياسي" هو حزب "التجمع من اجل فرنسا"، وبالتحقيق حول تمويل باسكوا لحملته في اطار الانتخابات الاوروبية سنة 1999. وانهال باسكوا الذي يعد من اشرس السياسيين الفرنسيين وربما اكثرهم دهاء، على القضاء. وأعلن خلال مؤتمر صحافي ان ما يتعرض له "ذروة لحملة ازدراء بحق الحزب الذي امثله وبحقي". وقال ان التحقيقات القضائية التي تستهدفه وحزبه "تشكل محاولة لمنع حزب سياسي من تسيير اموره، يعتبر انتهاكاً لمبادئ الحياة الديموقراطية". وأضاف باسكوا ان بعض القضاة يتصرفون على طريقة الصيادين ويسعون الى جمع اكبر عدد ممكن من الشخصيات للايقاع بها، "لكنني بانتظارهم وسأقاتل هذه الديكتاتورية" و"سأستغل الفرصة الاولى لاقتراح خطة اصلاح عميقة للقضاء". وأكد ان حسابات حزبه شديدة الوضوح، وان الحزب يمول من قبل اعضائه، وان حسابات حملته في الانتخابات الاوروبية ايضاً شديدة الوضوح وان "ليس لدي ما اخشاه من القضاة، فليكفوا عن مضايقة المقربين الي وليتعاملوا معي شخصياً". ويعد كلام باسكوا، الأول من نوعه الذي يوجه علناً الى القضاء الفرنسي، فيما تحرص الطبقة السياسية على اختلافها على عدم التدخل في نشاطه حرصاً على استقلاليته.