لا يختلف إثنان من خبراء أو عشاق كرة القدم المصرية على اختيار طارق السعيد نجم نادي الزمالك أحسن لاعب في الموسم 2000/2001، وهو الاختيار الذي عارضه أنصار الأهلي حيناً ووضعوا ابراهيم سعيد في السباق على اللقب، لكن الهروب المؤسف لإبراهيم إلى بلجيكا ثم عودته الى مصر وايقافه الطويل حسم المسألة تماماً. طارق السعيد وقع مساء أول من امس عقداً للاحتراف مع نادي اندرلخت البلجيكي في مقابل خمسة ملايين جنيه مصري، وراتباً سنوياً مقداره مليون ونصف المليون جنيه، والرقمان هما الأعلى لأي لاعب مصري في سوق الاحتراف العالمي. وينضم اللاعب الى فريقه الجديد فور نهاية مسابقة الدوري، وبذلك لن يشترك مع ناديه المصري في مباراتي رد ديفلز الزامبي في كأس كؤوس افريقيا و نهائيات كأس العالم الصيف المقبل في اسبانيا. طارق السعيد 24 عاماً جاء إلى النادي الأهلي من مدينته طنطا باحثاً عن مكان في صفوف الناشئين، ولفت الأنظار بالفعل في الاختبارات، وارتدى الفانلة الحمراء التي حلم بها طويلاً، لكن مسؤولاً لم يدرك حجم موهبة طارق السعيد ابعده من الفريق وأعاده إلى طنطا، واتجه السعيد إلى الزمالك ولقي قبولاً فورياً وصعد بسرعة حتى وصل إلى الفريق الأول وعمره 18 عاماً. وهولاعب رشيق وسريع واعسر والهداف الأول للدوري المصري حالياً برصيد 14 هدفاً، ويتقدم بفارق 4 أهداف عن أقرب منافسيه وهو ما يضمن له اللقب باكراً، وفي حال فوزه سيكون أول لاعب وسط يحرز هذا اللقب منذ زمن بعيد احتكره خلاله المهاجمون. والسعيد هو الهداف الأول للموسم الحالي ايضاً لأنه سجل ثلاثة أهداف مع الزمالك في كأس الكؤوس الافريقية 2000 التي احرز لقبها في كانون الأول ديسمبر الماضي، وسجل هدفين لمنتخب مصر في مرمى الجزائر في تصفيات كأس العالم 2002. ويتمتع بقبول كبير من جماهير الكرة بسبب تألقه اللافت مع منتخب مصر في المباريات القليلة التي لعبها، وهدفاه في مرمى الجزائر في 3 دقائق أعادا الابتسامة الى شفاه الجماهير المصرية. وتمكن السعيد، بأهدافه الوفيرة مع دوره الرئيسي صانعاً للأهداف، من إعادة الزمالك مجدداً لإحراز بطولة الدوري التي غابت عن الفريق لسبعة مواسم متتالية، ويشكل مع التوأمين ابراهيم حسن وحسام حسن ولاعب الوسط تامر عبدالحميد الأركان الأربعة للفوز الكبير. وجاء اختياره كثالث أحسن لاعب عربي في استفتاء مجلة "الوطن الرياضي" تتويجاً لعامه الرائع. ولكن الأمور لا تسير دائماً في طريق واحدة. وتتجه أصابع الاتهام كثيراً نحو طارق السعيد في سلبيات تقلل من مكانته كأحد النجوم الكبيرة في ساحة الكرة المصرية، فهو يتعمد التمثيل كثيراً داخل منطقة الجزاء للحصول على ركلات جزاء، وهو ما يستفيد منه مراراً بخداع الحكام واكتساب قرارات غير مشروعة، وكانت ركلة الجزاء التي نالها في مباراة كانون ياوندي الكاميروني في نهائي كأس الكؤوس الافريقية في القاهرة من الحكم الدولي المغربي عبدالرحيم العرجون نموذجاً صارخاً للخداع، واثبتت إعادة اللعبة أن الحارس الكاميروني - الذي تعرض للطرد في هذه اللعبة - لم يلمس طارق مطلقاً. وتكرر الحدث مراراً في الدوري المحلي، ووصل إلى ذروته مع الحكم الدولي محمد كمال ريشة في مباراة المقاولون العرب، وكشفت إعادة اللعبة أيضاً تورط الحكم في ركلة الجزاء التي أهداها للسعيد. وبالطبع فهو ينال انذارات كثيرة من الحكام الذين يكتشفون هذه اللعبة، لكن الانذارات الأخرى التي ينالها تكون بسبب الخشونة غير المبررة او الاعتراض على الحكام او بسبب أخطاء أخرى تافهة تعرضه لعقوبات كثيرة وايقافات متكررة، وما أغرب أن نجده متصدراً لقائمة اللاعبين الأكثر حصولاً على الانذارات في الموسم. ووصل الأمر نهايته بواقعة طرده في مباراة مزارع دينا بسبب اعتدائه على حارس المرمى المنافس اثناء محاولته الحصول على الكرة من الشباك بعد إحرازه الهدف، ووقع السعيد في خطأ لا يغتفر بالبصق عقب إشهار البطاقة الحمراء في وجهه. إيجابيات طارق السعيد الهداف الموهوب والنجم الفنان كثيرة. وسلبياته - بكل أسف - وفيرة أيضاً. والمجد لا يتوافر الا للاعب صاحب الايجابيات الخالدة والسلبيات المحدودة. إلى بلجيكا طارق السعيد لن يبقى مع الزمالك في الموسم المقبل، لأنه تلقى عدداً من العروض المغرية للاحتراف في أوروبا، وابرزها من اندية بلجيكا هي اندرلخت وبروج وغنت. وسبق مسؤولو اندرلخت الجميع بالحضور الى القاهرة وفتح باب المفاوضات مباشرة مع إدارة الزمالك، وعرض النادي البلجيكي مليون ومئة ألف دولار لشرائه، واشترطوا انضمامه إلى صفوفهم في حزيران يونيو المقبل لبدء فترة الإعداد والخضوع للفحوص الطبية، وتمسكت إدارة الزمالك بالحصول على مليون و250 ألف دولار مع استمراره مع النادي حتى نهاية تموز يوليو المقبل لخوض نهائيات كأس العالم للأندية في اسبانيا، وانتهى الأمر لتوقيعه لأندرلخت مساء أول من امس. ويرتبط السعيد مع نادي الزمالك بعقد حتى العام 2004، وهو الأكبر إغداقاً بين كل عقود لاعبي الفريق بعد النجوم الكبار حسام وإبراهيم وحازم. ويصل متوسط الدخل السنوي لطارق السعيد إلى ربع مليون جنيه مصري - ما يعادل 62 ألف دولار - وهو ربع الدخل المتوقع له في حال احترافه مع اندرلخت أو أي ناد أوروبي آخر. أقوال ورد طارق السعيد ل"الحياة" على بعض الاتهامات الموجهة له: - أنا ضحية الحكام، وعشرات من ركلات الجزاء الصحيحة لي تمر مرور الكرام لأن الصحافة اقنعت الحكام أنني أمثل في منطقة الجزاء، وهو أمر غير صحيح وسقوطي في المنطقة لم يكن مقصوداً في يوم من الأيام، لكنه يتبع خشونة أو عنف أو إعاقة في معظم الحالات أو نتيجة اختلال في التوازن في حالات أخرى. ولا يمكن لأي لاعب في العالم الاحتفاظ بتوازنه في كل الأوقات. - الاحتراف هو بداية الطريق الصحيحة في مشواري الكروي، لكنه لن يمنعني من الاحتفاظ بمكاني الدائم في منتخب مصر "عشقي الأول". - الزمالك استحق بطولة الدوري عن جدارة واستحقاق وبفارق كبير في المستوى عن بقية الفرق الأخرى.