وزير الحرس الوطني يرعى حفل خريجي كلية الملك عبدالله للقيادة والأركان    نائب أمير الشرقية يطّلع على تقرير "نور"    أمير حائل يطلع على جناح أمانة حائل ويشيد بدورها في المنتدى    منتدى حائل للاستثمار 2025.. انطلاقة تنموية تقودها حزمة مبادرات لتغيير المشهد الاقتصادي للمنطقة    تفعيل اقتصاد المناطق    «الداخلية» تصدر قرارات إدارية بحق (20) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    ضبط 14987 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    سعود بن نايف يطلق برنامج "تطوع الشرقية"    برعاية نائب أمير الرياض.. بحث مستجدات مجالات الميتاجينوم والميكروبيوم    وكيل وزارة التعليم: في "آيسف" أبهرنا العالم    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة «مليون حاج»    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    أمير تبوك يستقبل نادي نيوم ويبارك لهم تتويجهم بلقب دوري يلو والصعود الى دوري روشن    جمعية مالك للخدمات الإنسانية بالمحالة في زيارة ل "بر أبها"    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد على تسخير كافة الوسائل التقنية ووسائل الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات الرئاسة العامة في حج هذا العام    "سالم الدوسري" هلاليًا حتى عام 2027    ثقافة وفنون المناطق تطلق «رحلة فن»    المملكة.. إخراج سورية من عزلتها    «الدعم» تقصف مخيم نازحين وتوقع 14 قتيلاً بدارفور    رؤية 2030 ودعم الرياضة في المملكة العربية السعودية    انتحاري يقتل 10 أشخاص في مقديشو خلال حملة تجنيد    تواصل سعودي نمساوي    19 ألف زيارة تفتيشية بمكة والمدينة    إيران: شروط واشنطن ستُفشل المحادثات النووية    نائب ترمب: الولايات المتحدة قد تنسحب من حرب أوكرانيا    سهام القادسية تُصيب 9 ميداليات في كأس الاتحاد    الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي    "الصحة العالمية": نواجه عجزا بنحو 1.7 مليار دولار خلال العامين المقبلين    اختتام بطولة غرب المملكة في منافسات الملاكمة والركل    مطارات الدمام تنظم ورشة بعنوان "يوم المستثمر" لتعزيز الشراكات الاستراتيجية    حقيقة انتقال رونالدو وبنزيمة وإيبانيز إلى الهلال    محافظ أبو عريش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية    صندوق الاستثمارات العامة يجمع أكثر من 1000 من أعضاء مجالس الإدارة وتنفيذيّ شركاته    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحصل على اعتماد JCI للمؤسسات كأول مجموعة صحية خاصة في المملكة    حرس الحدود ينقذ 10 مقيمين من الجنسية المصرية بعد جنوح واسطتهم البحرية بالقنفذة    حلول واقعية لمعالجة التحديات المعاصرة التربوية    لمسة وفاء.. الشيخ محمد بن عبدالله آل علي    أسواق    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    أتعلَم أيُّ فرحٍ أنت؟    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    مجلس إدارة مؤسسة «البلاد» يقر الميزانية العمومية    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    مركز الملك سلمان يوزع ملابس وأغذية للأسر المحتاجة بسوريا    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    أطباء يعيدون كتابة الحمض النووي لإنقاذ رضيع    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    النفط يتعافى مع مؤشرات بتراجع التوترات الجيوسياسية    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشلالات الهادرة تنفث زبدها في أعماق الأرض وصفحة السماء . "أغواسو" مسطح مائي خرافي في اميركا الجنوبية يجتذب السياح المغرمين بالجمال الطبيعي وصخب المياه
نشر في الحياة يوم 01 - 03 - 2001

في لغة هنود الغواراني الذين يعيشون في أقصى شمال الأرجنتين يعني تعبير "أغواسو" الذي يعني بالعربية "الماء العظيم". والماء العظيم نهر هائل يبلغ اتساع مداه في نقطة تلتقي فيها حدود البرازيل والارجنتين وباراغواي. وفي تلك المنطقة الحدودية ينتهي النهر الى أكبر شلالات في العالم هي شلالات أغواسو.
فور وصولك الى "أغواسو" وهو اسم مدينة سياحية ارجنتينية اقتطعت من الغابة الكثيفة التي تحيط بالنهر، واسم مدينة برازيلية قريبة منها، يستقبلك صوت لا ينقطع حتى مغادرتك للمنطقة، هو صوت الماء الهادر للنهر العظيم القادم من عمق الادغال الكثيفة التي تشكل جزءاً من غابات الامازون، لكن هذا الصوت يأخذ في بعض الاحيان شكل حفيف الشجر واحياناً اخرى يأخذ شكل هدير أو زئير أو أنين عظيم تعبيراً عن ألم لا بد ان يكون عظيماً.
في تلك المنطقة الحدودية ما زال يعيش هنود الغواراني موزعين بين الدول الثلاث. وأحفادهم، الذين تقابلهم أينما ذهبت هناك والذين يعمل كثيرون منهم أدلاء سياحيين، ما زالوا قادرين على ان يرووا للسياح حكايات من تاريخهم المليء بالعذاب على أيدي "المبشرين" بالدين المسيحي الذين ارتكبوا المجازر ضدهم في محاولات ل"هداية" أولئك الوثنيين الى الديانة المسيحية، وهو ما سجلته سينما هوليوود في عدد من أفلامها التي ربما كان اشهرها فيلم "البعثة" الذي مثله روبرت دي نيرو عن تلك التجربة القاسية التي تعرض لها هنود الغواراني تحديداً في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وتم التصوير في المنطقة نفسها.
صوت الماء الآتي من عمق الادغال يزداد ارتفاعاً كلما توغلت عميقاً في الغابة الكثيفة الاشجار التي تخفي النهر العظيم. لذا أقام كل من البلدان الثلاثة التي ينتشر النهر والشلالات على أرضها ممرات اسمنتية تنتهي مع انتهاء حدود الغابة وبدء تدفق الماء المتساقط من ارتفاعات شاهقة. وقرب هذا الماء المتساقط تمتد الممرات الاسمنتية المحاطة من جانبيها بالحواجز الخشبية أو الحديدية لتحمي السائرين من السقوط. والسقوط هنا يعني الموت المحتم. فالماء الذي يصبح قريباً من المغامرين بالدخول بعيداً والسير فوق الممرات نحو عمق الشلالات ليس رحيماً. انه ماء غاضب يثير الرعب بهديره الشبيه بزئير الاسود الجريحة.
والوقوف على بعد مترين أو ثلاثة امتار فقط من الماء المتدفق بقوة هائلة يعطي الناظر شعوراً بضآلة الحياة البشرية التي تعجز عن الوقوف لحظة في وجه هذا التيار المائي العاتي. وعبر الممرات الاسمنتية يمكن التنقل الى مناطق مختلفة من تلك الشلالات الهادرة، لكن ذلك لا يعطي الصورة كاملة لذلك المشهد المهيب للشلالات، فإن كان من الصحيح ان هذه الممرات تمكنك من مشاهدة المياه الهادرة عن قرب لا يزيد في بعض الحالات عن مترين، فإنها في الواقع لا تريك الا جانباً ضئيلاً منها، سواء كان ذلك الجانب من أسفل الشلالات أو من فوقها، اذ يمتد أمام الناظرين نهر هائل المساحة ينطلق محملاً بالطمي من بين أشجار الغابات الكثيفة المتشابكة الاغصان، فيغطي المكان ويواصل سيره حيث يهوي فوق الصخور بقوة هائلة.
حنجرة الشيطان
ويقود أحد الممرات الاسمنتية الى مكان قريب يشرف على نقطة تلتقي فيها المياه المتساقطة الى الأسفل في ما يشبه الزاوية التي انفرجت قليلاً فاتخذت شكل حنجرة تتجمع فيها المياه لتتهاوى من ارتفاع يصل الى المئة متر، ولكن بسبب ضيق زاوية المثلث فإن جزءاً من المياه يرتد من الأسفل فائراً مرتفعاً أمتاراً عدة الى الأعلى ليغطي برذاذه الزوار الفضوليين الذين أبوا إلا ان يقتربوا من تلك النقطة الخطيرة من الشلال الهادر.
وتنبه هنود الغواراني الى وجه الشبه بين تلك النقطة التي يلتقي فيها الماء من كل جانب وبين الحنجرة الضيقة، لكنهم بعقليتهم الاسطورية منحوها مسحة من الخرافة، فقد كان هؤلاء يعتقدون بأن روحاً شيطانية يتلبس المياه في تلك المنطقة، وان تلك النقطة التي تضيق عن استيعاب المياه ما هي إلا حنجرة الشيطان التي تنفث الماء المتجمع فيها كلما تكاثر. لذا فقد اطلقوا على هذه النقطة تحديداً اسم "حنجرة الشيطان".
لكن هذه ليست الاسطورة الوحيدة التي حيكت حول المياه الهائلة التي تبدو وكأنها انبثقت من بين الاشجار. وتقول احدى أساطير قبائل الغواراني ان شاباً هندياً أحب فتاة عمياء، وانهما ضلا طريقهما يوماً في الغابة. وبينما هما سائران وصلا الى نقطة انكشفت امامهما المياه فيها بكل جبروتها وعنفوانها. وأمام هذا المشهد الرهيب بدأت الفتاة تبصر وكان أول ما قالته "الماء العظيم". ومن هنا جاء اسم المنطقة "أغواسو".
تأتي المياه الى "أغواسو" من البلدان الثلاثة التي ذكرناها عبر نهر حمل الاسم نفسه. وهو نهر يفصل بين تلك البلدان التي توزعت عليها مساقط المياه وعددها نحو 275 مسقطاً. وعلى رغم ان اغلب هذه المساقط موجود في الجزء الأرجنتيني من منطقة الشلالات، فإن الجزء البرازيلي يؤمن للزائر مشهداً اكثر جمالاً وجلالاًَ لتلك الشلالات التي يصل ارتفاعها في بعض الاحيان الى المئة متر كما اسلفنا. وعلى من يود ان يحظى بمشهد باهر الجمال، مشهد يكشف اكبر عدد من مساقط المياه ان يستأجر طائرة هليكوبتر ويطير محلقاً فوق المشهد الرائع ليستمتع بكل تفاصيله، أو ان يعبر الحدود الى البرازيل ومن هناك يشاهد الممرات الاسمنتية وقد تعرجت مخترقة الاشجار حتى كادت تصل الى عمق الشلالات، ومنه يرى الماء المتساقط في حنجرة الشيطان والذي ما يلبث ان تلفظه الهاوية السحيقة بين حين وآخر لتصعد مثل أنفاس شريرة يشق صوتها عنان السماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.