تحاول "الحياة" من خلال رصدها بعض الاوهام الجديدة لدى عدد من الشباب العرب في اكثر من دولة عرض مدى التغيرات التي اصابت عدداًَ من الشرائح الشبابية. هنا جولة في بعض اوهام شابات سعوديات اختلفت مسارات حياتهن وتقاطعت في احيان كثيرة على رغم ما يوحي به كلامهن من مسافات تفصل ما اخترنه. استطاعت بدرية سعيد ان تحقق التميز بطريقتها الخاصة وفضّلت ان تسلك طريق الموضة فاعتبرته سمة تميّزها، فبالنسبة إليها هو ليس انحرافاً لكنه تفريغ لما في النفس من هموم الحياة. وتقول بدرية: "منذ صغري وأنا ابحث عن كل جديد. ليس عيباً ان نجدد ما بأنفسنا وأن نركض خلف الموضة. وهي جزء من المنافسة. وبطبيعتي احب التميز فأنا أهوى الموضة بشغف، وكيف لي أن أغيّر من طباعي؟ الذي يجعلني في هوس مع الجديد هو القنوات الفضائية ودور الأزياء، على رغم ان غالبية ما تعرضه مرتفع الثمن إلا انني اشتريتها ولا أبالي بثمنها في سبيل ان أكون متميزة، وهذه الميزة جعلتني مبذرة كثيراً ومع ذلك أنا مقتنعة بما افعل. اذكر ان كمية الأكياس التي في غرفتي وبقية علب العطور والكماليات والأكسسوارات ملأت حاوية القمامة امام منزلنا، لم اذكر يوماً انني خرجت من المنزل إلا وحملت معي من المشتريات التي تملأ دولاب خزانة ملابسي. لم أعد اعرف اين اضع ملابسي الجديدة، المشكلة انني اشتريت دولاباً جديداً، وكل يوم وكل ساعة تزيد كميات المشتريات لدي، لم أفكر بأن اقتصد لأنني اخشى ان يسبقني احد في التميز مع انني في قرارتي اهتم بالموضة لنفسي لا من اجل الصديقات او غير ذلك، فأنا احب ان اظهر امام نفسي بمظهر لائق قبل ان اظهر امام الناس وأفكر مراراً ان اتفرّغ قليلاً لأقوم بتصميم ازياء للأطفال والنساء حتى استفيد من تطرفي في الموضة. لدي الكثير من الخبرات ولا اعتبر ذلك انحرافاً لا بل تفريغاً لما في النفس من كبت وهذا اقرب طريق". صوت الأعماق اتخذت أمل عبدالله الشابة التي كانت مغرمة بمشاهدة الأفلام الهندية قراراً تعتبره شجاعاً، فعند نهاية كل اسبوع او ربما شهر وبعدما تستلم مكافئة الجامعة تتجه مسرعة الى اقرب استديو لتقتني اجمل وآخر جديد لدى ابطال الافلام الهندية التي غلبت على طباعها، فأصبحت تتحدث بلغتهم وتلبس لباسهم وتقتني صور الممثلين، وفي لحظة لم تتوقعها امل قررت بجدية وقالت: "نعم قررت ان اسلك طريق الخير والاستقامة، والارتواء من نبع الهداية، دخلت حياة جديدة طيبة سعيدة فقد كنت في دوامة صراع بين الخير والشر. كنت في غاية الغباء وأنا اركض خلف مغريات الدنيا وأبحث عن جديد الفضائيات، حتى ملبسي لم يكن لباس امرأة مسلمة متعلمة متمسكة بتقاليدها وعاداتها ولم تسلم جدران غرفتي من غبائي بل تشكلت بالكثير من صور الممثلين والممثلات الى درجة انني لم اعد ارى لون الحائط. لكن صوتاً صادقاً هزّ اعماقي هزاً عنيفاً قال لي: رويدك فليس هذا طريقك. وكانت نسمات التوبة الصادقة هزّت كياني، وقلبت موازين حياتي وتغير ملبسي الى الرقة والخشوع والحب والتعطش للأعمال الصالحة فأخذت ادعو ربي، فتغيرت أهدافي وأحلامي ومسار حياتي وأصبحت كما يقول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: "من جعل الهموم همّاً واحداً همّ آخرته كفاه الله همّ الدنيا ومن تشعّبت به الهمم في احوال الدنيا لم يبالِ الله في اي أوديتها هلك"، وبدأت الأسئلة تدور في داخلي، كيف احمل هم الاسلام وكيف اكون داعية الى الله وكيف اكون نوراً يمشي على الارض وينير للناس الطريق الى الجنة. رحت اقطع الاشواط لأكون قريبة من الله ولأجول في مناحي طاعته نفساً تحمل اعباء الدعوة على كاهلها. فأصبحت شرياناً للدعوة المتدفق وقودها، وبدأت في تقديم المحاضرات والمشاركة في الندوات في مجتمعات النساء وساهمت في نشر الكتب والأشرطة الدينية والنشرات التوعوية ولم انسَ بإذن الله المحتاجين للدعوة الى الله، واسأل الله. أي حرية؟ كشف عالية عبدالرحمن سر حياتها الخطير. هي الطالبة في جامعة الملك سعود وتتمنى العيش بحرية. لكنها تقول: "هي ليست اي حرية، انها حرية الأحلام والآمال والتطلعات مع التمسك بتعاليم الدين الحنيف التي شرعها الله". وتضيف بكل جرأة: "أريد ان احقق احلامي وأيقنت ان احلامي هذه لن تتحقق إلا في الخارج. وهذه الرغبة كانت وراءها دوافع أولها حرية المرأة ولا اقصد هنا السفور والتبرج. لأن هذه الأشياء تعتبر فريضة علينا ولكنني اقصد ان المرأة خارج المملكة تستطيع ان تقود السيارة اما هنا فلا، وذلك ليس لأنه حرام شرعاً ولكن منعه كان بسبب امور مثل العادات والتقاليد وبحجة ان المرأة تعجز عن اصلاح اي عطل يطرأ على سيارتها. فالرجال هم الذين التمسوا هذا العذر". وتحدثت عالية عن العمل والتعليم فقالت: "نحن الشابات مقيّدات في اختيار مجال دراستنا وعملنا على عكس الشباب الذين لهم الأسبقية علينا في اختيار اي مجال تعليمي او عملي. من ناحية الترفيه ليس للنساء اماكن يستطيعون ان يرفهوا فيها عن انفسهم بسبب مضايقات الشبان ولأن المرأة يجب ان تلتزم منزلها. ولا استطيع ان احقق احلامي هنا مع الأسف الشديد، فأنا كنت احلم ان ادرس هندسة وديكور مع علم النفس، وأن احضّر للماجستير والدكتوراه. كنت اطمح الى ان اكون مشروعاً يتناسب مع دراستي، ولكن هنا هذا الأمر صعب، فهنا يفرض علينا الواقع، دراستنا ومجال عملنا. فها أنا ادرس اقتصاد علوم ادارية، اما العمل فالله اعلم اذا كان بإمكاني ان أؤدي عملاً يتعلق بدراستي او ان اجلس في المنزل وأعلّق شهادة البكالوريوس على الحائط".