} تعتقد الاممالمتحدة الآن ان الفرصة سانحة لإعادة اعمار افغانستان من جديد، لكنها تشدد على ان المهمة ستكون معضلة وستكلف بلايين الدولارات. ويقدر ان اعادة بناء البنية التحتية يمكن ان تكون سهلة نسبياً مقارنة بإعادة بناء مجتمع يفتقد الادارات الحكومية والمتعلمين. اسلام آباد - رويترز - قال تقرير للامم المتحدة صدر في اواخر عام 1993 ان نظام التعليم في افغانستان تحول الى كارثة وان الرعاية الصحية انهارت وان 80 في المئة من شبكة الهاتف دمرت، وان اكثر من 75 في المئة من السكان يعانون من الأمية. وتفاقمت الامور في ما بعد اكثر. وقال نوت اوستبي نائب رئيس برنامج التنمية التابع للامم المتحدة في افغانستان: "كنا في ذلك الوقت بصدد ان نقترح برنامجاً سريعاً لإعادة البناء يتكلف 640 مليون دولار على مدى سنتين". واضاف: "لم يكن يعني ذلك اعادة بناء كل شيء في البلاد بأسرها. تلك امور تكلف بلايين الدولارات. بلايين لا اعتقد انه ممكن تقديرها. واضح ان الامور ساءت اكثر منذ ذلك الحين". وما زالت اكوام من التقرير الذي صدر في ستة اجزاء في تشرين الاول اكتوبر عام 1993 تقبع بحالتها الاولى وقد فاحت رائحة التحلل منها في مكتب اوستبي من دون ان ينفذ ما فيها ابداً. وتعتقد الاممالمتحدة الآن ومع التطورات الاخيرة ان الفرصة سانحة من جديد لاعادة بناء البلد المدمر. الا ان المهمة ستكون معضلة وكذلك التكاليف. وعلى رغم الحرب الشرسة التي خاضها المجاهدون الافغان بدعم اميركي ضد الاحتلال السوفياتي منذ عام 1979 فإن قطاعات من المجتمع الافغاني استمرت تعمل حتى انهارت آخر حكومة مدعومة من السوفيات في نيسان أبريل عام 1992. وخرجت العاصمة كابول من تلك الحرب سالمة من دون ان تصاب بأذى، اذ كانت الجامعة والنظام التعليمي والمستشفيات والخدمات المدنية تعمل بصورة طبيعية. لكن كابول تحولت الى اطلال بعد الحرب بين المجاهدين التي انتهت بانتصار "طالبان" عام 1996. وعلى مدى خمسة اعوام اهمل قادة "طالبان" غير المتعلمين والمتشككين عادة في التغيير، الذي تفوح منه رائحة الغرب غالباً، القيام بمهام الحكومات في العصر الحديث. ولحقت في الوقت نفسه اضرار جسيمة بشبكات الهاتف والكهرباء والطرق. الا ان اعادة بناء المنشآت والطرق يمكن ان تكون سهلة نسبياً مقارنة باعادة بناء مجتمع افتقد تقريباً المهام الطبيعية للحكومات والمتعلمين. فالادارات الحكومية التي ما زالت تعمل يديرها رجال يتجهون للتقاعد وليس ثمة احتمال لاستبدالهم. وغالباً غادر البلاد كل من سنحت له الفرصة فيما اختفت المدارس. وحظرت "طالبان" تعليم الاناث ولا يدرس الذكور الا العلوم الدينية. وقال اوستبي: "جيل كامل من الافغان نشأ من دون ان تتوافر له فرصة التعليم العادي". وبطبيعة الحال لن تعود الكفاءات الافغانية بعد كل ما جرى على مدى ربع القرن الماضي. وقال مايك ساكيت رئيس برنامج المساعدات الانسانية لافغانستان: "مقارنة بوضع الموارد البشرية اعتقد ان تجديد البنية التحتية الافغانية ايسر واسرع نسبياً". وأضاف: "المسألة ليس مجرد تكاليف مالية فحسب. انها الزمن الذي تستغرقه عملية تعليم الاطفال وتوفير التعليم الفني لاولئك الذي ربما اكتفوا فقط بالتعليم الابتدائي". وتابع: "انها مهمة تكلف بلايين الدولارات وتستغرق سنوات عدة. هذا هو حجم المشكلة". وأشار ساكيت الى ان افغانستان ستحتاج الى مساعدات ضخمة على جبهات عدة ولسنوات مقبلة. فهناك اعادة بناء البنية التحتية وتشكيل حكومة فاعلة وبناء انظمة القضاء والمؤسسات الاقتصادية مثل البنوك والخدمات الاجتماعية كالرعاية الصحية والتعليم. ولا احد يعرف الى متى يمكن ان تستمر الحرب التي بدأتها الولاياتالمتحدة على افغانستان. باكستان تتحدث عن حرب قصيرة والمسؤولون الاميركيون والبريطانيون تركوا المسألة مفتوحة فيما يحاولون العمل على تشكيل حكومة تخلف "طالبان". وحذر مسؤلو انقاذ من ان التحدي الاكبر هو الا يتخلى العالم عن افغانستان كما حدث بعد الانسحاب السوفياتي. وقال ساكيت في مقابلة: "خبرة مراحل ما بعد النزاعات الاخرى ليست طيبة دائماً. بمجرد ان ينتهي النزاع يظهر ميل لتجاهل مشاكل اعادة البناء. وتهمل الاستثمارات الضرورية". واشارت الولاياتالمتحدة وبريطانيا الى ان اخطاء عقد مضى لن تتكرر. لكن ليس معروفاً بعد ما اذا كان لديهما الاستعداد لتمويل اعادة تعمير افغانستان على مدى سنوات كما تمولان الحرب الحالية، حتى تصل واشنطن لهدفها المباشر بإنهاء التهديد الذي يشكله المتشدد السعودي المولد اسامة بن لادن. وقال ساكيت: "ما لم تكن هناك استثمارات ضخمة، فاننا نخاطر بتكرار مسلسل الفقر والجريمة الاقتصادية التي افرزت الارهاب الذي رأيناه".