عزا الدكتور أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل للكيمياء لسنة 1999 إحجام الأدمغة العربية المهاجرة عن العودة لبلدانها الى "غياب المناخ العلمي المناسب وفَقْد الأرضية التي تجعلهم قادرين على البحث والعمل في مجالات تخصصهم العلمي". وقال ل"الحياة" في ختام زيارة لتونس جال خلالها على الجامعات ومراكز الأبحاث الرئيسية "من الضروري البدء بتأمين القاعدة العلمية في العالم العربي على غرار ما فعلته المانيا واليابان وعندها ستعود الأدمغة العربية من تلقاء نفسها". ونفى أن تكون هجرة العلماء العرب مُضِرة ببلدانهم الأصلية في المرحلة الراهنة "لأن كثيراً منهم يحاول مساعدة وطنه من خلال موقعه الحالي ومَدِّ يد العون للعرب بأفكاره وأبحاثه وجهده العلمي". وسئل عن التفاوت بين تأثير المهاجرين العرب وقوة اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة فرأى ان "الظروف التاريخية لهجرة العرب والمسلمين الى القارة الأميركية لم تكن مثل هجرة الأوروبيين اليها ففيما شملت الأولى تجاراً بسطاء من الشام تشكلت الهجرات الأوروبية - ومن ضمنها اليهود - من علماء وباحثين ورجال أعمال سرعان ما تغلغلوا في الأوساط المسيطرة على عصب المجتمع الاميركي". لكنه استدرك مؤكداً ان هذا المسار التاريخي تغير "لأن الظروف الراهنة تدل على تطور التأثير العربي والاسلامي داخل المجتمع الاميركي ما جعل أحد المرشحين للرئاسة يتحدث عن الكنيسة والمسجد في احدى حملاته الانتخابية وهذا أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الأميركية". وقال "ان هذا التطور يدل على ان العرب والمسلمين المقيمين في الولاياتالمتحدة سيكون لهم في يوم قريب تأثير متزايد في القرار السياسي الأميركي". وشدد على أهمية تأثير الظروف المحيطة بالباحث في عمله الأكاديمي وقال: "لا يمكن أن نطلب من الباحث الإبحار في مجال تخصصه الى حد التميز والابتكار فيما باله مشغول بما ينقصه وينقص أسرته من قوت وملبس وضرورات حياتية أخرى أو في مشكلة المواصلات مثلاً". ورأى ان الظروف المحيطة بالباحث "تكون احياناً محددة في بلوغه درجة الابداع والتفرد أو قصوره عنهما". وحض العرب على "تغيير طريقة التعاطي مع الباحثين "فليست هناك فائدة من نظام التساوي في الامتيازات والرواتب والتقدير وانما ينبغي وضع نظام تمييزي يعتمد على الحوافز بحسب المؤهلات والجهدا العلمي فذلك هو الكفيل وحده بتشجيع الباحث" على حد قوله. واعتبر ان العالم العربي يحتاج الى قاعدة علمية وتكنولوجية متينة قادرة على "استقطاب العلماء من خارجه وتغني أولئك المقيمين في الداخل عن الهجرة بحثاً عن جهات تقدر علمهم ومواهبهم". وشدد على ان العالم اينما كان يحتاج الى "حد ادنى من الشعور بالرفاهية والاهتمام بما يفعل والحصول على حوافز تدفعه الى الأمام وتبعث فيه روح المبادرة والبحث". ورأى ان هذه "الأمور تشكل حقوقاً مشروعة لأي باحث أو عالم"، إلا أنه أكد ان نجاح أي عالم سواء كان داخل العالم العربي أو خارجه مرتبط بمدى خدمته لوطنه. وسئل عن مشاريعه للمرحلة المقبلة فقال ان مخبره الذي يضم 150 خبيراً أنجز منذ حصوله على جائزة نوبل 12 بحثاً جديداً. وأفاد انه يسعى حالياً بكل جهده الى انشاء جامعة أو مدينة للعلوم والتكنولوجيا تفتح فروعاً لها في جميع البلدان العربية. واضاف انه يعكف حالياً على اعداد مسح شامل للقاعدة العلمية والتكنولوجية في العالم العربي "من أجل ارساء تعاون علمي في المستقبل يؤسس لغد أفضل".