تعهد رئيس الحكومة المصرية الدكتور عاطف عبيد الالتزام الصارم بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، وتوفير التدابير اللازمة لتحقيق مبدأ "قاض لكل صندوق انتخابي"، ضماناً لنزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقال عبيد، في أول بيان رسمي يلقيه عن التطورات الأخيرة أمام جلسة غير عادية لمجلس الشورى أمس، إن "استجابة الرئيس حسني مبارك لأحكام القضاء، تمثل تأكيداً للاحترام الكامل للمؤسسات، التي اقامها المجتمع المصري، وحدد لكل منها دورا يُمارس وأحكاما تنفذ". وشددا على أن "الحكومة ستقوم بدورها، وتوفر كل الامكانات لتحقيق إشراف قضائي كامل ومباشر على جميع مراكز الاقتراع الفرعية، في تجربة فريدة من نوعها، من أجل تعميق جذور الديموقراطية في مصر". وكان المجلس ناقش قانونا أصدره مبارك لتعديل قانون الحقوق السياسية، استجابة لحكم المحكمة الدستورية العليا في 8 تموز يوليو الجاري، الذي حظر انتداب موظفين حكوميين للإشراف على الانتخابات، وقصر هذا الحق على الهيئات القضائية فقط وفقاً لنصوص الدستور. وجاءت الموافقة على القانون بالاجماع، وأحيل على البرلمان، لإصداره اليوم، والعمل به في الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. يذكر أن عدد مراكز الاقتراع الفرعية يبلغ نحو 42 ألف لجنة انتخابية، سجل فيها نحو عشرين مليون ناخب، فيما يبلغ العدد المتاح من القضاة للاشراف على الانتخابات نحو ستة آلاف قاض. وتعتزم الحكومة إجراء تعديلات على مراكز الاقتراع لخفض أعدادها الى نحو 18 ألف لجنة فقط، بزيادة أعداد الناخبين المسجلين في كل مركز، وإجراء الانتخابات على أيام عدة ربما يصل مجملها الى ثلاثة أسابيع، وهي مطالب كانت أحزاب المعارضة قدمتها ، لكن الحكومة رفضت الاستجابة لها، على خلفية نقص أعداد القضاة. غير أن المحكمة الدستورية أكدت في الحكم أن "الدستور لم يلزم بإجراء الانتخابات في يوم واحد". من جانبها أظهرت المعارضة تأييداًَ لقرار مبارك تعديل القانون، غير أنها نبهت الحكومة، إلى ضرورة وضع ضمانات لتنفيذ التشريع الجديد. وحذر النائب العام السابق المستشار رجاء العربي من أي تحركات ربما تسيء إلى القضاء، وقال إن "على كل الهيئات التزام الحيدة، وتطبيق القانون، بعد أن أشرف القضاء على الانتخابات، حتى تخرج نزيهة، ولا تشوب ثوب القضاء الذي نحترمه ونجله جميعاً أي شائبة". وبدا أن التخوف من التدابير الحكومية التنفيذية لحكم المحكمة الدستورية، لم يقتصر على قوى المعارضة وإنما امتد إلى صفوف نواب الحزب الوطني الحاكم، إذ حذر عدد من هؤلاء، من تأثير دمج اللجان، على العملية الانتخابية، وقدرة الناخبين على الأدلاء بأصواتهم ما قد يؤثر على التعبير عن إرادة الناخب، وفقاً لنصوص الدستور. وشهد اجتماع عاجل للجنة التشريعية في مجلس الشعب صباح أمس قلق النواب في شأن إجراءات يوم الاقتراع في الانتخابات، على خلفية احتمالات تكدس مراكز التصويت بالناخبين، وعدم توفر وقت كاف للإدلاء بأصواتهم، وارتباك كشوف الناخبين، واكتظاظها بأسماء الموتى والمهاجرين والمجندين. لكن وزير شؤون البرلمان السيد كمال الشاذلي شدد على أن "الحكومة لن تلتف على حكم القضاء، والقانون الجديد جاء متطابقاً لحكم المحكمة الدستورية العليا، بتوفير قاض لكل صندوق انتخابي"، مشيراً الى أن "التدابير التي تعتزم الحكومة تنفيذها لن تعيق التعبير عن إرادة الناخبين، والقضاة يملكون سلطة كاملة لحسم أي خلاف ينشب داخل مراكز الاقتراع".